جيل دولوز هو فيلسوف وناقد سينمائي وأدبي فرنسي الجنسية. ألف العديد من الكتب الخاصة بعلم الفلسفة والاجتماع.
قضى في باريس معظم أيام حياته منذ ولادته عام 1926م، وكرس حياته لدراسات تاريخ الفلسفة وتأويلات فلسفية متعددة لعدد كبير من مشاهير وعلماء الفلسفة آنذاك.
وفيما يلي بعض النقاط التي توضح حياة جيل دولوز ومسيرته المهنية وأفكاره الخاصة وفلسفته وأهم إنجازاته في الحياة العملية.
ولد جيل دولوز بين أسرة من الطبقة المتوسطة، في مدينة باريس عاصمة فرنسا.
وفي فترة الحرب العالمية الثانية كان قد تخطى فترة تعليمه الأولى، ثم التحق بالمدرسة الثانوية.
في عام 1944م ذهب للدراسة في جامعة السوربون، حيث كان عدد كبير من مدرسي الجامعة من أشهر الشخصيات في مجال الفلسفة مثل الفيلسوف موبريس دي غانديلاك، والفيلسوف جان هيبوليت، اللذان يرجع الفضل لهما في اهتمامات جيل دولوز ببعض الشخصيات الكنسية في الفلسفة المعاصرة.
كانت زوجته تدعى دينيس بول غراند جوان، وعندما طلب منه الحديث عن حياته الشخصية رد قائلًا أن حياة الأكاديميين لا تعد مثيرة للإهتمام إطلاقًا.
اشتهر بالإلحاد طوال فترة حياته، وقد عاني منذ صغره من عدد من الأمراض التنفسية، حين أصيب بالسل أو التدرن الرئوي عام 1968، وتعرض وقتها لعملية جراحية لإزالة الرئة.
وبعد وصوله لعمر سبعين عام ألقى دولوز بنفسه من نافذة المنزل ومات منتحرًا عام 1995م، وتم دفنه في مقبرة داخل قرية سانت ليونار دي نوبلات.
تخطى جيل دولوز مرحلة جمع البيانات عن تاريخ الفلسفة عام 1948م، ثم بدأ بالتدريس في المراحل الثانوية.
واستمر في هذا العمل حتى حصل على وظيفة تدريس مرموقة في جامعة السوربون عام 1957م.
وفي عام 1953م قام بنشر أول دراسة له تحت عنوان النزعة التجريبية الذاتية التي تدور حول ديفيد هيوم.
ثم عمل في المركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا عام 1960م، وظل في هذا المنصب حتى عام 1964م.
وخلال تلك الفترة كون صداقات مع بعض الشخصيات العامة مثل ميشيل فوكو حين نشر كتاب نيتشه والفلسفة.
ثم انتقل إلى العمل كأستاذ بجامعة ليون بداية من عام 1964م حتى عام 1969م.
وفي ذلك الوقت قام بنشر بعض من أعماله إلى أن شغل منصبًا هامًا في جامعة باريس الثامنة في عام 1969م، والتي كانت عبارة عن مدرسة تجريبية تم تأسيسها للعمل على بعض الإصلاحات التعليمية.
ظل يعمل في هذه المدرسة حتى تقاعد تمامًا عن العمل في عام 1987م.
كان جيل دولوز يختلف في أفكاره وفلسفته عن الفلاسفة الذين ظهروا في ذلك الوقت وعاصروه.
اعتبر أن تاريخ الفلسفة لا يعتبر تأملي ولا يعتبر نظري بشكل خاص.
ولكنه فن من فنون رسم الشخصيات، حيث أن الرسم طبقًا لأفكاره هو صور عقلية مفهومة.
مثلما يعمل الرسام على تحقيق المشابهة في الرسم لكن ببعض الأدوات والأساليب المختلفة.
اعتقد جيل دولوز أن مهمة الفيلسوف في الحياة هي إيجاد ووضع المفاهيم، وعدم الإعلان عن المشكلات التي تم وضع تلك المفاهيم من أجل حلها.
كما أكد على أن دور الفيلسوف في المجتمع هو إضافته لتاريخ الفلسفة كل ما هو جديد، وعدم إعادة ما طرحه الفلاسفة السابقون.
وأن يطرح ما تم إغفاله من الفلاسفة السابقين أو ما قاموا بالسكوت عنه لأسباب مجهولة.
اعتقد جيل دولوز في نظريته للإبداع أن الفيلسوف الكاتب لابد أن يقوم بالبحث في مهمات الفلسفة مع البحث في مهمات الإبداع والأسلوب واللغة الفلسفية.
