إن أحببت شخصًا ولم يبادلك الحب، ستشعر بمرارة. هذا طبيعي. التغلب على تلك المرارة يستلزم مجهودًا كبيرًا. أما الاستسلام للمرارة، وجعلها تحكم تصرفاتك، فهذا ما نسميه “الحقد“.
كلمة كريهة. بإمكانك أن تجملها قليلًا. تحذف حرف الدال، وتسميها “الحق“.
الوصفة سهلة ولن تخسر شيئا: بدلًا من إيذاء الشخص الذي لم يبادلك حبًا بحب، مدفوعًا بالمرارة، يمكنك أن تؤذيه – برضو – لكن تحت شعار الدفاع عن الأخلاق الحميدة، أو الخوف على مصلحته، أو لأنك لا تحب أن ترى الحال المائل، حتى لو “مائل حتة صغيرة قد كده”.
هنا ستصل إلى نفس النتيجة، الانتقام، ولكن بنفسك راضية عن نفسك، وربما بمديح من آخرين راضين أيضًا عن نفسك.
في الحياة الطبيعية، الحيوانات لا تعرف هذا اللف والدوران. الحيوان إن شعر بالحقد ناحية غريم حاز قطعة أرض أفضل، أو اكتسب صيدًا أثمن، أو شريكًا جنسيًا أفضل، يعبر عن حقده مباشرة. بالصراع التنافسي.
أما نحن فتعلمنا أن أولى خطوات التنفيث عن الحقد أن نسميه حقًا.
تعلمنا أن نفعل ذلك بطرق كثيرة ومتنوعة. خذ مثلًا الأفلام والأغاني التي تتقمص وجهة نظر البطل “الطيب” فتشوه المحبوب “الخائن” المتطلع الذي فضل شخصًا آخر. لقد عودتنا الأفلام أن نستمر في سلوكنا في رؤية نقمتنا قضية حق أمام باطل، وفاء مقابل خيانة، شرف مقابل تفريط.
وبلاش العتاب. الجرح القاسي طاب. والقلب العاصي تاب. ما صدقت إنه تاب. يا خائن يا بن الكلاب.
ومالهمش في الطيب، يا قلبي يا طيب. والطيب مالوش نصيب. أكله الأغنياء.
كل شيء يبدأ من تشويه الآخر، الذي تمنيت الوصول إليه ولم تتحقق لك أمنيتك. لم تصر حقًا لك. لكنك بالالتفاف جعلتها حقًا أصليًا ضاع.
الموضوع ينمو إلى أبعد من ذلك في السياق الاجتماعي والسياسي. المستأجر يعتبر الشقة حقًا أصليًا له.
وخطباء السياسة يتحدثون إليه بنفس اللغة. فيحصلون له على هذا “الحق” مقابل سبعة جنيهات شهريًا. ويورثون هذا “الحق” لأبنائه وأبناء أبنائه بالثمن نفسه الذي لا يشتري خبزهم في يوم واحد.
ولا ننسى طبعًا أنهم في بداية الطريق وصموا صغار الملاك هؤلاء بكل الوصم السلبي الممكن، باعتبارهم مفترين يريدون أن يخرجوا الناس من بيوتـ “هم”.
هل يمكن أن يكون ذلك هو “الحق” لأي صاحب عقل؟!
إن كنت تستطيع أن تحصل على ثمرة الحقد دون صراع تنافسي، لماذا تخوض صراع الحصول على إعجاب شريك يناسبك. وتسيران في الشارع متشابكي الأيدي. وتتبادلان الاهتمام بأحدكما الآخر. كما تفعل الطبيعة من حولنا؟!
لماذا تفعل هذا إن غلب على ظنك الفشل. إن رأيت أن ذكورًا آخرين، أو إناثًا أخريات، أفضل منك. أليس من الأفضل أن تسمي أفعالهم باطلًا، وتنطلق باسم الحق لتغلق الباب على الجميع!
بين السياسة والبيولوجي: غرائزنا التي حيرت أديان السماء والأرض| رواية صحفية في دقائق
حتى هؤلاء المحاطون بأجمل نساء، وأوسم رجال، من العاملين في السينما. يمكنك بهذه الدعاية أن تمنعهم مما لا تحصل عليه.
