وُلد نبيل قروي في بنزرت – شمال غرب تونس – عام 1963.

نشأ في أسرة متواضعة لكنها لم تكن فقيرة؛ والده كان مديرًا لشركة رخام خاصة، وأمه ربة منزل من أصل جزائري. لم يكن بارعًا في الدراسة؛ غاب عن البكالوريا عدة مرات حتى غادر إلى فرنسا لبدء دراسات التجارة في مرسيليا.

انضم لفرع شركة كانال بلس في أفريقيا والشرق الأوسط كمدير تجاري في تونس. وبعد أربع سنوات ، أسس شركته الخاصة للاتصالات “قروي آند قروي”، إلى جانب شقيقه غازي،  ليبدأ اختراق الأسواق الجزائرية والمغربية بالإضافة إلى تونس، متخصصًا في تنظيم الحملات الإعلانية على الهاتف المحمول.

مع نجاحه، قرر نبيل قروي كسر احتكار الدولة للمجال التلفزيوني؛ فأسس فضائية نسمة في 2007 بموافقة الرئيس حينها زين العابدين بن علي ، مقابل التعهد بالولاء لنظامه.

هذا الشرط وضع قروي في دائرة الاتهام باعتباره من الشخصيات المقربة لنظام بن علي، لكنه نفى تلك الاتهامات وقال إن النظام السابق كان دائمًا ما يضع القيود أمام شركاته.

في أكتوبر 2011 ، أصبح نبيل القروي بطلًا لحلقة أسست وضعه كأيقونة حرية التعبير ورياديًا في المعسكر الحداثي في تونس.

حينها، بث بيرسيبوليس عبر قناة نسمة، وهو فيلم صور متحركة يصور الذات الإلهية على أنه رجل مسن وله لحية بيضاء.

 بعد بث الفيلم، خرج السلفيون الغاضبون إلى شوارع تونس بهتافات “الموت لقروي” قبل مهاجمة منزله ومكاتبه.

وفي أكتوبر، حوكم قروي وآخرون بتهم التعدي على المقدسات، ليواجه عقوبة مالية متواضعة. التجربة سرعت من بلورة التعارض بين التيارين الإسلامي والحداثي، والذي بات لقروي وضع خاص في صدارة ثانيهما.

بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في 2011، أعادت مقابلة مع قناة نسمة – التي يملكها نبيل قروي – الباجي قائد السبسي فجأة من تقاعده، ليظهر في الأضواء مجددًا بعدما نسيه الجمهور، ويوضع في المدار الذي أهله ليصبح الوزير الأول في الحكومة الانتقالية.

وفي 2012، أدار نبيل قروي اجتماعات في مقر تلفزيون نسمة بهدف توحيد “المعسكر الحداثي” لمقاومة صعود الإسلاميين السريع، ليساعد السبسي في تأسيس حزب نداء تونس.

نبيل قروي كان أحد مهندسي التقارب بين السبسي وراشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، بحسب لوموند، التي تقول إن اجتماع الرجلين برعاية قروي في باريس صيف 2013 وضع الأسس لانتخاب السبسي رئيسا للجمهورية في أواخر 2014 والتحالف الحكومي بين نداء تونس والنهضة في أوائل 2015.

دور قروي في مثل هذا التقارب كان منطقيًا؛ إذ يعرف كيف يراعي علاقات القوى، بخلاف علاقاته الواسعة مع شخصيات إسلامية في ليبيا المجاورة.

ورحل قروي عن نداء تونس بعد 3 سنوات، مبررا ذلك بعدم اقتناعه بسياسات الحزب، في خضم الخلافات الكبيرة التي ضربته، لكنه احتفظ بعلاقات قوية بالسبسي بالدرجة التي قالت معها مصادر “جون أفريك” إنه كان ضيفًا مسائيًا دائمًا على قصر قرطاج.

بعدها أسس قروي حزب “قلب تونس” الذي خاض من خلاله الانتخابات الرئاسية الحالية.

