الاكتئاب هو ليس مجرد احساسًا بالحزن والضيق، بل هو اضطراب مزاجي يتسبب في حدوث تأثيرات على أسلوب التفكير والشعور والتصرفات، وقد تتراوح شدة اعراضه من البسيطة إلى المتوسطة وحتى الشديدة التي قد تتضمن أفكارًا انتحارية. وقد يظن البعض أن الاكتئاب هو نوع واحد فقط، إلا أنه قد يأتي الاكتئاب في أكثر من نوع ولأكثر من سبب، ولهذا سنوضح في هذا المقال انواع الاكتئاب بالتفصيل.
يساهم فهم انواع الاكتئاب في بدء رحلة التشخيص والشفاء من المرض، حيث من المهم أن يفهم الشخص سبب معاناته، وتذكّر أنه لابد لك من اللجوء للاستشارة الطبية وطلب المساعدة؛ حتى يحدد الطبيب نوع اكتئابك بشكل دقيق ويعطيك العلاج المناسب، حيث لا يجب أن يشخّص الفرد نفسه.
يُطلق على هذا النوع من الاكتئاب عدة مسميات منها: الاضطراب الاكتئابي الكبير، أو الاكتئاب أحادي القطب، أو الاكتئاب السريري والإكلينيكي، وهو من أبرز انواع الاكتئاب، وعادةً ما يتّسم بإحساس دائم بالحزن أو عدم الاهتمام بالمحفزات الخارجية.
يتم تشخيص الاكتئاب السريري في حالة معاناة الشخص من خمسة أو أكثر من الأعراض الوارد ذكرها في الدليل التشخيصي، وأن تستمر تلك الأعراض لحوالي أسبوعين أو أكثر، مع ضرورة أن يكون المزاج المكتئاب أو عدم الاهتمام بالأنشطة من الأعراض الظاهرة على الشخص، وفيما يلي توضيح للأعراض كاملة:
– يفقد الشخص اهتمامه واستمتاعه بأنشطته.
– يشعر بالذنب كثيرًا وانعدام القيمة.
– يفكر بشكل سلبي ولا يستطيع رؤية الحلول الإيجابية.
– يسيطر عليه احساس القلق أو الغضب والتململ.
– لا يستطيع التركيز بشكل جيد ويجد صعوبة بالتفكير.
– تنعدم شهيته ويبدأ في فقدان وزنه، أو يحدث العكس.
– يعاني من مشاكل بدنية بدون سبب مثل آلام الصدر والصداع.
– لديه اضطرابات في النوم والتي قد تظهر في صورة أرق أو نوم مفرط.
– كثرة التفكير في الموت أو ظور أفكار انتحارية قد تصل إلى التنفيذ الفعلي.
وهو يُعرف أيضًا بالاكتئاب الجزئي أو عسر المزاج، ويمثّل هذا الاكتئاب شكلاً طويل الأمد من الاكتئاب السريري، فبينما الاكتئاب السريري يأتي على شكل نوبات، فإن الاكتئاب الجزئي يظل مستمرًا مع الشخص، ولا تختفى أعراضه حتى ما يزيد عن شهرين، وعادةً ما تتداخل أعراضه بالسلب على الحياة اليومية للشخص.
يعاني المصابون بهذا الاكتئاب من سيطرة مشاعر الحزن واليأس عليهم، إلا أنه لا يكون بنفس حدة الاضطراب السريري، وعادةً ما يتم تشخيص عسر المزاج إذا كان الشخص يعاني من عدة أعراض اكتئابية لفترة تمتد لمدة عامين أو أكثر، ومن المهم علاج هذا الاكتئاب قبل أن تتفاقم الأعراض وتتسبب في إصابة الشخص بالاكتئاب السريري.
في بعض الأحيان تعاني الأمهات بعد الولادة من بعض الأعراض الاكتئابية مثل سيطرة المشاعر الحزينة عليهم ونوبات البكاء المفاجأة والتي قد تستمر لعدة أسابيع، وبالرغم من عدم وضوح سبب معيّن لهذا الاكتئاب، إلا أنه يُمكن أن يكون ناتج عن التغيرات الهرمونية التي تعقب الولادة والخوف من المسؤولية، ويمكن أن تتضمن الأعراض ما يلي:
– تشعر الأم بالاحباط والحزن أغلب اليوم لعدة أسابيع أو أكثر.
– تبدأ بالإنسحاب من العائلة والأصدقاء.
– تكون فاقدة للإهتمام بالأنشطة بما في ذلك الجنس.
– تعاني من بعض التغييرات بعادات الأكل والنوم.
– تشعر بالتعب أغلب اليوم.
– تعاني من الإحساس بالغضب أو الانفعال.
– تشعر بالقلق أو تعاني من نوبات هلع أو أفكار متسارعة.
الاضطراب العاطفي الموسمي هو ذلك الاكتئاب الذي يكون حدوثه مرتبط بالمواسم، وغالبًا ما يلاحظ المصابين بهذا الاضطراب أن أعراضه تبدأ وتنتهي بنفس الوقت تقريبًا من كل عام، وفي كثير من الأحيان تكون بدايتها في الخريف وحتى الشتاء، ولكن هذا لا ينفي احتمالية الإصابة به بالربيع أو الصيف.
