في بداية الأمر دعونا نلاحظ الفرق بين الانطواء والتوحد في نقاط متعدد:
الانطواء هي صفة تكون بداخل الفرد، حيث يتميز هذا الشخص بأنه غير حازم ولا متحمس عند مروره بمواقف اجتماعية محفزة.
الحقيقة أن الانطوائية لا تتعلق بموقف بعينه و لكنها ببساطة أسلوب حياة الطفل الانطوائي ، الذي يتعرف بواسطته على العالم.
بينما يكون هناك أطفال يستطيعون الاندماج في المجتمع والتفاعل مع الأنشطة المختلفة ، فهناك أيضًا أطفال لهم رد فعل مختلف.
بالنسبة إلى الطفل الانطوائي ، ففي الحقيقة إن محاولتهم لمواكبة الأنشطة المجتمعية المختلفة تحتاج منهم إلى بذل جهد أكثر من غيرهم ، بل وتصل إلى حد استنزاف طاقتهم ، كما أنهم إذا تعرضوا للفشل يصابون بفقد الثقة التام بأنفسهم.
قد يربط الناس بين الانطوائية والوحدة والخجل ، في الحقيقة إن الطفل الانطوائي قد يكون أكثر تعاطفًا وحساسية في المواقف المختلفة من غيره ، ولكن الطفل الانطوائي يميل لاظهار رد فعل في إطار ضيق من العلاقات الاجتماعية ؛ لذا فهو يكون أقل توافقًا داخل المجموعات المكونة من عدد كبير من الأفراد.
هناك بعض الانطوائين يبذلون قصارى جهدهم للانفتاح على المجتمع ، وهناك البعض يفضلون الاحتفاظ بعلاقتهم الاجتماعية الصغيرة وهدوء حياتهم.
التوحد ليس مرضًا يصاب به الطفل فيأخذ علاجًا ويُشفى، ولكنه في الحقيقة يمكن اعتباره حالة سلوكية تلازم الطفل مدى حياته.
يظهر التوحد على الطفل وهو في سن مبكر ، وبعض الأطفال يحتاجون إلى الدعم ومساندتهم لأداء بعض الأشياء.
من سمات التوحد ، تجد الطفل لديه صعوبة في فهم مشاعر الآخرين ، وصعوبة في طرق التعامل مع المجتمع ، كما يشعر بالقلق عند تواجده في أماكن صاخبة و عند تواجد أنوار ساطعة ، ويستغرق الوقت لفهم المعلومات المقدمة لديه ، كما أن التوحد له درجات و كل مصاب بالتوحد تكون درجته مختلفة عن غيره.
يميل الأطفال الانطوائيون إلى التواصل بشكل أفضل بين شخصين كحد أقصى.
يتصف الطفل الانطوائي أيضًا بأنه مستمع قوي لما يُقال من حوله ، ويميل إلى العزلة لتجديد فكره ونفسه.
يفكر كثيرًا قبل النطق في إجابة أي سؤال، ويفضل عدم مشاركة مشاعره مع أحد؛ لأنه يجد مشاعره غير قابلة للمشاركة.
يكون لديه وعي ذاتي مرتفع ، و في الحقيقة نجد أنه يتعلم بصورة جيدة من خلال ملاحظة الأشياء.
أهم ما يميز الانطوائيين هو الهدوء الكامن في شخصيتهم وخاصة في الأماكن الاجتماعية الكبيرة.
إذا أردت أن ينضم إلى أحد الألعاب فستجد أنه يفضل مشاهدتها والتعرف عليها جيدًا قبل الانضمام.
يتميز الانطوائي بأنه يركز بعمق ، ويعتبر التفكير الداخلي للإنسان هو أساس اتخاذ القرارت.
يحدد الأنشطة التي قد يلتحق بها بعناية شديدة وبعد دراسة طويلة.
يعد التصرف الصحيح في حالة تواجد طفل انطوائي في العائلة هو تقبل طبيعة الطفل وعدم انتقاده بشكل مستمر.
كما يحتاج الطفل إلى التشجيع و المساعدة حتى يمكنه إظهار تفاعلات مختلفة في المواقف المجتمعية التي يمر بها.
يمكنك تقديم المساعدة للطفل من خلال إعطاءه الفرصة لاتخاذ القرار المناسب له في موقف معين ، أو عرض بعض الحلول عليه وجعله يختار من بينهم ، وبالتالي ستساعده على كسب ثقته في نفسه مرة أخرى.
لابد وأن تكون على دراية كاملة بفوائد العيش مع طفل انطوائي ، فهو لا ينفعل بالشكل الحماس مثل الآخرين وبالتالي لا يُعرضك لأي موقف محرج.
