يُعد الكذب عند الاطفال أمرًا شائع الحدوث، وعادةً فهو لا يُنظر إليه كشئ يستدعي القلق مادام لم يتحوّل إلى عادة متكررة، وغالبًا ما يكون غير مقصود كما يظن الكبار، ولكن لابد على الآباء أن يعرفوا ما السبب الذي يدفع طفلهم للكذب، ويعالجوا هذا الأمر حتى لا يتكرر، وسنشرح كل ذلك في هذا المقال، تابع معنا..
توجد ثلاثة اسباب رئيسية يُمكن أن تكون سببًا في الكذب عند الاطفال وهم: استخدام الخيال، وتجنّب العواقب، والتباهي، وحينما تُدرك السبب المحتمل للكذب، يمكنك وضع خطة لمنع تكراره، وفيما يلي شرح لكل سبب بالتفصيل:
عادةً ستجد الطفل خلال مرحلة ما تسبق دخوله المدرسة يسرد بعض الأكاذيب الخيالية، فمثلاً قد تجده اختلق قصة عن كونه قام بركوب وحيد القرن، أو ذهب إلى القمر، وما إلى ذلك من الأمور التي لا يُمكن أن تكون حقيقة.
حينما يبدأ طفلك في سرد قصص خيالة، قم بسؤاله: “هل هذا أمر حدث فعلاً أم أنك تتمنى أن يحدث؟”، هذه الطريقة في السؤال والتي لا تتضمن أي اتهام سوف تشجّع الطفل على قول الحقيقة، وقد يخبرك أنه بالفعل يتمني أنه يكون هذا الأمر قد حدث.
لا تقم بالتقليل من خيال طفلك، بل حاول مساعدته وتشجيعه على سرد قصص رائعة ولكن مع إدراك أنها ليست حقيقية، ومن خلال الممارسة والتدريب، سيتعلّم الطفل ذلك، وقد تجده يبدأ كلامه بقوله “أتعلم ما كنت أرغب في أن يصير حقيقة؟” أو “استمع لتلك القصة”.
يُمكن أن يحدث الكذب عند الاطفال كوسيلة من أجل تجنّب العواقب السلبية والهروب من المسؤولية، تمامًا كما يفعل الكبار، على سبيل المثال قد تجد طفلك يحاول أن يقنعك بأنه لم يأكل من الكعك بالرغم من أن آثاره الظاهرة على وجهه.
إذا كشفت كذب طفلك، اعرض عليه فرصة أن يخبرك بالحقيقة، واخبره أنك ستمنحه دقيقة ليفكّر بالأمر ثم ستسأله مرة أخرى ليخبرك عما حدث بالفعل، وغالبًا ما يجعلهم ذلك يعيدون التفكير ويقولون الحقيقة على الفور.
في حالة قرر الطفل أن يقول الحقيقة، لابد أن تقدّر صراحته لقول الحقيقة بالرغم من صعوبة مشاركتها، وإذا لاحظت أن طفلك كثيرًا ما يكذب لكي يتجنب المشاكل، فعليك أن تعيد النظر في تصرفاتك الشخصية، وتتأكد من أنك لا تعامله بقسوة تجعله يخاف من ردة فعلك.
في بعض الأحيان قد يروي الأطفال بعض الأكاذيب عندما يرغبون في أن يبهروا الآخرين، على سبيل المثال قد يقول الطفل لوالديه أنه نال أعلى درجة في مادة الرياضيات بفصله حتى إذا كان ذلك لم يحدث اصلاً.
إن تضخيم الحقيقة أو حتى الكذب بصورة صريحة في الأغلب يكون من أجل إخفاء الإحساس بعدم الأمان، ولكي يتوافق الطفل مع أقرانه، فإنه قد يُصرّ على أنه قد مرّ بنفس التجارب مثل زملائه، أو سيحاول أن يقنعهم بقصصه الخاصة.
يُمكن للطفل الذي لا يستطيع السباحة يدّعي أنه رأي أحد أسماك القرش بالمحيط، أو قد تجد الطفل الذي لم ينل العديد من الهدايا أنه يسرد قائمة طويلة من الهدايا باهظة الثمن التي حصل عليها.
إن معالجة الكذب عند الاطفال في تلك الحالة يتطلب تعزيز احترام الطفل لذاته، لذلك عليك البدء في التحدث معه بخصوص العواقب المحتملة للتباهي، مع محاولة تطوير مهاراته الاجتماعية، و اسعى أن تجد طرق مناسبة يتواصل بها الطفل مع الآخرين بدون أن يكذب بخصوص تجاربه.