لقد وصلت إلى ليفل الوحش يا حقود.
يمكنك أن تحجب الحب عن المجال العام تمامًا. لا في الشارع. لا في شقة خاصة. لا في السينما. ولا في أي مكان.
وستلغي الأمور البسيطة البديهية التي يسعى الناس من أجلها إلى التفوق، كالعيش في مكان أرحب، وأنظف، وأقل صخبًا.
سينجح قادتك في تحويل هذه الرغبة الطبيعية العادية إلى مرادف لشيء قبيح. مرادف لسكنى اللصوص الذين أكلوا حقـ/ـنا. ستسميها طبقية. وأحيانا عنصرية (!!!!) وأحيانا، ظلم اجتماعي.
بينما لن تسعى إلى تجميل المكان الذي تعيش فيه، ولن تكف عن إلقاء زبالتك إلى جوار بيتك في الصباح، لن تفعل حتى ما لا يحتاج إلى أموال، كأن تكون حسن الخلق. تحترم الشخص الذي يسير إلى جوارك، رجلا كان أم امرأة.
وهكذا من الشارع إلى البيت إلى السينما سنقيم عالمًا سقفه قدرات أضعف من فيه، ورغبات أحقد من فيه. عالمًا يكره التفوق والنجاح. عالمًا حقودًا يبرر الحقد بالحق.
وستكون أسعد أيها الفاشل. بلا شك. وستساهم في بناء جنتك، جنة الفاشلين. والحقيقة برافو عليك. سخرت لك من محدثي التعلم من يخدمك في السياسة والاقتصاد والاجتماع، في كل مكان. وقصصت ريش التفوق.
هذه هي البيولوجيا في بستان الاشتراكية. عالم تلغى في الميزات الحيوية، ويحصل الحيوان الأقل قدرة على ما يريد بلا صراع. “إلغاء الانتخاب الطبيعي”.
بعد أن ألغيت الصراع بفكرة الدولة التي تكون الحكم، سخرت الدولة لكي تكون آلتك أنت في الصراع. برافو عليك. صارت الدولة تضمن للأقل تنافسية أن ينجبوا قدر ما يريدون دون خوف من عوز. بينما المنشغلون المشغولون، الأحرص على حياة كريمة لأبنائهم، لا يستطيعون فعل ذلك.
التحرش وﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ.. “ﻋﺸﺎﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻷ”| عمرو عبدالرزاق
جو روجان، المذيع والكوميدي الأمريكي، كان سابقًا يتنافس على الفنون القتالية على المستوى الوطني. يقول إنه تعلم من الفنون القتالية ما ليس من السهل أن تتعلمه في الحياة.
في الفنون القتالية لا فائدة ستعود عليك من التقليل من المنافس المتفوق . أبدًا. لأنك ستواجهه على أرض الواقع. ليس أمامك سوى أن تكون موضوعيًا، أن تضع عيوبه في سياق مميزاته. لا تحوله في ذهنك عيوبًا فقط، وإلا ستنهزم. انشغل بتحسين نفسك. هذا طريقك الوحيد.
نفس الشيء في الحياة. نعم، أي إنسان فيه عيوب. لكن الإنسان الناجح فيه من المزايا الكثير وجوبًا، وإلا ما نجح. المجتمع الذي يعلم أبناءه التركيز على عيوب الآخرين. ويمدحهم طالما تحدثوا عن العيوب. ولا يبالي بتدريب نفسه على رؤية المميزات. هذا المجتمع سينهزم لأنه سيربي الفشل.
ليس مهمًا أن يستغني يوسف الشريف عن ملامسة الجنس الآخر. لن يحدث ذلك فرقًا في حياتك.. المهم أن تستطيع أنت العثور على شريك تحبه ويحبك.
ليس مهمًا أن تقضي على وجود أثرياء أو مظاهر ثراء في بلدك، هذا سيضرك ويجعل الحياة من حولك أسوأ. المهم أن تجتهد أنت لتنعم بمثلها.
الحقد سيقتلك. تخلص منه الآن.