اشتباكات عسكرية جديدة بين أذربيجان وأرمينيا، وقع فيها ضحايا من الطرفين بينهم مدنيون. الصراع بين البلدين بسبب منطقة ناجورنو كاراباخ ذاتية الحكم، والتي تزعم البلدان أحقيتهما في السيطرة عليها في صراع تسبب فيه الاتحاد السوفيتي من البداية. وتتورط فيه تركيا حاليًا.
ماذا يحدث بين البلدين حاليًا؟
ما علاقة تركيا؟
وكيف بدأت التوترات القديمة؟
س/ج في دقائق
ماذا يحدث بين أذربيجان وأرمينيا؟
في يوليو 2020، اندلعت اشتباكات خفيفة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في منطقة كاراباخ المتنازع عليها، أوقعت 16 جنديًا (4 من الأرمن و12 أذربيجاني). الأحداث دفعت مواطني أذبيجان للتظاهر مطالبين بالتعبئة العسكرية والرد على الهجوم واستعادة كاراباخ من الأرمن.
استجابت الحكومة وأعلنت التعبئة العسكرية العامة، لتندلع اشتباكات جديدة، الأحد، 27 سبتمبر، في منطقة كاراباخ، مع تقارير متلاحقة عن إسقاط آليات عسكرية وأضرار في صفوف القوات العسكرية والمدنيين.
واتهمت أرمينيا أذربيجان بشن هجوم جوي ومدفعي، ردت عليه بإعلان الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية العامة في البلاد.
وتعهدت تركيا بتقديم الدعم الكامل للأذربيجان، ودعت أرمينيا إلى التخلي عن “عدوانها”.
واتهم أردوغان أرمينيا بأنها أكبر تهديد لاستقرار المنطقة، وانتقد المجتمع الدولي لعدم اتخاذه رد فعل ضدها.
تقول وزارة الدفاع الأرمينية إن أذربيجان بدأت الهجوم على المستوطنات المدنية في العاصمة الإقليمية ستيباناكيرت، وإنها ردت بإسقاط طائرتي هليكوبتر و3 طائرات مسيرة، ودمرت ثلاث دبابات، متوعدة برد “متناسب” حملت القيادة العسكرية الأذربيجانية المسؤولية الكاملة عن تبعاته.
وأعلنت أرمينيا التعبئة العامة وفرضت الأحكام العرفية، وقال رئيس الوزراء نيكول باشينيان، استعدوا للدفاع عن وطننا المقدس.
أما أذربيجان فتزعم أنها كانت تصد هجوما مضادا على طول الجبهة لقمع النشاط القتالي للقوات المسلحة الأرمينية وضمان سلامة المدنيين. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن طائرة هليكوبتر فقدت بينما نجا طاقها، بينما دمرت قواتها 12 نظام دفاع جوي أرميني، وهو ما نفته أرمينيا.
وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إن سياسة أرمينيا هي شن حرب جديدة على مناطق جديدة، مدعيًا أنها تحاول استفزاز أذربيجان عن عمد، معتبرًا أن أرمينيا دولة محتلة ويجب مواجهة هذا الاحتلال ووضع حد له.
ما جذور الصراع بين الطرفين؟
تقع ناغورنو كاراباخ على الحافة الجنوبية لجنوب القوقاز. ويعود الخلاف عليها إلى الأيام الأولى للاتحاد السوفيتي.
في 1923 وبعدما خضعت المنطقة لموسكو، قرر جوزيف ستالين، المفوض السوفيتي وقتها لشؤون لقوميات، أن تكون ناغورنو كاراباخ منطقة حكم ذاتي، كجيب مستقل داخل أذربيجان، رغم أن 90% من سكانها أرمن والبقية أتراك أذريين.
وخلال السنوات الستين التالية، أثارت أرمينيا القضية بشكل دوري، لكن المجموعات التي تعيش في المنطقة تمتعت بسلام وهدوء نسبي، حتى بدايات انهيار الاتحاد السوفيتي 1988.
فمع تصاعد القومية في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي، خرجت مظاهرات حاشدة في العاصمة الأرمينية، يريفان، تطالب بفصل كاراباخ عن أذربيجان وجعلها جزءًا من أرمينيا.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1991، أعلنت ناغورنو كاراباخ استقلالها، وانفجرت حرب واسعة النطاق بين أرمينيا وجمهورية ناغورنو كاراباخ الجديدة من جهة، وأذربيجان من جهة أخرى. وبدأ الاقتتال العرقي.
وانتهت أعمال العنف بمذبحة سومجايت، التي شهدت طرد الأرمن من بلدة بالقرب من باكو. وسقط فيها ما بين 20 ألف و30 ألف شخص وفر حوالي 25% من السكان ولم يعودوا مرة أخرى لديارهم حتى الآن.
وبعدها سيطر الأرمن على المنطفة، واحتلوا بعضًا من الأراضي الأذربيجانية خارج منطقة كاراباخ وأنشأوا منطقة عازلة بين كاراباخ وأرمينيا. ولم تنته أعمال العنف إلا في 1994.
وأصبحت كاراباخ تتلقى الدعم المالي والعسكري من أرمينيا. لكن المنطقة لم تشهد هدوءًا حتى الآن، وتتكرر حوادث إطلاق النار المتفرقة بين الجانبين كل حين وآخر، ورصدت مجموعة الأزمات الدولية ما يقرب من 300 انتهاك في المنطقة منذ يناير 2015.
الجهود الدولية لحل أزمة كاراباخ مستمرة منذ عقود، لكنها لم تأت بأي نتائج تُذكر بسبب إصرار الطرفين على موقفيهما.
أحد المساعي كانت عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي تدخلت منذ بداية التسعينيات لحل النزاع. وشكلت فرنسا والولايات المتحدة “مجموعة منيسك” ارتكز هدفها الرئيسي على التأسيس لمهمة وقف إطلاق النار للأبد، لكن دون جدوى.
في 1994 وبوساطة روسية، اتفق الطرفان على وقف إطلاق النار، وجعل كاراباخ بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الأراضي الأذرية تحت يد الأرمن، لكن أعمال إطلاق النار المتفرقة استمرت لفترة، وسقط جنود من الجانبين. وأصبح الحل أصعب أكثر بإغلاق الحدود مع تركيا وأذربيجان وهو الإغلاق الذي تسبب في أزمة اقتصادية طاحنة لأرمينيا.
ومنذ ذلك الوقت تسود حالة من الجمود، يستاء الأذربيجان من خسارتهم أرضا بينما لا يظهر الأرمن أي نية لإعادتها.
لكن في نوفمبر 2009 أعلن الجانبان إحراز تقدم كبير في المحادثات، لكن التقدم توقف، ووقعت بعض الانتهاكات الخاصة بقرار وقف إطلاق النار، مثلما حدث في أبريل 2016 حينما سقط العشرات من الجنود من الطرفين في أعمال عدائية متبادلة.