قم بمدح مجهوداته وعمله الشاق في ما يفعله بغض النظر عن النتيجة، فمثلاً بدلاً من أن تثني على تسجيله عدد كبير من الأهداف في لعبة كرة القدم، امدحه على اجتهاده باللعبة ومحاولته الجادة، ودائمًا حاول التأكيد على أنه ليس في حاجة أن يصبح الأفضل لكي يكسب قبول الآخرين.
يُعد الكذب المرضي والقهري من المواضيع المثيرة بشكل كبير للجدل في المجتمع الطبي، حيث إن البعض لا يعترف بوجودهم، بينما يرى البعض الآخر من الأطباء أن هذه السلوكيات تكون ناتجة عن تشخيص آخر أو بسبب التعرض للصدمات أو نتيجة للخوف.
يرى عدد من الأطباء أن الاختلاف بين الكذب المرضي والقهري يتمحور حول النية، فمن يكذب كذب مرضي يفعل ذلك بدون وجود أسباب واضحة، وعادةً ما يكون بدون تخطيط أو دافع، فمثلاً قد تجد طفلك يدّعي حدوث شئ ما لم يحدث على الإطلاق، حتى إذا لم يكن هناك أي سبب مثل الخوف أو التمني يدفعه لقول تلك الكذبة.
في حالة الكذب القهري فإنه عادةً ما يكون بغرض نيل شئ ما يرغبه أو يحتاجه الطفل أو لكي يفلت من العقاب، وهذا هو أكثر انواع الكذب شيوعًا لدى الأطفال، فمثلاً قد يكذب الطفل بشأن شئ قام بتناوله رغم أنه بالفعل تناوله.
هناك عدد من الدراسات التي اوضحت أن الكذب عند الاطفال يُمكن أن يكون دلالة على التعاطف والتطور الاجتماعي، وعادةً ما يختفي من تلقاء نفسه، ولكن توجد بعض العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى وجود مشكلة بالطفل وليس مجرد سلوك سيختفي فيما بعد، وتتضمن العلامات ما يلي:
– عادةً ستجد الطفل يكذب بدون أن يكون هناك أي أسباب واضحة.
– سيظهر على الطفل مشكلات أخرى بجانب الكذب مثل: الغضب الشديد، أو اللامبالاة تجاه مشاعر الآخرين أو التقلبات المزاجية العنيفة.
– يصبح الكذب وسيلة من أجل التلاعب بالآخرين أو السيطرة عليهم.
– يكذب بشكل أكثر من أقرانه.
– يظل مستمرًا في كذبه حتى إذا كان ذلك يتعارض مع العلاقات.
– يزداد كذبه سوءًا مع مرور الوقت.
يُمكن أن يكون الكذب عند الاطفال علامة على معاناتهم من مشكلة نفسية ما، ويُمكن أن تشتمل تلك المشاكل على ما يلي:
يُمكن للاطفال الذين قد عانوا من سوء المعاملة أو الصدمات النفسية أن يستخدموا الكذب كوسيلة من أجل التستر أو الكذب بشأن ما تعرّضوا له أو لخوفهم من مصارحة البالغين بالحقيقة.
يُمكن أن يكذب الأطفال المصابون بالتشخيصات المتعلقة بالقلق لأنهم يصابون بالقلق حينما يفكرون في عواقب قولهم للحقيقة.
يُمكن أن تتسبب قلة ثقة الطفل بنفسه في جعله يكذب حتى ينال حب الآخرين؛ لأنه قد يظن أن الحقيقة ستجعل الناس لا يحبونه.
في بعض الحالات يُمكن أن يكون الكذب جزء من اصابتهم باحدى اضطرابات الشخصية مثل اضطراب الشخصية الحدية، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ولكن يتطلب الأمر ظهور أعراض أخرى بجانب الكذب، والتشخيص من قِبل الطبيب.
هناك عدد من المشكلات النفسية التي قد تكون سببًا في الكذب عند الاطفال، على سبيل المثال في حالة إصابة الطفل بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب، فإنه قد يتصرّف بشكل يندم عليه خلال نوبة الهوس، ثم بعد ذلك يبدأ بالكذب بخصوص هذا السلوك.