في الحقيقة فإن ضبط النفس الذي يتمتع به الطفل الانطوائي يجعله يتخذ قرارات صائبة إلى حد كبير.
يلجأ الأطفال الانطوائين إلى ذويهم المقربين للحصول على الدعم وهي فرصة كبيرة لكسب ثقته وتوجيهه للصواب.
ستجد طفلك الانطوائي يستطيع التركيز على هدف معين وعدم التشتت في ظل تضارب آراء الآخرين وكثرتها.
في النهاية لابد أن تعرف الحقيقة حول الانطواء فهو ليس اضطراب اجتماعي أو اضطراب الشخصية الانعزالية.
فالانطواء هو سمة في الشخصية نفسها، ومن أبرز المشاهير الانطوائيين: أبراهام لينكولن ، و ألبرت أينشتاين.
فإن كان طفلك انطوائي ولكنه مبدع ومتكيف بشكل جيد مع المقربين منه ، فلا داعي للقلق وحاول أنت أيضًا التكيف معه.
كيفية التعامل مع الطفل الانطوائي في الروضة من الأمور الشائعة جدًا والتي تحتاج إلى دراسة كبيرة وسنلخصها فيما يلي:
الحقيقة قد نجد أغلب المبدعون في مختلف المجالات هم انطوائيون في الأساس؛ لأنهم يميلون للعزلة، بل وهي شيء أساسي لإبداعهم.
ولكن حتى يصل الطفل إلى مستوى الإبداع لابد وأن يتم تدريبه ومساعدته منذ الروضة باستخدام وسائل بسيطة مثل إتاحة الفرصة له للتعبير عن نفسه وصنع الأشياء الجديدة أو الرسم على مدار اليوم.
تشجيع الطفل في الروضة على الابتكار يجعله يقوي نشاطه الذهني ويبدع.
إن منح الطفل فرصة لتعلم الرسم أو الموسيقى أو العلوم المختلفة أو الأنشطة البدنية المتعددة، يزيد من قدرته على الابتكار.
تقبل جلوسهم فترة من الوقت بمفردهم فهذا يجعلهم يقبلون على الإبداع بشكل أفضل، وأعطهم الوقت اللازم للانتقال من تجربة لأخرى.
الحقيقة يمكن اقتراح بعض الأفكار على الأطفال للقيام بها، مثل:
قراءة كتاب أو مجلة أو قصة من نوع جديد غير مألوف لهم.
قم بعرض بعض الأشياء المألوفة في المنزل واطلب من الطفل إيجاد حلول مبتكرة لتطوير استخدام تلك الأشياء.
لعبة الكلمات المتقاطعة أو لعبة الألغاز قد تكون مفيدة للغاية في زيادة مدارك الطفل و زيادة وعية.
اجعل هناك صندوق مليء بالأشياء المستخدمة بصورة يومية واجعلهم يصنعون منها لوحة أو ديكور منزلي.
اعطهم الأدوات اللازمة لصنع الألعاب الجديدة واجعلهم يبدعون في الصنع.
الاحتفال بنجاحهم حتى وإن كان بسيطًا ؛ لتحفيزهم على الاستمرار.
في الحقيقة نعرف جيدًا أن التعامل مع الأطفال الانطوائيين أمرًا صعبًا ، خاصةً إن كانت باقي العائلة منفتحين على المجتمع.
اترك الأطفال يطلقون العنان في غرفهم الخاصة ، ودعهم يبتكرون فيها الرسومات واللوحات المناسبة لأذواقهم ، فهي ملاذهم الآمن.
إذا كانت العائلة صاخبة وتحدث الكثير من الضوضاء ، فمن الأفضل تخصيص وقت هادئ يستمتع به الجميع ، لتجديد نشاطهم.
من أهم الأنشطة التي قد يقوم بها الوالد هم أن يتحدث مع أطفاله عن صفاته الشخصية بما يجده فيها من إيجابيات وسلبيات ، ويترك المجال لكل طفل أن يطرح صفاته الشخصية وما يحب وما يكره.
لا تبالغ في حماية طفلك وشاركه في الشدائد والأزمات التي تمر بها العائلة واطلب منه الحلول وعلمه كيف يدير الأمر.
في الحقيقة فإن الطفل يتبع خطوات أبويه حتى وإن لم يعلن ذلك ، لذا كن لولدك قدوة حسنة لتسعد به وتجعله يتخطى مشقة الحياة.
إذا قام الطفل باتخاذ قرار خاطئ فلا تقسو عليه ، قد يحتاج إلى وقت أطول لتعلم الصواب.
نسخة للطباعة