الكسندر الأول هو إمبراطور روسي، وسوف نتعرف في هذا المقال عن بعض ملامح من حياته وطفولته، وقصة زواجه، ودور الملكة كاترين جدته في الكثير من أمور حياته وتعليمه منذ أن كان طفل، مرورا بزواجه، حتى وصوله إلى الحكم بعد ما قرر هو وجدته قتل أبيه.
اسمه الكسندر الأول بافلوفيتش قيصر روسيا، وولي عهد أبيه القيصر (بافل الأول)، تم تنصيبه بعد وفاة أبيه، وجدته الإمبراطورة (كاترين الثانية).
يعتبر الكسندر الأول أول الملوك الذين حكموا كونغرس بولندا، وذلك منذ عام 1815م إلى سنة 1825م.
كما إنه كان الدوق الأكبر منذ عام 1809م إلى عام 1825م لفنلندا.
ولد الامبراطور الكسندر الأول في سانت بطرسبرغ في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر لسنة 1777م.
تربي هو وأخوه الصغير ويدعي قسطنطين على يد جدته (كاترين الثانية).
كان البلاط الملكي يتسم ببعض الحرية في التفكير وبعض مبادئ الإنسانية المأخوذة من إنجيل روسو.
والتي أثرت بشكل كبير على الكسندر الأول، كما كان لفريدريش سيزار دور كبير في حياة الكسندر الأول وهو المعلم السويسري الذي تتلمذ على يده الكسندر الأول.
ولكن على النقيد تمامًا من المبادئ الإنسانية وحرية الرأي والفكر التي نقلها من البلاط الملكي.
تلقى كافة التعاليم الخاصة بالحكم المستبد في روسيا على يد نيكولاي سالتيكوف وهو حاكم عسكري في هذا الوقت.
كانت جدته توليه هو وأخيه اهتمامًا بالغًا، وكانت تهتم بتعليمهما كل شيء.
كما اهتمت بتعليمهما دينهم على يد أحد الكهنة والقساوسة ويدعى (أندريه أفاناسييفيتش سامبورسكي).
وهو أحد الكهنة الذين يدينون بالأرثوزوكسية، كما كان غير ملتح على عكس معظم القاسوسة والكهنة.
مثل أي إمبراطور أو ولي عهد يمر في حياته بما لا يمر به غيره من أمور الحياة المختلفة.
فقد يتولى الحكم صغيرًا، وقد يتزوج في وقت مبكر مقارنة بأقرانه، وربما هذا من تداعيات البلاط الملكي.
عندما بلغ الكسندر الأول حوالي 15 سنة، تزوج من إحدى الأميرات من بادن والتي تصغره بعام واحد، وهي الأميرة لويز.
وكانت حينها تبلغ 14 سنة، وسميت بعد ذلك (إليزابيث أليكسيفنا).
وكانت جدته (كاترين الثانية) هي من زوجته، كان الكسندر الأول موالي لها ولأبيه على التوازي.
ولكن بعد أن ألحق نيكولاي سالتيكوف؛ الكسندر الأول في الحياة السياسية، زرع فيه الخوف من والده والتعامل معه وكره جدته.
مازالت كاترين مهتمة بالكسندر الأول وتسعى لتحسين علاقته بها بشكل دائم.
قامت بتشيد أحد القصور الفخمة لالكسندر الأول وزوجته بمناسبة زواجهم، وعلى الرغم من هذا لم تتحسن العلاقة بينها وبين حفيدها.
بل أن زوجته الأميرة إليزابيث كانت منزعجة وناقمة بشدة على الحفلات الراقصة التي تقيمها كاترين بداخل القصر.
شكل هذا ضغوط كثيرة على الكسندر الأول من الناحية الشخصية وعلى دوره كزوج.
كما أن كرهه مؤخرا لجدته ساعده في التعاطف مع والده بشكل أكبر.
كما ذكرنا من قبل نشأ الكسندر الأول في عائلة امبراطورية حاكمة أبا عن جد.
والجدير بالذكر أن الحياة الشخصية للحكام في العصور القديمة كانت تفتقد لمشاعر الإنسانية.
بل تصبح في بعض الأحيان مجردة منها تمامًا، فكل الاهتمام ينصب على الحكم.
وقت يقتل الأب ابنه، ويقتل الأبن أبيه من أجل الوصول إلى الحكم، دون النظر إلى أي مشاعر أخرى.
كانت الملكة كاترين الثانية تحب الكسندر الأول وتخطط كثيرًا من أجله، وكانت ترغب في عزل أبيه من الحكم.
فكانت تريد أن يكون الكسندر الأول هو ولي العهد من بعدها، ولكنها لم تقوم بالإفصاح عن ذلك لأي أحد.
لكنها أخبرت الكسندر الأول بذلك، وقامت بالتخطيط معه لقتل والده بافل الأول، وتم قتله عام 1801م.
