حينما نتحدث عن الإنقراض، فمن البديهي أن يتوارد إلى أذهاننا على الفور الديناصور، فهو أشهر حيوان منقرض تعرّفنا عليه، كما أنه ليس نوعًا واحدًا، بل أنواعًا عديدة ومختلفة عاشت عقود من الزمن وكانت تسود الأرض، فكيف لهذه الكائنات التي فرضت قوتها قبل 66 مليون عام أن تختفي فجأة بلا رجعة؟
أوضحت الحفريات التي توصّل إليها العلماء بالإضافة إلى المسارات والأسنان وغيرها من الأدلة القوية إلى أن الديناصورات عاشت على الأرض لفترة لا تقل عن 230 مليون سنة، ولكن مع انتهاء العصر الطباشيري والدخول في العصر الباليوجيني، اتّضح أن كافة الديناصورات الغير طائرة اختفت بشكل مفاجئ لتصبح حيوان منقرض.
لم يقتصر الأمر على ذلك، فقد اختفت معهم كذلك الزواحف البحرية المخيفة مثل: الموزاصوريات، والإكثيوصورات، والبليزوصورات، هذا بالإضافة إلى اختفاء كافة الزواحف الطائرة التي تعرف باسم التيروصورات.
يبدو أن تلك الأحداث اقترنت بحدوث اشتعال في كافة أنحاء الكوكب، ولم ينجو سوى بعض الثدييات والطيور والزواحف الصغيرة والأسماك والبرمائيات، بينما حدث انخفاض كبير في أشكال الحياة المتبقية، فقد حدث انقراض جماعي لثلاثة أرباع الحياة على سطح الأرض.
إن فكرة تحوّل الديناصور إلى حيوان منقرض واختفاء العديد من أشكال الحياة على الأرض تطلبت من العلماء جهود هائلة لكي يتوصلوا إلى السبب، وقد استطاعوا أن يخرجوا ببعض النظريات المختلفة، وفي الوقت الحالي توجد فكرتان رئيسيتان يتصارعان بالمجتمع العلمي حول هذا الأمر:
تُعد فرضية ألفاريز من النظريات المشهورة بشكل كبير بالوسط العلمي لتفسير تحوّل الديناصور إلى حيوان منقرض، ويعود الفضل في صياغتها إلى العالمان لويس ووالتر ألفاريز، وتقترح النظرية أنه يوجد نيزك ضخم اصطدم بالأرض قبل 66 مليون سنة تسبب بآثار عنيفة كالغبار والغاز مما أدى إلى تغير جذري بالمناخ والقضاء على حياة الكائنات.
استندت تلك النظرية على بعض الدلائل التي تدعمها والتي من بينها العثور على كمية كبيرة من معدن الإيريديوم بطبقة العصر الطباشيري الباليوجيني، هذه الطبقة تعمل على تغطية الطبقات الصخرية التي تتضمن حفريات للديناصورات.
يُعرف هذا المعدن بأنه وجوده نادر بالقشرة الأرضية، وهو يتواجد بكثرة بالنيازك الصخرية، وهذا أدى إلى تأييد فكرة أن وجوده كان بسبب جسم خارجي. زاد دعم العلماء أكثر لتلك النظرية بعدما تم اكتشاف فوهة صدمة موجودة على طول ساحل شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية بحجم وعمر ملائم يفسّر انقراض الديناصورات.
بعد أن ألقى العلماء نظرة على تلك الحفرة تبيّن لهم أنه على الأرجح كانت تلك الصدمة قوية بشكل كبير وبما يكفي لإلقاء كمية مميتة من الصخور وإرسال الغازات للغلاف الجوي، وهذا التأثير من المفترض أنه استمر لسنوات عديدة.
هناك مجموعة أخرى من العلماء لا يتفقون مع النظرية السابقة، ويرون أن انقراض الديناصورات كان سببه الرئيسي هو الأرض نفسها، وليس جسم خارجي.
أوضح مؤيدو هذه النظرية أن تحوّل الديناصور إلى حيوان منقرض كان بفعل تدفقات الحمم البركانية القديمة الموجودة بالهند والتي تُعرف باسم مصاطب الدكن، حيث تشير الدلائل إلى حدوثها في نهاية العصر الطباشيري أي منذ حوالي 60 إلى 65 مليون سنة مضت.
قامت تلك الصخور البركانية بتغطية مساحة تصل إلى 200000 ميل مربع بطبقات يصل سمكها إلى ما يزيد عن 6000 قدم، وهذا الحدث تسبب في امتلاء السماء بغاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى غازات أخرى تسببت في حدوث تغير كبير في مناخ الكرة الأرضية أدى إلى موت الكائنات.
