الإويغور | مظلومية الدين في ملاعب السياسة.. لماذا الآن؟ | عبد السميع جميل

الإويغور | مظلومية الدين في ملاعب السياسة.. لماذا الآن؟ | عبد السميع جميل

24 Dec 2019
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

قضية مسلمي الإويغور في الصين قديمة جدًا، بدأت منذ ثلاثينات القرن الماضي، لكنها ثارت “فقط” هذه الأيام عبر إعلام العثمانيين الجدد دون أي سبب وجيه لإثارتها!

إعلام العثمانيين الجدد قادر دائمًا على إثارة المشكلات داخل المنطقة العربية. لديه الأدوات المطلوبة دائمًا. هذه المرة بدأت من تغريدة للاعب أرسنال مسعود أوزيل، مرت من بوابة المصري المعتزل محمد أبو تريكة، وتلقفتها العناصر المحلية الداعمة، لتطويع أزمة الإويغور في الصين لنفخ نار الفتنة وإشعال العواطف الدينية، التي يستخدمونها دائمًا في استقطاب وحشد وتوجيه الأتباع لمد نفوذهم السياسي.

العام الماضي، اعتبر إردوغان الصين “ضحية فبركات إعلامية” ما اعتبرته “واشنطن بوست” تناقضًا طوعه الرئيس التركي كورقة ضغط على بكين لضخ استثمارات جديدة وإنعاش الاقتصاد التركي.

إردوغان يعيد استخدام نفس الورقة. هذه المرة لمغازلة أمريكا؛ باعتبارها المنافس الاقتصادي الكبير للصين، ومن مصلحتها الاقتصادية الضغط على بكين في تلك القضية، كما فعل بعض النواب الأمريكيون العام الماضي عندما طالبوا بإجراءات صارمة تجاه الصين في مسألة الإويغور.

سياسة لا دين

العثمانيون الجدد يعيدون تقديم مشكلة الإويغور في صورة اضطهاد ديني تستهدف الصين به إخراجهم من الإسلام وضمهم لصفوف الحزب الشيوعي الصيني، لكن هذه الصورة ليست دقيقة ولا صحيحة، كون مشكلة الإويغور سياسية لا دينية من الأصل.

الحريات الفردية تكاد تكون معدومة في الصين عمومًا – ككل الأنظمة الشيوعية الشمولية – لكن الانتهاك في حالتنا ليس موجهًا ضد فئة وجماعة محددة بالشكل الذي تروجه العناصر المحلية الداعمة.

تعداد مسلمي الصين يقارب ٢٥ مليونًا. أغلبهم ينتمون لأصول عرقية تُعرف بالـ “الهوِي”، والأقلية منهم تنتمي إلى الإويغور. “الهوِي” لا يواجهون مشكلات عنصرية أو قمعية “خاصة” في الصين. تعاملهم الدولة “كأي مواطن” في الحقوق والواجبات. بينما الإويغور – نحو ١٠ ملايين فقط – يسكنون إقليم شينغيانغ الضخم والغني بالثروات. مساحته 1.6 مليون كيلو متر مربع، ويتمتع بثروات طبيعية هائلة؛ ينتج أكثر من 600 مليون طن من الفحم الحجري، ويُقدر احتياطي النفط فيه نحو 8 مليارات طن، بالإضافة إلى مناجم الذهب والعديد من المعادن الأخرى كاليورانيوم الذي تُستخرج أجواد أنواعه من 6 مناجم في هذا الإقليم!

يرفضون الهوية الصينية، يتحدثون التركية، ويسمون إقليمهم “تركستان الشرقية”. يطالبون بالانفصال به، وبهذا الاتجاه يتحالفون مع قوى خارجية، ويمارسون إرهابًا مسلحًا ضد الدولة، ويتخذون علمًا خاصًا يشبه العلم التركي تمامًا، لكن باللون السماوي، لذلك تعدهم الصين متطرفين لا بديل عن مواجهتهم بالقوة.