ولم يعتبر الأدب أو مواطن الجمال في الأساليب أو حتى الفنون علوم منفصلة عن الفلسفة، أو بعيدة عن نطاق اهتمامه.
حيث أن فلسفته الخاصة كانت تهتم بالفنون والأدب وتعطي لها مكانة وأهمية خاصة، ومقام عالي في القدرة على التعبير وتوصيل المفاهيم.
وعلى الرغم من اهتمامه بكافة علوم الفن والإبداع بجانب الفلسفة، أعطى جيل دولوز المقام الأعلى لعلوم الأدب، ومنحها اهتمامًا مضاعفًا مقارنة بباقي العلوم.
لم تكن اللغة عند دولوز مجرد أداة يستخدمها، ولكنه اعتبرها القالب الجميل الذي يقوم ببلورة الأفكار والمفاهيم ويخرجها بأحسن صورة ومظهر جمالي يجذب العقول.
لذلك دائمًا كان يدعو إلى تحرير اللغة وعدم فرض سلطات تعمل على تقييدها، حيث اعتقد أن اللغة الثابتة في تركيباتها هي لغة توثيقية لا تحتوي على أي مساحات إبداعية ولا تسمح بوجود الإختلاف.
تمثل فلسفة دولوز تقليد مستقل للتفكير المعاصر يرغب في أن يقطع مع الماركسية والهيجيلية والبنيوية.
وقد ترك جيل دولوز عدد كبير من المؤلفات التي أصبحت من علامات تاريخ الفلسفة.
كما ترك بعض الدراسات المتعلقة بعلوم الأدب، والفنون، والسينما، والنقد السينمائي، والتحليل النفسي، وفيما يلي أهم مؤلفات جيل دولوز:
من أهم الكتب التي قام فيها جيل دولوز بتناول فلسفة أحد كبار الفلاسفة الذي يدعى باروخ سبينوزا في القرن ال17.
والذي تم وصفه من قبل بيتراند راسل كأحب الفلاسفة الكبار وأكثرهم نبلًا، وأعلاهم خلقًا على الرغم من تفوق البعض عليه في الجانب العقلي.
كما قامت فلسفته على وجود الله، على الرغم من اتهامه بعد ذلك بالكفر، وكان يعتقد أن الفلسفة هي كشف وتحرير للحقائق والمفاهيم.
وقام جيل دولوز بتناول فلسفة هذا الفيلسوف عن طريق بعض الدراسات البحثية الشاملة.
حرص جيل دولوز في هذا الكتاب على توضيح مفاهيم الاختلاف والتكرار وشرح الإختلاف بينهما.
حيث أوضح من خلال الكتاب أن هذه المصطلحات تحمل مفاهيم أعمق مما هي عليه.
الاختلاف لا يعني مجرد اختلاف شيء عن الأخر وهو المعنى القريب.
والتكرار يحمل معاني أبعد من تكرار نفس الشيء عدد معين من المرات.
حيث تفرض العناصر وبعض الأشياء تكرار عميق يحمل إيقاع معين.
ويدور الكاتب في هذا الكتاب حول المعاني المألوفة للمصطلحات والمفاهيم.
قام جيل دولوز بالدخول إلى عالم السينما من خلال هذا الكتاب.
وهو الكتاب الثاني من تلك السلسلة السينمائية التي قدم فيها تجربة مختلفة في عالم السينما والنقد الفني الفلسفي.
حيث تمثل هذه السلسلة تجربة فكر فلسفي تحول إلى مجال النقد السينمائي والفكر الفني في النهاية.
اعتمد جيل دولوز في هذا الكتاب على التأكيد بأن النظام الرأسمالي يعد من الحقائق القاتمة والفاضحة.
والتي قامت بتوليد الاغتراب والاستلاب في المجتمعات التي تتحكم بها بعض العناصر، مثل: الربح، والانتاجية، والمردودية.
وطبقًا للرأسمالية التي أوضح دولوز أنها علمت بأن الرغبة تشكل تهديد لعملية الإنتاج.
قامت بمحاصرتها والمنع من الخوض فيها إلا أمام بعض الخبراء النفسيين، أما بعيدًا عن ذلك فهو في نطاق العمل فقط.
استند جيل دولوز في هذا الكتاب إلى البحث في مفاهيم التجريبية والذاتية الإنسانية.
وبعض المصطلحات الفلسفية حول مشاكل الأخلاق.
ومفهوم المعرفة لدى هيوم، وأهمية قدرة الخيال في الأخلاق والمعرفة.
وفي مفاهيم الغائية وبعض مبادئ الطبيعة البشرية، وفي العالم.
كما استند إلى توضيح القواعد العامة وعالمها الخاص، وبعض المفاهيم الثقافية والدينية المتعلقة بوجود الله.
نسخة للطباعة