توجد بعض الدلائل التي يستخدمها مؤيدو تلك النظرية من بينها أن بعض الدراسات أشارت إلى حدوث تغيرات في درجة حرارة الأرض قبل زمن حدوث الارتطام المزعوم، بينما أشارت أبحاث أخرى وجود حالات موت جماعي قبل 66 مليون سنة، وأن أعداد الديناصورات بالأخص كانت تقل بشكل بطئ خلال أواخر العصر الطباشيري.
بالإضافة إلى ذلك يرى الباحثون أن النشاط البركاني كان كثيرًا ما يتسبب في حدوث الانقراضات المختلفة على مر التاريخ، أما ارتطام النيازك العملاقة بالأرض كان أمرًا نادر الحدوث.
يرى عددًا من العلماء أنه يمكن أن يتم الجمع بين النظريتين السابقتين من أجل التوصّل لسبب اختفاء الديناصور وتحوّله إلى حيوان منقرض، حيث أنهم يرجحّون أن الديناصورات تلقّت ضربة جيولوجية ثنائية، فقد تسببت البراكين في انهيار النظم البيئية وجعلها غير قادرة على مواجهة خطر النيزك.
عمومًا هذه الفكرة معتمدة بشكل كبير على التأريخ الدقيق للفوهة الصدمية وحمم مصاطب الدكن بالهند، ففي دراستان تم عملهما على حمم مصاطب الدكن تم التوصّل إلى نتيجتين مختلفين؛
– أوضحت النتيجة الأولى أن البراكين كان لها دور داعم في عملية انقراض الديناصورات، وأن ذلك قد حدث بالمرحلة التي سبقت حدوث تصادم الكويكب بالأرض.
– أما الدراسة الأخرى فترى أن الحمم البركانية قد حدثت في الفترة التي تلت التصادم، وأن تأثيرها كان ضئيلاً في عملية الإنقراض بالمقارنة بتأثير الفوهة الصدمية.
قد تكون متفاجئًا وتتساءل كيف يمكن لـ حيوان منقرض كهذا أن يكون مازال حيًا؟ ولكن الحقيقة هي أن العلماء يرون بالفعل أنه لا يزال حيًا ولكن بالمعنى التطوري، حيث أنهم ينظرون إلى الطيور على أنها مجموعة حية من الديناصورات نظرًا لانحدارهم من سلف مشترك لكافة الديناصورات.
بالطبع ليس هناك أي دليل يثبت على وجود أي ديناصورات حقيقية على قيد الحياة أمثال: تيرانوصور، وفيلوسيرابتور، و أباتوصور، وستيغوصور، وتريسيراتوبس، فقد انقرضت جميع تلك الديناصورات وكذلك الأخرى الغير طائرة منذ 65 مليون سنة على الأقل.
يعتقد العلماء أن Nyasasaurus Parringtoni هو أقدم ديناصور عاش على الأرض وصار اليوم كأشهر حيوان منقرض ضمن الديناصورات، فهو يسبق كافة الديناصورات الأخرى بحوالي ما يزيد عن 10 مليون سنة. طبقًا للعلماء فإذا لم يكن هذا الديناصور هو الأقدم، فعلى الأقل يُمكن اعتباره بأنه الأقرب إلى أقدم الديناصورات التي تم اكتشافها على الإطلاق.
ليس معروفًا الكثير من المعلومات عن هذا الديناصور، ومن المرجح أن طوله يتراوح بين 6.5 و 10 أقدام ، بما في ذلك الذيل، ويُعتقد أن الذيل وحده كان طوله حوالي 5 أقدام، مما يعني أن الديناصور نفسه قد يكون حجمه بحجم كلب لابرادور ريتريفر.
تم تأريخ سجلات الديناصورات الأقدم إلى أواخر العصر الكارنياني، وهو ما يقرب من 231.4 مليون سنة مضت. من المعتقد أن Nyasasaurus pirringtoni قد عاش على الأرض أثناء العصر الترياسي الأوسط، أي منذ حوالي 243 مليون سنة. تم اكتشاف أحفورة الديناصور في تنزانيا بالقرب من بحيرة نياسا، واسم نياساورس يعني سحلية بحيرة نياسا.
بعد اكتشاف هذا الديناصور في تنزانيا، أصبح العلماء يعتقدون أن كافة الديناصورات قد نشأت بالمنطقة الجنوبية من القارة العظمى حينما كانت الأرض تتضمن فقط قارة بانجيا والتي تشتمل الآن على الهند وأستراليا والقارة القطبية الجنوبية ومدغشقر وإفريقيا وأمريكيا الجنوبية.
تم تسمية ديناصور Nyasasaurus Parringtoni بهذا الإسم نسبةً إلى الأستاذ الراحل فرانسيس ريكس بارينجتون وهو أحد علماء الأحافير البريطانية بجامعة كامبريدج. في عام 2012 قام عالم الحفريات الأمريكي ستيرلينغ نسبيت بالنشر عن هذا الديناصور، وتضمين الراحل فرانسيس كمؤلف مشارك، بالرغم من أنه كان متوفي في ذلك الوقت.