أعلام الإويغور.. تطابق مع تركيا

في صفوف داعش

بعض الإويغور بايعوا تنظيم القاعدة، آخرون بايعوا طالبان. ومؤخرًا انضمت أعداد كبيرة منهم لتنظيم داعش وجبهة النصرة في سوريا، ومنهم من أنشأ أحزابًا وجماعات إرهابية خاصة بهم مثل “الحزب الإسلامي التركستاني”، و”منظمة تحرير تركستان الشرقية”، وهي تنظيمات يدعمها العثمانيون الجدد.

هذه التنظيمات تورطت في نحو 200 عملية إرهابية بين 1990 و2014، شملت تفجير حافلات ومحطات قطار داخل الإقليم وخارجه، والهجوم على مراكز شرطة وقتل ضباط واحتجاز رهائن، وتدبير أعمال شغب في الشوارع وداخل الأسواق.

حركة استقلال تركستان الشرقية أعلنت مسئوليتها عن غالبية تلك العمليات. الحركة غيرت اسمها إلى الحزب الإسلامي التركستاني، المرتبط بعلاقات قوية مع تركيا، بعدما أدرجها مجلس الأمن رسميًا ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في ٢٠٠٢، كما أدرجتها واشنطن على قائمة الإرهاب في العام نفسه.

ومن بين أكثر من 300 ألف من الإويغور يعيشون في تركيا، نقلت أنقرة بعضهم إلى سوريا للحرب في صفوف تنظيم داعش وجبهة النصرة منذ ٢٠١٢.

وفي فبراير2017، نشر داعش فيديو تحت عنوان “أولئك هم الصادقون”، ظهر فيه مئات الأطفال من الإويغور وهم يحملون السلاح، مصحوبًا برسالة للصين، تقول: “أيها الصينيون الذين لا يفهمون لسان الناس، نحن جنود الخلافة، وسنأتي إليكم لنوضح لكم بلسان السلاح، ونسفك الدماء كالأنهار ثأرًا للمسلمين”.

ما دفع وزارة الدفاع الصينية للانخراط في مفاوضات لإرسال وحدات عسكرية لمحاربة الحزب الإسلامي التركستاني على الأراضي السورية.

إصدار داعش عن الإويغور

تعاطف موجه

واقع الإويغور في الصين ليس أخف وطأة مما يحدث داخل إقليم الأهواز في إيران، والذي يطالب مثل الإويغور بالانفصال. لكنه لا يحظى بأي نوع تعاطف من أدعياء الإنسانية ودعاة التعاطف مع الإويغور؛ لأنهم لا يعرفون إلا نوعًا واحدًا من التعاطف الديني والطائفي الموجه، فلا يشغلهم انتهاكات حقوق وحريات الشيعة والبهائيين والمسيحيين والملحدين في العالم العربي، ويشغلهم فقط “حقوق المتطرفين” في أفغانستان والشيشان وبورما والصين.

هو إذن مسلسل قديم من التعاطف العنصري الموجه تجاه فئة وطائفة واحدة ومحددة فقط دائمًا، يُصنع من أجله المستحيل، فتغطى الحقائق، وتنشر الأكاذيب والصور والفيديوهات المفبركة، سعيًا لاستقطاب المتطرفين، وجلب التمويل باسم المشاعر الإنسانية والدينية. الأمر الذي تروّج إليه تركيا ولا تقع فيه أبدًا، حيث وطّنت آلاف المتطرفين الإويغور في الأراضي السورية داخل جسر الشغور، ورفضت تجنيسهم بجنسيتها بعدما استجلبتهم واستخدمتهم في معاركها!


مسلمو الصين في مراكز “إنقاذ الأقليات الريفية المتخلفة والجاهلة والفقيرة” | س/ج في دقائق


ملف أفخاخ الإسلاميين في دقائق


الشيخ أوزيل: تشريح تصريح لاعب أرسنال "الألماني"————————–تغريدة مسعود أوزيل حول "مسلمي الإيجور" أثارت…

Posted by ‎دقائق‎ on Tuesday, December 17, 2019


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك