الخلل السياسي واضح، بحسب وول ستريت جورنال. رئيس الوزراء جوزيبي كونتي يقود تحالفًا فريدًا بين يسار الوسط الذي يمثله الحزب الديمقراطي وحركة النجوم الخمس الشعبوية، وهما حزبان لم يكونا أبدًا على وفاق.. حركة النجوم الخمس تشكلت بالأساس لإزاحة الحزب الديمقراطي من السلطة، ونجحت في ذلك فعلًا بالتحالف مع حزب رابطة الشمال اليميني قبل ستة أشهر فقط، قبل أن ينهار التحالف، فتعيد الحركة يسار الوسط للسلطة بتحالف جديد.
مشهد الصراع السياسي هذا حول إيطاليا إلى نموذج لسوء إدارة الأزمة. الحكومة تلقت تقارير أولية عن وقوع التهديد في يناير. زعيم رابطة الشمال ماتيو سالفيني تزعم حينها تيارًا يدعو لموقف متشدد بإعلان حالة الطوارئ الطبية، فاتهمته قيادات التحالف الحكومي باستغلال المشهد لترويج برنامجه السياسي المناهض للهجرة.
مرسوم سالفيني يكافح الهجرة إلى إيطاليا.. لماذا وكيف؟ | س/ج في دقائق
عالم الفيروسات روبرتو بوريوني قال إن تلك الإجراءات القاسية ضرورية بالفعل لاحتواء الانتشار، فاتهمه أنصار الحكومة بالفاشية والانتصار لسالفيني. قبل أن يتدخل والتر ريكياردي، عضو اللجنة الاستشارية الأوروبية لمنظمة الصحة العالمية، معتبرًا أن الحكومة ارتكبت خطًا فادحًا بعدم وضع القادمين من الصين تحت الحجر الصحي.
حاولت الحكومة تدارك الخطأ فألغت الرحلات الجوية مع الصين، لكنها سمحت لآلاف المسافرين بالتوافد على إيطاليا من الصين عبر المطارات الأخرى.
كل تلك الأخطاء اقترنت باستراتيجية تواصل مشوبة بعدم اليقين والارتجال والتسريبات المستمرة للصحافة. كونتي قال إن الحكومة كانت في مرحلة ما بحاجة إلى إرسال “رسائل غامضة ” إلى المواطنين، مما أثار المزيد من ردود الفعل الغاضبة.
الحكومة طمأنت المواطنين بأن فيروس كورونا “أكبر قليلًا من الأنفلونزا العادية”، قبل أن يعلن حاكم لومبارديا أتيليو فونتانا دخوله العزل الطبي طوعًا بعد أن ثبتت إصابة أحد مساعديه.
حتى بعد انتشار المرض، استمر الاستغلال السياسي، سالفيني روج لفشل الحكومة في مواجهة كورونا باعتباره مدعاة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. أما حزب فراتيلي دي إيطاليا فروج إلى أن كورونا جاء من ألمانيا ليتناسب مع روايتهم القومية.
يظهر تحليل للبيانات أجراه الإيكونوميست أن أوبئة مثل كورونا تكون عادة أكثر فتكًا في الأنظمة الاستبدادية من الديمقراطيات ذات التدفق الحر للمعلومات والنقاش المفتوح، لكن اختلال النظام السياسي في إيطاليا، وما تصفه المجلة بـ “طبقة حاكمة من الهواة والقادة قصيري النظر المستمرين في الشجار أثناء موت الإيطاليين”، فربما يمكن أن ينتهي الحال بجعل المستبدين في بكين أكثر كفاءة في لحظات الأزمة.