في الأغلب تتمثل بداية الأعراض في الإحساس باليأس والإرهاق وفقدان الاستمتاع بالأنشطة، ويكون الأمر خفيف في البداية، ثم يبدأ في التطوّر حتى يصير أكثر شدة مع مرور الأسابيع. يلاحظ المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي ظهور بعض الأعراض الفريدة خلال فصل الشتاء، والتي تتضمن ما يلي:
– الإحساس بالثقل بالذراعين والساقين.
– النوم بكثرة.
– زيادة الرغبة تناول الكربوهيدرات مما يؤدي لزيادة الوزن.
– مشاكل في العلاقات.
وهو من انواع الاكتئاب الذي يعاني منه حوالي 20% من المصابين بالاكتئاب السريري، حيث في بعض الحالات ينتاب المصابين نوبات شديدة تصل لدرجة إصابتهم بأعراض ذهانية.
ويتم تشخيص الاكتئاب الذهاني حينما يلاحظ الطبيب وجود أعراض ذهانية مختلطة باعراض الاكتئاب مثل التفكير والسلوك غير المنظم، والضلالات (معتقدات راسخة خاطئة)، والهلاوس (رؤية أو سماع أشياء غير موجودة). يوجد نوعان من الاضطراب الاكتئاب السريري لهما سمات ذهانية وهما:
– اكتئاب سريري مع سمات ذهانية تتطابق مع الحالة المزاجية: وفي تلك الحالة يعاني المصاب من أعراض هلوسة وضلالات يكون موضوعها متطابق مع أعراض الاكتئاب والحزن.
– اكتئاب سريري مع سمات ذهانية غير متطابقة مع الحالة المزاجية: وفيها يعاني المصاب من هلوسة وضلالات لا تتشابه مع أعراض الاكتئاب.
الاضطراب المزعج السابق للحيض هو أحد الاضطرابات المزاجية التي تكون بسبب الهرمونات، وهو يكون عبارة عن صورة حادة من متلازمة ما قبل الحيض، ويعاني منه تقريبًا 5 ٪ فقط من النساء طبقًا لدراسة في المجلة الأمريكية للطب النفسي.
تظهر أعراض هذا الاضطراب بشكل أساسي في صورة مزاج مكتئب وقلق، إلا أنه قد يتضمن أيضًا أعراض سلوكية وجسدية، وغالبًا يتطلب التشخيص أن تكون المرأة لديها مجموعة من أعراض الاكتئاب التي أصيبت بها بمعظم دورات الحيض خلال العام الماضي، ويجب أن تكون الأعراض مؤثرة بالسلب على العمل والحياة اليومية.
يُعد الاكتئاب غير النمطي واحد من اشهر انواع الاكتئاب الشائعة، وهو مختلف عن سمات الحزن واليأس الذين يكونون مسيطرين على من يعانون من الاكتئاب الشديد، فهو بمثابة نوع فرعي من الاكتئاب الشديد.
تتضمن اعراض الاكتئاب غير النمطي زيادة بالنوم وتناول الطعام، والتهيج، والإحساس بالثقل في الذراعين والساقين، والحساسية للرفض، ووجود مشكلات بالعلاقات، إلا أنه من أبرز السمات التي تظهر مع هذا الاكتئاب هو تحسّن الحالة المزاجية للمصاب بعد أن يمر بحدث إيجابي.
يُطلق على هذا النوع عدة أسماء مثل: الاكتئاب الظرفي أو اضطراب التكيف، وهو من انواع الاكتئاب قصيرة المدى، والتي تكون مرتبطة بالتوتر، ويمكن أن يحدث نتيجة تعرّض الفرد لبعض الأحداث المؤلمة أو التغيرات بالحياة اليومية.
من بين المواقف التي قد تتسبب في هذا الاكتئاب: الطلاق، والتقاعد، وموت أحد الأصدقاء، والإصابة بمرض خطير، ومشاكل العلاقات، وهذا يعني أن الاكتئاب التفاعلي يمثّل حالة من عدم القدرة على التكيّف مع الأحداث والتغيرات التي يمر بها الشخص، وعادةً ما تبدأ الأعراض في التطوّر خلال 90 يوم من الحدث المسبب.
اضطراب عدم انتظام المزاج التخريبي هو من التشخيصات الحديثة التي ظهرت بالدليل التشخيصي للمرة الأولى خلال عام 2013، وأصبحت واحدة من انواع الاكتئاب التي يعاني منها الأطفال والمراهقين.
يظهر على المصابين بعض الأعراض التي تتضمن صعوبة في تنظيم مزاجهم وعواطفهم بشكل يتناسب مع أعمارهم، ونتيجة لهذا الأمر يظهر عليهم نوبات متكررة من الغضب حينما يتعرضون للإحباط، وقد يعبّرون عن هذا الغضب بشكل لفظي أو سلوكي، ويستمر احساسهم بالتهيج بين النوبات.
نسخة للطباعة