كثيرا ما اعتبر صندوق النقد والبنك الدوليان الإصلاحات الاقتصادية في الأردن، والتي استمرت 15 عاما، نموذج نجاح. هذه الإصلاحات قادت إلى تصحيحات هيكلية في الاقتصاد والمالية العامة، نتج عنها ثبات في سعر الصرف بعد ربط العملة بالدولار في 2004.
لكن بعض المحللين يَرَوْن أن نجاح برامج صندوق والبنك الدولي فى الفترة المشار إليها نجاح مبني على عاملين خارجيين:
• بعد انهيار الاحتياطي الأجنبي سنة ٨٩ إلى مستوى ٦٩ مليون دولار، أمكن إعادة بناء احتياطي نقدي من خلال اللاجئين القادمين من العراق بعد اجتياحه الكويت، تفيد تقديرات بأنها بلغت حوالي ٢ مليار دولار.
• العامل الثاني هو، “اتفاقية الكويز” التي سمحت بتصدير المنسوجات إلى الولايات المتحدة دون تعريفات جمركية، شريطة أن تكون منتجة بالتشارك مع شركات إسرائيلية، في خطوة تهدف إلى تقريب العلاقات بين الشعب الأردني والإسرائيلي.
وهي الاتفاقية التي فقدت تأثيرها ومميزاتها بعد دخول الصين إلى منظمة التجارة الدولية WTO وفقدان الميزة التنافسية المتعلقة بالأسعار في إنتاج المنسوجات إلى حد كبير
البرنامج الجديد لـ2016 يأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية مختلفة سياسيا واقتصاديا عن ٢٠١٦
اتجه الاْردن إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي مع ارتفاع نسبة الدين العام ٩٣٪ من الناتج المحلي، وزيادة عجز الموازنة الى ١٢.٥ ٪ ، وانخفاض نسبة النمو إلى ٢٪ ، وارتفاع نسبة البطالة إلى ١٥.٣٪،
كما يأتي البرنامج في ظل ظروف إقليمية ودولية مختلفة سياسيا واقتصاديا:
١- فالأردن لديه أزمة لاجئين سوريين كبيرة تضغط على الإنفاق وتسحب من رصيد المساعدات والمنح والذي عادة ما كان يوجه للدولة.
٢- المواقف السياسية مع دول المنطقة في ملفات، مثل الأزمة الخليجية مع قطروالتوازن مع دول الجوار مثل تركيا، واتهام الخليج للأردن بأنه يمسك العصى من المنتصف، رغم أن الأردن بالتأكيد أقرب للسعودية من قطر. مؤخرا دعت السعودية إلى اجتماع عاجل لدول الخليج لدعم الأردن.
اقرأ أيضا: عام على المقاطعة.. كيف أصبحت قطر وحيدة في الزاوية؟
٣- أغلب التحليلات الاقتصادية تتجنب نقطة جوهرية في تحليل ظروف الاقتصاد العالمي، وهي سياسة الولايات المتحدة الجديدة بعد صعود ترامب للسلطة.
الولايات المتحدة أصبحت هي نفسها جاذبة للاستثمار وليست مصدرة له بعد سياسات خفض الضرائب وتسهيل عودة أموال الشركات الأمريكية التي عادة ما كانت تترك نسبة كبيرة من أرباحها بالخارج تجنبا للضرائب، بالإضافة إلى السياسة الحمائية الجزئية للمنتجات الأمريكية، وهو ما يصعب من فرص الدول النامية ومنها الأردن في الحصول على الاستثمار المباشر.
٤- ارتفاع الديون الحكومية لمستويات تاريخية في كل الاقتصادات الغنية؛ مما يصعب فرص الحصول على منح ومساعدات للدول الفقيرة المعتمدة عليها بشكل كبير مثل الأردن.
الظروف السابقة مختلفة عن ظروف الزيارة الأولى للصندوق فى العام ٨٩.
هناك سؤال دائما ما يٌطرح عن مدى جدوى برامج الصندوق فى الدول النامية، وللإجابة عليه يتعين علينا العودة إلى توصيات “إجماع واشنطن” التي لو نظرنا إليها بعمق سنجد أنها غير قابلة للتطبيق بشكل حقيقي كليا في دول نظمها السياسية لا تؤمن بـ وربما لا تستطيع إدارة مجتمعات منفتحة على العالم.
فالمجتمعات المنفتحة تفقد الحكومات الكثير من أدوات التحكم التقليدية ويعطي المجتمعات المدنية الكثير من السلطة؛ لذلك يتركز اهتمام الدول النامية على الإصلاحات المالية بغية الحصول على القرض، في حين أن الإصلاح الاقتصادي المحقق لتوصيات إجماع واشنطن في أحيان كثيرة تطبق من باب الحياء أو تطبيق جزئي تحت ضغط الصندوق.
وعادة تحمل الدول الصندوق مسؤولية إصلاح المالية العامة التي تؤدي لارتفاع الأسعار، في حين لا يتم نشر الوعي اللازم لتطبيق توصيات اجتماع واشنطن البعيدة عن المالية العامة.
وربما هذا ما يفسر في حالة الأردن، أن بعض المحللين الاقتصاديين رغم طول مدة التعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي إلا أنهم يلومون على الأوضاع الحالية بأنها نتيجة عقود سابقة وليست نتيجة ارتفاع الأسعار فقط.
لا شك أن الملك عبدالله أكثر انفتاحا من الملك حسين الذي بدأ التعاون مع المؤسسات المالية الدولية. لكن في ظل كل ما سبق، هل يكفي لأن تكون ظروف الزيارة الثانية لصندوق النقد ناجحة حتى لو بشكل جزئي مثل السابق؟
أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال الشق السياسي فيه أكبر من الاقتصادي وإلى الآن ليس له إجابة إلا دعنا نرى.
١- سياسة الانضباط المالي ومراعاة المصاريف.
٢- إعادة توجيه الإنفاق العام من الدعم العشوائي إلى الاستثمار فى البنى التحتية.
٣- الإصلاح الضريبي بمعنى توسعة القاعدة الضريبية بشكل معتدل.
٤- منح الأسواق حرية تحديد الأسعار بحيث تكون أعلى من نسبة التضخم.
٥- تحرير قطاع التجارة مع التركيز على مبدأ القضاء على القيود الكمية كمنح التراخيص والامتيازات.
٦- تحرير تدفق الاستثمارات الأجنبية.
٧- خصخصة مؤسسات الدولة.
٨- تحرير وإلغاء اللوائح والقوانين التي تعوق دخول الأسواق أو تقيد المنافسة.
٩- سعر صرف العملة يكون مناسبا ويعكس القوة الاقتصادية.
١٠- مراعاة قوانين وحقوق تملك الأراضي.