مجلس النواب اليمني يعيد الانعقاد للمرة الأولى منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء في مارس/ آذار 2015.
ولاية المجلس الأصلية منتهية منذ 10 سنوات، وتركيبته تعبر عن الوضع السياسي في اليمن منذ 16 عامًا. فلماذا دعا عبد ربه منصور هادي مجلس النواب للانعقاد الآن بعد كل هذه السنوات؟ وماذا يمكن للمجلس أن يغير في الأزمة اليمنية؟ الإجابة في:
بحسب نص الدستور اليمني، يمثل مجلس النواب السلطة التشريعية، ويتولى مسؤولية اقتراح واقرار وتعديل القوانين، والسياسة العامة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة، والحساب الختامي، ويمارس الرقابة على أعمال الهيئة التنفيذية.
ويحق لأعضاء مجلس النواب استجواب ومنح وحجب الثقة عن الحكومة، وإقرار برنامجها العام، وتشكيل لجان تقصي الحقائق. ومصادقة مجلس النواب واجبة على المعاهدات والاتفاقيات السياسية والاقتصادية الدولية ذات الطابع العام، خاصة المتعلقة بالدفاع أو التحالف أو الصلح والسلم والحدود.
وفق الدستور، يتألف مجلس النواب من 301 عضو، وتشترط اللائحة الداخلية للمجلس لصحة اجتماعاته حضور أكثر من نصف أعضائه مع استبعاد الأعضاء الذين أٌعلن خلو مقاعدهم.
وتتراوح تقديرات عدد المقاعد الشاغرة بسبب الوفاة إلى ما بين 24 إلى 34 عضوًا.
وحضر الجلسة الأولى لمجلس النواب في دورة الانعقاد الجديد 145 نائبًا، وهو ما يؤمن النصاب المطلوب البالغ في أقصى التقديرات 139 عضوًا، بعد استبعاد الأعضاء الذين خلت مقاعدهم بسبب الوفاة.
مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء بحسب المادة 66 من الدستور، لكن الدستور أحال للائحة الداخلية للمجلس تحديد الحالات والظروف التي يجوز فيها للمجلس عقد اجتماعاتـه خارج العاصمة.
وحددت المادة 5 من قانون رقم 1 لسنة 2006م بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب حالات انعقاد المجلس خارج صنعاء بـ”الظروف القاهرة بتلك التي يستحيل معها انعقاد المجلس داخل العاصمة”، واشترطت دعوة رئيس الجمهورية أو اقتراح هيئة رئاسة المجلس وموافقة الأعضاء.
وانعقدت جلسة مجلس النواب في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، بدعوة وحضور الرئيس عبد ربه منصور هادي.
أصدر الحوثيون بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء إعلانًا دستوريًا في 6 فبراير / شباط 2015، قضى بحل مجلس النواب، قبل أن يعيدوا محاولة عقده بعد 2017، خلال تحالفهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ولم ينجح مجلس النواب المنعقد في صنعاء مطلقًا في استكمال النصاب الدستوري، وسجلت أكبر جلساته مشاركة 100 عضو، لكنهم عمدوا لعقد المزيد من الجلسات الشكلية بين الحين والآخر، برئاسة رئيس المجلس القديم يحيى الراعي؛ في محاولة لإضفاء الشرعية على قرارات المجلس السياسي الأعلى، القائم بأعمال رئاسة الجمهورية.
واحتجز الحوثيون عددًا من نواب البرلمان، بينهم رئيسه يحيى الراعي في العاصمة صنعاء، كما اقتحموا منازل عدد من الأعضاء فور دعوة هادي المجلس للانعقاد ، على رأسهم الرئيس الجديد سلطان البركاني.
وهدد الحوثيون النواب بمصادرة ممتلكاتهم واعتقال أقاربهم حال التوجه الى حضرموت والمشاركة في الجلسة، لكن عددًا منهم نجح بالفعل في الوصول إلى مقر انعقاد مجلس النواب.
ونقلت النسخة الحوثية من وكالة سبأ الرسمية للأنباء عن مصدر مسئول في المجلس السياسي الأعلى وصفه لاجتماع مجلس النواب في سيئون بـ “الخيانة العظمى”.
ووصف المصدر الحوثي مخرجات مجلس النواب بـ “الباطلة والساقطة، معلنًا أن “المجلس السياسي الأعلى وجه الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق أحكام الدستور والقانون وخاصة المادة 125 من القانون الجزائي في حق كل من ثبت مشاركته”.
وتنص المادة 125 على عقوبة الإعدام “لكل من ارتكب فعلًا بقصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها أو سلامة أراضيها” بجانب الحكم بمصادرة كل أو بعض أمواله.
تشكلت قيادة مجلس النواب بشكله الحالي بالتوافق بين نواب المؤتمر الشعبي العام “حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح” والتكتل اليمني للإصلاح “إخوان اليمن”.
ويرأس مجلس النواب سلطان البركاني، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام منذ 2003، ويمثل أعضاء الحزب أغلبيته المطلقة.
وتوافقت الكتل البرلمانية على اختيار ثلاثة نواب لرئيس المجلس، هم محسن باصرة “إخوان” ومحمد علي الشدادي “مستقل”، وعبد العزيز جباري “حزب العدالة والبناء – منشقون عن المؤتمر”.
رغم قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي بنقل اللجنة العليا للانتخابات إلى العاصمة المؤقتة عدن، واصل الحوثيون عقد اجتماعات اللجنة في صنعاء، وصولًا لدعوة الناخبين للتصويت في “انتخابات تكميلية” لاختيار نواب جدد عن الدوائر التي أعلنت خلو عدد مقاعدها بالوفاة.
ويحاول الحوثيون من خلال هذه الخطوة الحصول على النصاب اللازم لعقد مجلس النواب الخاضع لسيطرتهم في صنعاء، في محاولة لمنح الشرعية لقرارات المجلس السياسي الأعلى الذي يسيطرون عليه.
اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في اليمن رفضت الإجراءات الحوثية، ووصفت الدعوة للانتخابات بالباطلة والصادرة عن غير ذي صفة.
رئيس مجلس النواب الجديد سلطان البركاني اتهم “الانقلاب الحوثي” بمحاولة إخضاع اليمنيين للمشروع الإيراني، معتبرًا أن عودة مجلس النواب للانقعاد في حضر موت “يسهم في تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة في اليمن”.
ودعا البركاني الدول العربية إلى دعم المجهود الحربي للشرعية في اليمن، مشيدًا بالدور الملتزم الذي تؤديه دول تحالف دعم الشرعية، وعلى رأسها السعودية والإمارات.
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وصف هو الآخر انعقاد مجلس النواب بـ “لحظة مفصلية تكشف تآكل المشروع الحوثي وعزلته عن الشعب”، وتمثل خطوة جديدة لاستعادة مؤسسات الدولة اليمنية.
ودعا البركاني الرئيس هادي للعودة لمباشرة مهام منصبه من العاصمة المؤقتة، وإلزام مسؤولي الدولة باتخاذ خطوات مماثلة.