يمنح الدستور المصري هيئة كبار العلماء في الأزهر، ذات الأربعين عضوا، الحق الحصري في اختيار شيخ الأزهر. وبالوصول إلى المنصب يبقى شيخ الأزهر في منصبه حتى الثمانين من عمره، ثم يعود إلى هيئة كبار العلماء لكي يساهم بصوته في اختيار شيخ جديد.
شيخ الأزهر الحالي، أحمد الطيب، ٧١ وعاما، اتخذ عدة مواقف فسرها البعض بخلاف علني مع سياسة “تجديد الخطاب الديني” حسب ما صاغها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
نوجز لك في دقائق أهم هذه المواقف.
بعد فض اعتصام رابعة العدوية خرج شيخ الأزهر برسالة صوتية بثها التليفزيون المصري يعلن فيها دخوله في خلوة. ويصرح بأنه لم يعلم بقرار الفض إلا من خلال الإعلام.
شيخ الأزهر كان من الموقعين على بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ الذي أزاح الرئيس السابق محمد مرسي من منصبه، لكنه عاد ودعا إلى ما وصفه بـ "الحوار العاجل والمصالحة الوطنية الشاملة".
قرر وزير الأوقاف المصري توحيد خطبة الجمعة. من وجهة نظره كان القرار لمنع استخدام المساجد لبث خطابات الإرهاب.
وفي يوليو/تموز 2016، قررت الوزارة تعميم نص مكتوب للخطبة. ليرفض الطيب عبر هيئة كبار العلماء، التي اتهمت القرار بتجميد الخطاب الديني، وتسطيح فكر الأئمة، وتكبيلهم عن مناقشة الأفكار الضالة، لترد الوزارة معلنة تمكسها بتعميم الفكرة.
في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، طرح السيسي القضية علنًا، موجهًا حديثه للطيب في الاحتفال بالمولد النبوي، قائًلا: "أنا بقول لفضيلة الإمام كل ما أشوفه إنت بتعذبني، فيقولى إنت بتحبنى ولا لأ، ولا حكايتك إيه؟".
حلقة أخرى تكشفت خلال الأيام القليلة الماضية، حين نقل المتحدث باسم الوزارة إعجاب الرئيس بنجاح الفكرة.
أصدر الأزهر بيانا رفض فيه تكفير داعش؛ معتبرة أن "أصول العقيدة لا تخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة النبي محمد، وأن الذنوب مهما بلغت لا يخرج ارتكابها العبد من الإسلام".
السيسي طرح الخلاف علنًا في الاحتفال بالمولد النبوي في يناير/ كانون الثاني 2015، حين خاطب الطيب قائلًا: "سأحاججكم يوم القيامة أمام الله عن مسؤوليتكم تجاه نشر الفكر الوسطى الصحيح المعتدل ومحاربة الأفكار المتشددة والتنظيمات الإرهابية".
ليس هذا الخلاف علنيا تماما. سنكتفي بما طرح منه علنا بعيدا عن الاجتهادات الصحفية.
خلا منصب رئيس جامعة الأزهر باستقالة شاغل المنصب حينها، عبد الحي عزب؛ على خلفية أزمة قانونية تتعلق بتزوير شهادته.
ويمنح القانون رئيس الدولة سلطة تعيين رئيس الجامعة بعد ترشيح الطيب، وهو التعيين الذي لم يحدث حتى الآن، ليتوالى على الكرسي إبراهيم الهدهد، ثم أحمد حسني، ومحمد المحرصاوي، بصفة "قائم بالأعمال".
خلال تلك الفترة، كان محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحرى، يرى نفسه الأحق برئاسة الجامعة، وكشف في تصريحات صحفية أن "المشيخة أرسلت من قبل عددًا من الترشيحات، رفضت رسميا، لمنصب رئيس الجامعة".
في خطابه بمناسبة عيد الشرطة في 2017، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفهى، بعد ارتفاع معدلات الانفصال السريع في مصر، موجهًا حديثه للطيب باقتراح يقصر حالات الطلاق المعترف بها أمام الدولة على تلك التي تحدث أمام المأذون "الموثق الشرعي".
رد الطيب صدر عبر هيئة كبار علماء الأزهر، التي قالت إن وقوع الطلاق الشفهي هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي، دون اشتراط إشهاد أو توثيق، مؤكدة أن قرارها صدر بالإجماع.
الهيئة سارت إلى أبعد من ذلك، لتطالب "من يتساهلون في فتاوى الطلاق أن يصرفوا جهودهم إلى ما ينفع الناس ويسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجة إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجة إلى البحث عن وسائل تيسير سبل العيش الكريم".
في خطابه بمناسبة المولد النبوي، تمسك الطيب بحجية كتب التراث في علم الحديث، مؤكدًا أن "قيمة نظرية الإسناد»فيما يتعلق بدقة الحديث النبوي لا يمكن الشك فيها، ومن حق المسلمين أن يفتخروا بأن علم الحديث من علومهم"، ليتطرق إلى آيات الجهاد، مشددًا على أن التمسك بصحيح الدين أهم من رؤية الغرب.
اعتبر ذلك انتقادا بالتلميح إلى دعوة الرئيس السيسي إلى تنقيح كتب التراث. الرئيس - أثناء كلمته - خرج عن المكتوب ليسأل عن المسؤول عن سمعة المسلمين في العالم. بعد الخطاب أدار الأزهر معركته من خلال أشخاص آخرين، معتبرا أنها معركة للمتمسكين بالسنة ضد "منكري السنة". ونشرت وسائل إعلام مؤيدة للإخوان كرصد والعربي الجديد مواد تبرز شيخ الأزهر في صورة المناضل من أجل الدين. تسمية تنقيح التراث بـ "إنكار السنة"، ثم دخول الإخوان على الخط، وضع شيخ الأزهر في موضع تساؤل حول موقفه من الصراع الحالي مع جماعات التطرف الديني.