في مقابلة عام 2001، عشية إطلاق العدالة والتنمية، وعد أردوغان بأنه لن يسمح بالأوتوقراطية في حزبه الجديد، وأن “الزعيم لن يلقي بظلاله على الحزب”.
“بدا في البداية أنه يفي بكلمته” تقول الإيكونومست. “استوعب حزب العدالة والتنمية درجة من النقاش. لكن أردوغان حوله خلال العقد الماضي إلى سيارة شخصية”.
تضيف الإيكونومست: أن أعضاء الحرس القديم تعرضوا للطرد، ليستبدل بهم الرئيس بعد محاولة الانقلاب الفاشل في 2016 الـ “Yes men” وأفراد أسرته، حيث وضع معيار الولاء قبل أي شيء آخر.
البرلماني التركي السابق إبراهيم تورهان يقول إن إن حزب العدالة والتنمية القديم لم يعد له وجود، واصفًا الحزب بشكله الحالي بـ “حزب أردوغان“.
تعترف الإيكونومست أن الحديث عن علامات السخط التي بدأت تخرج للعلن داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى تمرد مفتوح ضد الرئيس رجب طيب أردوغان “بين أكثر التساؤلات المملة في السياسة التركية”.
تضيف أن التكهنات تبدأ دائمًا عندما ينتقد أحد نجوم حزب العدالة والتنمية السابقين شخصًا قويًا في تركيا، وتموت عندما لا يتبعه شيء آخر.
“هذا العام يبدو مختلفًا“، تتوقع الإيكونومست. “الاقتصاد يمر بحالة ضبابية، مع حزب حاكم أضعفته خسائر انتخابات البلديات. والآن ، هناك أدلة متزايدة على أن بعض حلفاء أردوغان السابقين، بمن فيهم الرئيس ورئيس الوزراء السابقين، على وشك إنشاء حزب سياسي منافس”.
أواخر مارس/ أذار الماضي، فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو بفارق ضئيل على مرشح حزب العدالة والتنمية الحكم بن علي يلدريم، أحد المقربين من أردوغان، في انتخابات بلدية اسطنبول.
رفض العدالة والتنمية الاعتراف بالنتائج، لتأمر اللجنة العليا للانتخابات في تركيا بإعادة فرز الأصوات، قبل أن تقرر، مطلع مايو/ أيار، إعادة العملية الانتخابية كليًا حين لم تتغير النتائج، زاعمة أنها كشفت “عشرات الانتهاكات” بشأن طريقة تشكيل لجان الإشراف عن مراكز الاقتراع.
ومساء الخميس، كشفت صحيفة “حرييت” التركية أن السلطات عزلت 13 مسؤولًا في اللجنة العليا للانتخابات وأحالتهم للتحقيق التأديبي بتهمة ارتكاب “مخالفات” في انتخابات بلدية إسطنبول.
ويُعتقد على نطاق واسع داخل وخارج تركيا أن أردوغان ودائرته الداخلية متورطون مباشرة في تنسيق كل تلك الخطوات، بحسب الإيكونومست.
إثر ذلك، وبشكل استثنائي، انضم بعض أعضاء الحرس القديم في حزب العدالة والتنمية لمنتقدي قرار إعادة الانتخابات “الظالم” بوصف الرئيس السابق عبد الله جول، و”المناقض لحكم القانون” بتأكيد رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.
كان أحمد داود أوغلو حليفًا مقربًا لأردوغان، وقياديًا بارزًا في حزب العدالة والتنمية، ورئيسًا للحكومة بين عامي 2014 و2016.
وبخسارة الحزب في الانتخابات البلدية، وجه أوغلو انتقادات علنية لأردوغان لأول مرة منذ ترك منصبه، عبر بيان مطول امتد لـ 15 صفحة، في أبريل/ نيسان، ندد فيه بالسياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، والقيود واسعة النطاق التي يفرضها على وسائل الإعلام، والضرر الذي قال إنه لحق بالفصل بين السلطات وبالمؤسسات.
الانتقادات شملت الدستور الذي يمنح أردوغان سلطات غير مقيدة تقريبًا، وتحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية “المتطرف”، وتأثير “الهيكل الموازي” لموظفي المحسوبية ومسؤولي القصر.
واعتبر أوغلو أن نتائج الانتخابات أظهرت أن “سياسات التحالف أضرت بحزبنا سواء على مستوى الأصوات أو كيان الحزب”.
تنقل الإيكونومست عن مقربين من الرئيس السابق، عبد الله جول، ووزير الاقتصاد السابق، علي باباجان، تأكيدهم أن جهود تأسيس الحزب الجديد تشمل الرجلين وعددًا من الوزراء السابقين الآخرين.
ولا توجد أي مؤشرات على انضمام داود أوغلو للحزب الجديد رغم انتقاداته العلنية لأردوغان. رئيس الوزراء السابق – في البيان نفسه – لم يشر لاحتمال تشكيل حزب جديد، وشدد على الحاجة لإصلاح داخلي في العدالة والتنمية.
وتنقل الإيكونومست عن “مطلعين” في حزب العدالة والتنمية أن داود أوغلو وعلي باباجان “ليسا على وفاق”.
وفي مايو/ أيار، لم ينف علي باباجان بذل مساعٍ سياسية لتشكيل حزب جديد، لكنه وصف الحديث عن تحالف سياسي مع داود أوغلو بـ “المفتعل”.
أيتين ماهكوبيان، كبير مستشاري أحمد داود أوغلو حين كان رئيسًا للوزراء، يقول إن المجموعة كانت على استعداد للإعلان عن الحزب الجديد في بداية العام، لكنها قررت الانتظار لما بعد الانتخابات البلدية، متوقعًا أن يستمر التأجيل حتى الخريف.
ويعتمد الموقف كثيرًا على نتيجة إعادة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول المقررة في 23 يونيو/ حزيران.
وتعتبر الإيكونومست أن خسارة أخرى قد يتلقاها العدالة والتنمية في أكبر مدن تركيا للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر محرجة بما يكفي ليجد أردوغان نفسه في مواجهة أزمة شرعية قد يشعر معها منتقدوه داخل حزب العدالة والتنمية بالجرأة للتحدث علنًا.
يواجه مشروع الحزب الوليد ثلاث عقبات قد تعرقل جهوده لكسر سيطرة الرئيس الحالي:
الدعم الشعبي:
مقدار الدعم الذي قد يحصده منشقون عن العدالة والتنمية بين ناخبي الحزب غير واضح حتى الآن. يتزايد عدم الرضا عن اتجاه تركيا تحت قيادة أردوغان، لكن قلة من المحللين يتوقعون أن يستحوذ حزب محافظ جديد على أكثر من جزء صغير من رصيد حزب العدالة والتنمية.
قبول المعارضة:
يسخر النقاد العلمانيون من أن العناصر التي ساعدت في تمكين أردوغان ستحتاج إلى تغيير كبير قبل تسويق أنفسهم كمعارضين له.
عنف أردوغان
صد الرئيس التركي العديد من التهديدات لحكمه، غالبًا بلا رحمة، بما يكفي لإثناء أي شخص عن المحاولة مرة أخرى. ويتخوف مراقبون من أن الرئيس التركي قد يحاول قتل المحاولة الجديدة في مهدها، باعتبار أن نجاح التشكيل سيكون أخطر تحدٍ يواجهه من الداخل.