على خريطة العالم، تظهر مقاطعة ألبرتا غربي كندا كمنطقة محررة وحيدة في حرب الإنسانية الممتدة منذ قرون ضد غزو الفئران.
الفئران البنية بين أكثر الكائنات المزعجة والمدمرة بالنسبة للبشر، لكن أربعة ملايين شخص فقط في العالم محظوظون للغاية بأنهم لن يشاهدوا إحداها في محيطهم، ولهذا قصة عمرها 70 عامًا، رصدتها “ناشونال بوست” الكندية”، ونعرضها موجزة في دقائق.
وكأنها خطر نووى، تعاملت السلطات مع خطر الفئران. منشورات "الفئران قادمون" انتشرت بنفس جدية المنشورات الأمريكية للتحذير من خطر هجوم نووي وشيك.
سلطات ألبرتا أعلنت منطقة حرب. نشرت المفتشين وفرق المكافحة ودربت المدنيين على وسائل مكافحة وقتل الفئران.
قانون مكافحة الأفات الزراعية جرم ملاك الأراضي الذين لا يتعاونون للقضاء على الفئران.
"غزو الفئران يهدد ألبرتا، علينا أن ننظم أنفسنا، ويعرف كل فرد واجبه للخروج منتصرين في هذه المعركة"، يقول كتيب حكومي وُزع في جميع أنحاء المقاطعة في 1954.
الكتيب تضمن تحذيرًا بأن الفشل في التصدي للفئران يعني مستقبلًا وشيكًا من المحاصيل المدمرة وانتشار الطاعون الدملي.
"على كل مواطن ألا يدخر جهدًا في قتل كل فأر يراه"، يضيف الكتيب، الذي تزامن إصداره مع توفير سم الفئران بالمجان.
الجهود أتت بثمارها. وباتت ألبرتا خالية تمامًا من الفئران، لكن الحرب لم تتوقف.
استمرت يقظة المفتيش تحسبًا لظهور أي فأر، وتواصلت الدوريات الحدودية لمنع وصول الفئران من المقاطعات المجاورة. خط ساخن يستقبل البلاغات عن الاشتباه في ظهورها، واقتناء الفئران الأليفة ممنوع.
بات ظهور أي فأر في المقاطعة حدثًا يجذب تغطية الإعلام لأيام حتى القضاء عليه نهائيًا.
في 2011، عثر المفتشون على فأرين غارقين في المقاطعة. الأمر استدعى تأكيدًا رسميًا بأنهما دخيلان لم يولدا في ألبرتا.
فى العام التالي، تصدرت الصحف المحلية عناوين عن مخاوف من العثور على فأر ميت في أحد مباني المقاطعة السكنية. السلطات فتحت تحقيقًا فوريًا، قبل أن تنشر الصحف مانشيتًا رئيسيًا "لم يكن فأرًا.. كان مجرد سنجاب".
كل تلك الإجراءات لم تمنع حدوث اختراقات كبيرة. في 2012، عثرت السلطات على مخبأ فئران في مكب نفايات، لتبدأ عملية مكافحة دامت شهرين، وأسفرت عن قتل150 فأرًا، قبل إعلان تطهير المنطقة.
"المشكلة لم تُحل.. عودة الفئران ما زالت سهلة، تمامًا كما كانت في الماضي"، تحذر الحكومة المحلية عبر موقعها الرسمي.
نجاح ألبرتا دفع مناطق أخرى لتكرار المحاولة. جزيرة جورجيا الجنوبية أعلنت القضاء التام على الفئران فى 2018، لكن بعد حرب كلفت 17 مليون دولار وأكثر من 300 طن سموم رشتها الطائرات على مدار 10 سنوات.
مع ذلك تبقى مهمة الجزيرة النائية في تأمين نفسها أسهل، مقارنة بألبرتا المحاصرة بالفئران من كل جانب.