تزايد الاهتمام العالمي بصناعة الفضاء، وازدادت الصناعات المرتبطة به، حيث ظهر مصطلح الاقتصاد الفضائي ليعبر عن كافة الأنشطة الاقتصادية والصناعية والاستثمارية والتقنية المرتبطة بالفضاء.
واليوم أصبح التقدم في صناعة الفضاء مرتبطًا بمدى تقدم الدول، لما يعكسه من تقدم في مجالات متعددة، ومنها الاتصالات والملاحة والبث الفضائي ورصد أحوال الطقس وحركة الطيران والملاحة الدولية، فضلًا عن القدرة على التنبؤ بالكوارث الطبيعية.
دخلت الإمارات السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي رسميًا حين أعلن رئيس الدولة خليفة بن زايد آل نهيان إنشاء وكالة الإمارات للفضاء وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، “مسبار الأمل”، بقيادة فريق عمل إماراتي.
وتستهدف الدولة بناء أول مستوطنة بشرية في المريخ بعد أقل من قرن ضمن مشروع المريخ 2117، من خلال قيادة تحالفات علمية بحثية دولية لتسريع العمل على الحلم البشري القديم في الوصول لكواكب أخرى.
هزاع المنصوري يبلغ من العمر 35 عامًا. طيار سابق بالقوات المسلحة الإماراتية.
في 22 سبتمبر/ أيلول 2019، انطلق هزاع المنصوري كأول رائد فضاء يحمل جنسية الإمارات على متن مركبة سويوز إم إس- 15 الفضائية خارج مدار كوكب الأرض في رحلة متجهًا إلى إلى محطة الفضاء الدولية.
المهمة جزء من برنامج “الإمارات لرواد الفضاء” تحت إشراف مركز محمد بن راشد للفضاء، والذي يعد أول برنامج متكامل في المنطقة الناطقة بالعربية يعمل على إعداد كوادر وطنية تُشارك في رحلات مأهولة للقيام بمهام علمية مختلفة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أطلق حاكم دبي ورئيس وزراء الدولة محمد بن راشد آل مكتوم دعوة عامة عبر تويتر للالتحاق ببرنامج رواد الفضاء الإماراتي، فتقدم أكثر من أربعة آلاف شخص، وقع الاختيار من بينهم على هزاع المنصوري ليصبح أول رائد فضاء أماراتي.
بدأ اهتمام الإمارات بقطاع الفضاء منذ سبعينيات القرن العشرين، حين التقي المؤسس الشيخ زايد آل نهيان فريق وكالة ناسا المسؤول عن رحلة أبولو للقمر، ليبدأ مشروع تأسيس قطاع الفضاء الوطني، الذي ولد مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات في 1997.
وفي 2006، أنشأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم “مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة”، والتي عملت على تعزيز علوم الفضاء والأبحاث العلمية المتعلقة داخل الإمارات والمنطقة، وحتى أبريل 2015 حين أسس آل مكتوم مركز محمد بن راشد للفضاء (MBRSC) .
وأصبحت وكالة الإمارات للفضاء هي المسؤولة بشكل كامل عن إدارة وتنظيم والإشراف على قطاع الفضاء في الدولة. حيث تعمل الوكالة على زيادة الوعي بأهمية تكنولوجيات الفضاء، وتعزيز القدرات الوطنية، وتشجيع الاستخدام السلمي لأبحاث الفضاء.
نجحت وكالة الإمارات للفضاء في إطلاق وتنفيذ خطة استراتيجية شاملة، وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم مع أهم الجهات الفاعلة في قطاع الفضاء العالمي، والحصول على عضوية مجموعة من أهم المنظمات والهيئات العالمية الهامة المعنية، ومن بينها اللجنة الدولية لاستكشاف الفضاء كأول دولة ناطقة بالعربية تنضم للجنة.
ووقعت الوكالة عددًا من اتفاقات الشراكة المهمة مع جهات رائدة في قطاع الفضاء الدولي، مثل وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا”، ووكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”، ووكالة الفضاء الهندية، وتمثّل هذه الاتفاقيات أطر عمل للتعاون المتبادل في مختلف مجالات البحوث والتعليم وإعداد السياسات واللوائح التنظيمية الخاصة بالقطاع.
وتتولى الوكالة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030 بشكل كامل.
الاستراتيجية هي المرجع الوطني للمبادرات ذات الأولوية للجهات المعنية، والمؤسسات العاملة بالقطاع الفضائي، وتهدف في الأساس إلى دعم تحقيق رؤية الإمارات في مجال صناعة الفضاء بمختلف علومه وتقنياته وتطبيقاته وخدماته. وتُحدد النتائج الإيجابية لتلك الصناعة على الدولة خلال 10 سنوات من خلال برامج ومبادرات نوعية، و ٥ أقمار اصطناعية جديدة يتم إطلاقها حتى 2021.
حتى 2013، كان متوسط تكلفة إرسال رائد فضاء واحد خارج الأرض يبلغ 670 مليون دولار، قبل أن تحقق الهند إنجازًا غير مسبوق بإرسال مركبة آلية للمريخ بتكلفة 74 مليون دولار فقط.
التكلفة الحالية تبلغ في المتوسط 80 مليون دولار، لكن وكالة الفضاء الروسية الفيدرالية “روس كوسموس” تقول إن الإمارات تكلفت نحو 40 مليون دولار فقط لإرسال هزاع المنصوري إلى المريخ في رحلة تستغرق أسبوعًا.
وفقا لتقديرات وكالة ناسا – المصدر الأهم لتوفير الابتكار التكنولوجي لدعم اقتصاد الفضاء – تقدر عوائد الاستثمار في قطاع الفضاء بعشرة أضعاف الاستثمار (كل دولار ينتج عوائد بـ 10 دولارات).
معظم العوائد من صناعة الفضاء تأتي من السلع والخدمات التجارية التي تقدمها الشركات ذات الصلة بتكنولوجيات الفضاء، بما يشمل المنتجات والخدمات الفضائية والتجارية والبنية التحتية والصناعات ذات الصلة. أي أن هذا التقدير محسوب لمقدمي الخدمة من المستثمرين. إرسال رائد فضاء خطوة مبكرة في مشروع طويل الأمد.