الإيمان والدين.. أيهما الطريق إلى الآخر؟

الإيمان والدين.. أيهما الطريق إلى الآخر؟

24 Dec 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

مرحلة الإيمان – كتجربة ذاتية فردية باطنية – سبقت الأديان التوحيدية؛ إذ ستجد في معتقداتها العميقة جذورًا لـ “الغنوصية المندائية” التي ظهرت بداية في حضارة وادي الرافدين.

“الإيمان في الغنوصية”

مفهوم الإيمان في الغنوصية هو غاية أخيرة لا تصل إليها إلا بعد أن تخوض تجربتك الباطنية الخاصة وتجتاز اختبارك الفردي الذاتي، أما في الأديان التوحيدية فهو الإيمان بأحكام وقوانين الشريعة والتسليم لها دون تفكير، كخطوة أولى في رحلة الالتزام الديني.

“تأثير الباطنية على الأديان”

بعض الأفكار الغنوصية ستجد نظيرها في الأديان التوحيدية؛ فمثلًا، الوحي السري، الذي ظهر في الديانة الموسوية، كان يسمى معرفة الله في الغنوصية، التي انتشرت في الأديان الشرقية كالزرادشتية والمانوية والفرعونية، وفي الإغريقية الهلنستية أيضًا.

في الروايات الإسلامية يكون الوحي علنيا أحيانًا؛ حيث رأى بعض الصحابة الملاك جبريل في صورة دحية بن خليفة الكلبي، في الروايات الشيعية منها خاصة، لسبب لمحت إليه فيما مضى.

“تأثير البيئة على شكل الإيمان”

من منظور علم الاجتماع، ستجد تعدد الرموز الدينية والأساطير، والتنوع الفكري والفلسفي والثقافي في البيئة الزراعية التي شهدت حضارات الشرق الأدنى الآسيوي “العراق، وسوريا، واليمن” ومصر.

وسكان هذه المناطق الجغرافية اعتنقوا الأديان التوحيدية مع استبقاء فلسفة أديانهم القديمة فيها؛ فالتراث الغنوصي الباطني ستجده في الكابالا اليهودية، والرهبانية المسيحية، والتصوف الإسلامي عند الشيعة والسنة. حتى الاعتزال الإسلامي كمذهب فردي فكري حر هو من منتجات هذه البيئة الحضارية العريقة.

الإله الواحد ستجد له أسماءً متعددة في كل حضارة؛ السومرية، والفينيقية، والبابلية، إلخ.

بينما من اعتنق الأديان التوحيدية في المناطق الصحراوية استبقى فيها عاداته وتقاليده البدائية الرعوية فهو يميل للاهتمام بالطقوس والشكليات واهمال الجوهر والتربية الروحية.

وقد تلمس في تدين بعض أفراد الجماعات السلفية التي ظهرت في هذه البيئة الاهتمام بالطقوس من باب الخيلاء والتكبر والاستعراض والتمظهر أمام الناس خاصة في عصر مايسمى بالصحوة، عدا أن العقلية الرعوية في البيئة الصحراوية التي تميل للقوة والتسلط فهمت التوحيد على أنه توحيد الناس على رأي واحد بالقوة على يد رجل الدين، كما يوحد الراعي بالعصا قطيع أغنامه، وفضلت العزلة على التنوع في التراث، والتماهي مع المذاهب الدينية والفكرية الأخرى.

وأظن أن الإيمان كتجربة فردية ذاتية على مر التاريخ لا علاقة لعمقها أو سطحيتها أو تسامحها أو أصوليتها بفكرة الإله الواحد أو تعدد الآلهة؛ فالمسيحية الأبيونية كانت موحدة ومسالمة ورهبانية، وانتشرت في الجزيرة العربية قبل الإسلام، مما جعل بعض العلماء المستشرقين في الغرب يعتقدون أن الإسلام مسيحية أبيونية.

والمسيحية التثليثية التي سيطرت على القسطنطينية والعالم البيزنطي في القرن الرابع الميلادي تلوثت بفكرة التوسع العسكري والاحتلال، بعد أن امتلكت أسباب القوة، فاضطهدت المسيحيين الغنوصيين، وأحرقت تراثهم بتهمة الهرطقة.

عمق الإيمان وسطحيته وتسامحه وأصوليته في الإنسان يتأثر بالتبيؤ، وليس بفكرة التوحيد أو تعدد الآلهة والرموز والأساطير، إلخ.

“الإيمان والإلحاد”

وبالنسبة للإلحاد، فالمؤمن في الغرب اتجه إليه بسبب الفشل التطبيقي لفكرته العاطفية، وبسبب استبداله العقل الإيماني بالعقل العلمي والمنهج الإمبريقي في المعرفة.

وهنا في الشرق الأوسط من تأثر وألحد إما بسبب التقليد الأعمى، أو بسبب عقله المتشكك.

مشكلتنا مع المقدس

هل تأثر النبي بالمسيحية النسطورية؟

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (3)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك