بحسب قرار مجلس الوزراء 684 في 30 يوليو/ تموز، عدلت السعودية نظام وثائق السفر ليحق لـ “كل” مواطن طلبها، وألغت نصوصًا تلحق السعوديات بوثائق سفر أزاجهن أو أبائهن.
إسقاط الولاية ورد نصًا بتعديلات المادة الرابعة، التي قصرت تصاريح السفر على الخاضعين للحصانة والقصر المتوفى وليهم، بدلًا من الخاضعين للولاية والوصاية والقوامة.
وشملت التعديلات نظام الأحوال المدنية، بحذف مادة “محل إقامة المرأة المتزوجة هو محل إقامة زوجها”، وإضافة والدة الطفل وقريباته للمكلفين بالتبليغ عن المولود، بعد حذف نص “الأقارب الذكور”.
وحصلت الزوجه على حق التبليغ عن الزواج والطلاق والرجعة والتطليق والمخالعة والوفاة، وطلب الحصول على سجل الأسرة، وباتت ربًا للأسرة بالمشاركة مع زوجها.
التعديلات طالت نظام العمل ليصبح تعريف العامل “كل شخص ذكرًا أو أنثى”، كما نص على منع التمييز على أساس الجنس.
بحسب بيان لوزارة الإعلام، سيسمح لجميع السعوديات اللائي يبلغن من العمر 21 عامًا بالسفر بشكل مستقل.
وقالت الحكومة السعودية إن بعض التغييرات ستسري بنهاية أغسطس/ آب، وبينها حق السفر.
وتقول عضو مجلس الشورى السعودي هدى الحليسي إن المطلقات والأرامل ستستفدن من التعديلات الجديدة بصورة أكبر؛ إذ تصبح إدارة شؤون أسرهن أيسر فيما يخص التعاملات الحكومية.
ويضيف آدم كوغل، الباحث السعودي في هيومن رايتس ووتش، أن تمكين السعوديات من تسجيل المواليد والزواج والطلاق سيحدث فرقًا هائلًا للمنفصلات عن أزواجهن، واللاتي تحتجن لخوض التعاملات الحكومية نيابة عن أطفالهن.
وقال إن النساء المنفصلات في الماضي أبلغن عن تعرضهن للعقاب أو الابتزاز من الأزواج الذين لم يساعدوهن في الحصول على شهادات ميلاد أو وثائق حكومية أخرى للأطفال.
تضيف الجارديان أن إتاحة الوصول لسجل الأسرة ستخفف العقبات التي تواجهها السعوديات في الحصول على بطاقات الهوية وتسجيل أطفالهن في المدارس، وأن حظر التمييز في العمل سيمنع طلبات إذن ولي الأمر، وهي ممارسة شائعة رغم أن القانون الحالي لا ينص عليها.
وترى مها المنيف، المديرة التنفيذية للبرنامج الوطني لسلامة الأسرة أن التعديلات ستساعد السعوديات العاملات على الحركة والعمل، كما ستحسن وضع السعوديات المعتدى عليهن بشكل كبير؛ لأن الأكثر تأثرًا بقوانين الولاية عادة ما تعانين من العنف المنزلي.
تقول كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربي في واشنطن: “إن تم التنفيذ بشكل كامل، فهذه خطوة كبيرة في السماح للسعوديات بالسيطرة على حياتهن”.
لكن عضو مجلس الشورى السعودي هدى الحليسي لا تتوقع تأثيرًا فوريًا كبيرًا على معظم الأسر.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن تفعيل بعض النصوص قد يتأخر لأسباب اجتماعية؛ باعتبار أن التغيير مطلوب كذلك في الأعراف التي توسع سلطة الرجال داخل الأسر المحافظة، وحتى القيود التي يفرضها الموظفون غالبًا استنادًا إلى العرف أكثر من القانون.
مع ذلك، تعتقد نيويورك تايمز أن التوقيت سيجعل التطبيق أسهل؛ باعتبار أن نحو ثلثي سكان السعودية البالغ عددهم 22 مليون نسمة تقل أعمارهم عن 30 عامًا، وتجاوز معظمهم ارتباط كبار السن بالقيود الاجتماعية التقليدية.
تقول الجارديان إن القرارات بمثابة تفكيك جزئي لقوانين الولاية التي همشت السعوديات لسنوات، وخطوة أساسية نحو تفكيك الضوابط التي جعلتهن مواطنات من الدرجة الثانية.
وشهدت السعودية تقدمًا تدريجيًا فيما يخص تمكين المرأة خلال السنوات القليلة الماضية. ضمن سلسلة إصلاحات تحركها خطة ولي العهد محمد بن سلمان لتحديث السعودية وتخفيف القوانين الاجتماعية المحافظة سعيًا لإعادة البلاد لما قبل سيطرة تيار الصحوة في 1979.
وقيدت السعودية سلطة هيئة الأمر بالمعروف، وسنت قواعد تحرر النساء من الحاجة إلى إذن ولي الأمر للدراسة في الجامعة، أو الخضوع لجراحة، أو الحصول على وظيفة، وسمحت للنساء بحضور تجمعات عامة، وطلب حيازة رخصة تأسيس عمل، وقيادة السيارات، وتولي وظائف كانت حكرًا على الرجال.
إحدى هذه الوظائف كانت تمثيل السعودية دبلوماسيًا، والتي حصلت عليه المرأة بتعيين الأميرة ريما بنت بندر كأول سفيرة سعودية في الولايات المتحدة.
“المرأة الآن لا تحتاج إلى تصريح من الرجل للقيادة أو للعمل. آخر معقل للولاية هو السفر والزواج”، تقول ريما لـ “سي إن إن” في 2018.
جزء من التغييرات التي نشهدها اليوم تجري باستراتيجية ذات مرجعية اقتصادية. يقول الاقتصاد إنه لا يمكن ترك 50% من المجتمع دون مشاركة، وإن مشاركة النساء في الأعمال الاقتصادية والقيم الاقتصادية سيمنحنا اقتصادًا أفضل
ريما بنت بندر
وعلقت ريما بنت بندر على القرارات قائلة إن “القيادة السعودية ملتزمة بالمساواة بين الجنسين”.
وتقول عضو مجلس الشورى هدى الحليسي إن “التقدم الكبير كان ضروريًا، لكن التغييرات المماثلة يجب أن تتم في الوقت المناسب، عندما يكون الأفراد أكثر استعدادًا لقبول التغييرات”.
في سبمتمبر/ أيلول 2016، وصف مفتي عام السعودية عبد العزيز آل الشيخ إسقاط الولاية بـ “الجريمة التي تستهدف إسلام المجتمع السعودي”.
وقال آل الشيخ إن مطالبات إسقاط الولاية “سيئة ولا خير فيها ومخالفة لشرع الله وسنة رسوله”.
وفي أبريل/ نيسان 2018، قال محمد بن سلمان إن عادات السعودية الاجتماعية كانت أكثر مرونة قبل 1979، ولم تكن تشمل قوانين الولاية، متعهدًا بإيجاد طريقة لحل الأمر “بحيث لا يضر بالعائلات ولا بالثقافة”.
تقول نيويورك تايمز إن ولي العهد مهد الطريق بإسكات رجال الدين المتشددين وإلغاء تعاليمهم من المواقع الحكومية، بينما يفضل المتشدوون الصمت “إما احترامًا للنظام الملكي أو خوفًا من التحدث علنًا”.
الآن، تنقل الجارديان عن سعوديات قولهن إن “المقاومة المحافظة محكوم عليها بالفشل”.
تقول سعودية ثلاثينية للصحيفة البريطانية إن “السعودية الشابة المؤهلة للتغيير ستهزم أي رد فعل من المحافظين، إن تجرأوا”، لتضيف عبير مبارك بن فهد، خريجة ماجستير إدارة الأعمال أن “المحافظين لا يمكنهم فعل أي شيء.. ليأخذوه أو يتركوه. إذا رفضوا فيمكنهم الانتقال إلى الصحراء حيث لا توجد قوانين”.
تشير السعودية فاطمة العبد رب النبي لبعد آخر يتعلق بالإصلاح التدريجي: “زخم التغيير يفرض حقائق جديدة سيكون على المحافظين التعايش معها. لا أحد الآن حتى يتحدث عن السماح للنساء بالقيادة”.