إعلان ترشيحات جوائز الجولدن جلوب يتصدر أحاديث محبي السينما، فهي الثانية في الأهمية بعد الأوسكار، ومؤشر لا يستهان به عنها. ومن غير المستبعد أن أعضاء الأكاديمية يسترشدون بما تطرحه كل جائزة أو استفتاء أو مهرجان سينمائي في تحديد أهم أعمال السنة، وما يجب التركيز عليه قبل تصويتهم لمن يستحق الجائزة الأرفع.
الفارق الجوهري بين الأوسكار والجولدن جلوب – فضلًا عن التاريخ الأطول للأولى – يكمن في الجهة المانحة:
الأوسكار: تُمنح وفق تصويت أعضاء أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة، وهم مئات العاملين ضمن حِرَف مختلفة في صناعة السينما، داخل هوليوود “وهم الغالبية” أو خارجها “مؤخرًا”.
الجولدن جلوب: تُمنح وفق تصويت رابطة الصحفيين الأجانب في هوليوود.
الفارق يظهر هنا بين أصحاب الصنعة والرأي، كما يظهر التفاوت بين اهتمامات الأمريكيين وحاملي الجنسيات المختلفة، والتي تذوب غالبًا داخل التنوع.
الترشيحات تتوافق بين الجائزتين، لكن التتويجات تختلف أحيانًا. والثابت في السنوات العشرين الأخيرة، أنه حال التباري المحتدم بين عملين، تذهب الجولدن جلوب لـ الأكثر جماهيرية، والأوسكار لـ الأعمال التي لم تلق الرواج الأكبر بين التيار العام. والأمثلة كثيرة:
في ترشيحات الجولدن جلوب لهذا العام، سعدنا بترشيح النجم الأمريكي الموهوب ذي الأصول المصرية رامي مالك في فئة أفضل ممثل دراما، عن فيلم Bohemian Rhapsody. الترشيح فاجأ البعض؛ بعد الاستقبال النقدي الفاتر للفيلم.
وبعيدًا عن تقييم أداء مالك الذي نال الإشادة، جاءت المفاجأة بترشيح الفيلم نفسه لجائزة أفضل فيلم دراما، متفوقًا على أفلام كانت التوقعات في صفها، مثل First Reformed أو Boy Erased أو?Can You Ever Forgive Me أو Beautiful Boy أو First Man أو Widows، لكن السيرة الذاتية لـ فريدي ميركوري فرضت نفسها واقتنصت الترشيح، بما يزيد من فرص الترشح للأوسكار.
أسعدنا أيضا التمثيل العربي الوحيد بحضور الفيلم اللبناني كفرناحوم للمخرجة نادين لبكي، لجائزة أفضل فيلم أجنبي.
للفيلم مسيرة رائعة مع الجوائز هذا العام، بدأها بثلاث جوائز، بينها جائزة لجنة التحكيم، من مهرجان كان في مايو، ثم جوائز من مهرجانات ملبورن ومونتريال وسراييفو وستوكهولم وساو باولو.
كفرناحوم واحد من الأفلام المثيرة للجدل، نال ولاء البعض واستفز آخرين، تماما مثلما فعل الفيلم اللبناني القضية 23 للمخرج زياد دويري العام الماضي، والذي ترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
فاز الفيلم أو خسر، فالأكيد أن السينما اللبنانية تعيش ذروة رواجها العالمي.
ومع وجود أصوات تنادي بضرورة أن تكون الجوائز أكثر تصالحًا مع أفلام الأبطال الخارقين والسلاسل، حصد فيلم The Black Panther عدة ترشيحات في فئات أهمها أفضل فيلم دراما، ليكون التمثيل الأول على الإطلاق لأفلام مارفل.
لم يكن الأمر صادمًا؛ فمنذ عرض الفيلم بدايات هذا العام، نادت حملة ضخمة بإقحامه في مشهد الجوائز، لدرجة أن أكاديمية الأوسكار أعلنت بعد أسابيع من نجاح الفيلم عن اختراع جائزة جديدة بمسمى مضحك “أفضل فيلم جماهيري” بجانب جائزة أفضل فيلم التقليدية، كحيلة كان من السهل تخمين الفيلم المستهدف تلميعه منها.
الآن نحن على يقين من أن حيثيات ترشيح The Black Panther لا تحركها معايير فنية بقدر ما تتعلق بتأثيره الجماهيري الكبير، وكونه أيقونة جديدة في ثقافة البوب، وهو كذلك بالفعل، لكن العامل السياسي في ترشيحه يلعب دورًا فجًّا، حتى وفق المنطق السابق عرضه؛ فالتأثير الجماهيري وطفرة أفلام الأبطال الخارقين متحققة بشكل أكبر في فيلم Avengers: Infinity War لنفس شركة الإنتاج، والذي لم يعيبه سوى عدم ترويجه الضمني لحساب الأجندة السياسية اليسارية مثلما يفعل سابقه.
الملاحظ أيضًا منافسة أربعة أفلام على الجائزتين الأهم “أفضل فيلم دراما وأفضل فيلم كوميدي أو استعراضي”، تتعلق موضوعاتها بالأقلية ذات الأصول الأفريقية، وهي The Black Panther وIf Beale Street Could Talk، وBlackkklansman، وGreen Book.
سابقة نعم، لكن شبهة المجاملة لا تبدو واضحة القرائن في الأفلام الثلاثة الأخيرة، وهو أمر جيد، يضعنا أمام بداية طفرة لسينما أفروأمريكية متميزة وغير مقتصرة على سبايك لي. مع الوضع في اعتبارنا أن أفلامًا متميزة لم تترشح مثل Sorry To Bother You.
ورغم التمثيل الكبير لإحدى الأقليات، ظهرت انتقادات لخلو الترشيحات من النساء في فئة أفضل مخرج.
نفس الانتقادات أثيرت وقت ترشيحات الجولدن جلوب العام الماضي، لكن بنبرة أكثر حدة، استنادًا على صخب حمل Me Too. وقتها حققت الانتقادات غرضها بالفعل، حيث وضعت مصوتي الأوسكار ونقابة المخرجين تحت ضغط، ما جعلنا نرى اسم جريتا جيرويج في ترشيحاتهم اللاحقة، لكن احتمالات نجاح الضغط هذه المرة ضعيفة، لعدم وجود اسم بارز حقًا، ليس سوى لين رامساي عن You Were Never Really Here، لكن الفيلم خفت بريقه تدريجيًا؛ لمرور وقت كبير على عرضه.
نال فيلم Vice ستة ترشيحات، وهو الأكبر بين كل الأفلام. الفيلم سيرة ذاتية عن فترة من حياة السياسي الأمريكي ديك تشيني، ويقوم ببطولته كريستيان بيل وإمي آدامز، وسام راكويل.
أبرز الترشيحات أفضل فيلم دراما، وممثل، وممثل مساعد، وممثلة مساعدة، لكن الدرس المستفاد من العام الماضي أن كثرة الترشيحات ليست مؤشرًا على ارتفاع حظوظ التتويج، فقد حصد The Post نفس عدد الترشيحات، لكنه خرج خالي الوفاض ليلة توزيع الجوائز.
ترشيحات الجولدن جلوب (الكرة الذهبية) للسينما والتليفزيون ظهرت مؤخرا، وتتضمن قائمة أفلام سبق لموقع دقائق تقديم مراجعات…
Posted by دقائق on Saturday, December 8, 2018