تولى الكسندر الأول حكم الإمبراطورية الروسية في نفس سنة مقتل والده 1801م، وذلك بعد مرور حوالي 24ساعة فقط على مقتل أبيه.
والجدير بالذكر أن الكسندر الأول حظى بشعبية جماهيرية عالية، وحب الناس الكبير له، والسبب في ذلك آراءه المتحررة وأفكاره الليبرالية.
كما إنه كان يظهر اهتمام بالغ بطبقة الشعب من الكادحين والفلاحين، وكان ضد العبودية والرق ومناهض لها.
ولكن على الرغم من كرهه للعبودية ورفضه لها بشكل قاطع، لم يستطع الكسندر الأول القضاء عليها بشكل نهائي.
اهتم بالتعليم لإيمانه بأنه رفعة الشعوب، وبناء المستقبل للوطن وللإمبراطورية الروسية، فقام بتأسيس نظام متكامل وشامل للتعليم.
كان يحاول أن يعتدل مع الدول المجاورة في بعض السياسات الداخلية.
وكان يسعى لتكوين صداقات بين الدول الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا، ونجح في ذلك.
ولكن لم تستمر صداقة البلدين لفترة طويلة، ففي سنة 1812م أعلنت فرنسا بقيادة نابليون بونابرت شن حرب على روسيا.
وفي سنة 1815م قام بمناقشة الوضع الراهن لروسيا في الحرب مع فرنسا بمؤتمر فيينا.
وألحق بنابليون بونابرت هزيمة كبري بمساعدة بعض الحلفاء.
شهد عهد الامبراطور الكسندر الأول الكثير من التطورات في الامبراطورية الروسية.
قام بتأسيس الكثير من المطابع الخاصة، كما أذن لإدخال بعض الكتب من أوروبا إلى روسيا.
وقام بعمل تعديلات في المنظومة الخاصة بالإدارة في الدولة، وأنشأ هيئة قضائية ورقابية بها، ويطلق عليها (مجلس الشيوخ) وهو أول من أسسه.
وكلف الكسندر الأول أحد المسؤلين في البلاط الحاكم ويدعى (نيكولاي نوفوسيلتسيف) بعمل مسودة تمهيدًا لنص وتشريع الدستور الروسي.
ولكن بعد أن تم الانتهاء منتشريع القوانين والدستور تم تأجيله.
كان الكسندر الأول يسعى جاهدًا لتطوير روسيا وإدخال بعض التحديثات على نظام الدولة.
ومن ضمن هذه التحديثات المتطورة النظام البوليسي الذي أدخله الكسندر الأول مجددًا.
آنذاك زاد انتشار النشاط الماسوني الذي يقام في روسيا، حتى إنه بدأ في أخذ الطابع الرسمي والشرعي الحكومي.
لذلك أصدر قرار بمنع أي أنشطة مقامة تخص المحافل الماسونية وذلك في سنة 1822م.
ونص هذا المرسوم أيضًا على العديد من القرارات والفرمانات الأخرى، مثل حظر كافة الجمعيات السرية والأنشطة المتعلقة بها.
ولكنه على الرغم من جهده المتواصل وسعيه للإصلاح، لم يتمكن من حل أغلب القضايا الاجتماعية أو القضايا السياسية العالقة في روسيا وظلت كما هي.
كما قلنا هي حياة خالية من المشاعر تمامًا، ومن يصل إلى الحكم والإمبراطورية يجب أن يخشى على نفسه.
بعد مرور فترة تتجاوز النصف تقريبًا من حكم الكسندر الأول لروسيا، والإصلاحات العديدة التي قام بها في البلاد.
تراجع عن كل هذا، بسبب الخوف الزائد من أن تحاك أي مؤامرات ضده لقتله.
فأصبح الكسندر الأول رجعيًا بعد ما كان ليبراليًا متفتحًا، وصار متعسف بشكل كبير.
أدى ذلك إلى قيامه بإلغاء الكثير من التطورات والإصلاحات التي قام بها سابقًا.
بعد أن أولى التعليم اهتمام كبير، وسمح باستيراد الكتب العلمية من أوروبا، قام بإقالة كافة المعلمين الأجانب من المدارس الروسية.
كما أخذ التعليم الشكل السياسي المحافظ، والديني الملتزم.
قام بعمل استبدالات وتغييرات في بعض القيادات الهامة في الجيش والبلاط الملكي، بسبب خوفه من أن يُغتال أو يتآمر ضده.
في إحدى الرحلات التي قام بها الكسندر الأول إلى جنوب روسيا، تعرض للإصابة بعدوى منتشرة في هذا الوقت وهي الحمى النمشية.
مرض بالحمى بشكل شديد؛ أدت إلى وفاته في الأول من شهر ديسمبر لعام 1825م.
نسخة للطباعة