كان عام 2016 مفصليًا في مسار نبيل قروي نحو قصر قرطاج؛ حادث سيارة أودى بحياة نجله خليل، 20 عامًا، ليتجه للعمل الخيري عبر برنامج “خليل تونس” الذي كان يبث أسبوعيًا على قناته “نسمة”؛ حيث يجمع التبرعات للفقراء، وهو ما أكسبه قاعدته الجماهيرية الحالية.

“خليل تونس” كان وقود ترشح قروي للرئاسة، لكن التفصيل على وجهين: يقول هو إنه “صوت الفقراء والمهمشين” الذي سعى للترشح للرئاسة بعدما قربه البرنامج للفقراء وساعده على فهم المشكلات الاجتماعية الكبرى في البلاد، ويقول معارضوه إن هدفه الرئيسي جمع الأصوات بخداع الطبقات الفقيرة.

في 23 أغسطس، ألقت السلطات التونسية القبض على نبيل قروي بعدة اتهامات بينها غسيل الأموال، نفاها المتحدث باسمه الذي يعتبره “معتقلًا سياسيًا”

قرار الحبس تلا فشل مؤسسات الدولة في إقرار قانون يمنعه تحديدًا من الترشح للانتخابات الرئاسية بسبب وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي (اضغط للتفاصيل).

بداية القصة تعود إلى عام 2016، عندما أثار تقرير لـ “آي ووتش” – الفرع التونسي لمنظمة الشفافية الدولية – الجدل حول الممارسات التجارية لشركة نبيل قروي بعد اتهامه بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال.

تقول “لوموند” إن رئيس الوزراء حينها يوسف الشاهد ظل حريصًا على عدم الاصطدام مع قروي بسبب علاقاته بالرئيس السبسي. لكن – مع سعيه هو الآخر للترشح الرئاسي وفشل إقرار قانون منع قروي من الترشح – أخرج الشاهد تقرير آي ووتش من الإدراج بعد ثلاث سنوات، لتبدأ ملاحقته قضائيًا، ويخوض الانتخابات محبوسًا – لا يحق منعه قانونًا لأنه لم يُدَن بعد – وتدير زوجته سلوى سماوي الحملة الانتخابية.

يرى نبيل قروي أن التصويت لصالحه يعني رفض الظلم والفقر والتهميش، واختيار الدولة العادلة والمستقبل والأمل.

ولد قيس سعيد في نابل – شمال شرق تونس في 1958.

تخرج من قسم القانون الدولي، وحصل على دبلوم الدراسات المتقدمة وعمل محاضرًا جامعيًا. عمل على أطروحة عن “التفكير الدستوري” لكنه لم ينهها أبدًا خلال عشرين عامًا، وبالتالي لم ينل درجة الأستاذية.

استشارته الجمعية التأسيسية لدستور تونس الحالي بشكل منتظم، لكنه رفض الانضمام للجنة الخبراء التي شكلتها الجمعية.

لم يعرف عنه أي نشاط سياسي، ويقول إنه لم يصوت في أي انتخابات قبل 2011 “كي لا يمنح الشرعية للسلطة القائمة حينها. مع ذلك، يأخذ عليه ناقدوه “حذره المفرط” من نظام بن علي.

 لم يعرفه الناخبون إلا بمداخلاته التليفزيونية بعد 2011 كخبير دستوري للتعليق على بناء مؤسسات ما بعد الثورة، وتشريحه لدستور 2014 برؤية واضحة في انتقادها للنموذج المركزي الملهم لهذا الدستور.

كان بين الأسماء المرشحة لتولي وزارة العدل ثلاث مرات، لكنه رفض.

وفي 2014، أطلق الشباب حملة جمعت 17,000 نموذج تزكية لترشحه في انتخابات الرئاسة، لكنه رفض. في نفس العام سجل اسمه لأول مرة في القوائم الانتخابية، لكنه لم يذهب إلى صناديق الاقتراع؛ معارضة لنظام التصويت الذي تم اختياره لانتخاب الجمعية التأسيسية.

لا ينتمي لأي حزب، لا تدعمه ماكينة انتخابية، ولم ينظم اجتماعات عامة، ولا تضم حملته – التي لا تمتلك أي مقرات – أكثر من 15 شخصًا، معتمدًا بالأساس على المتطوعين الشبان الذين يتحركون بلا توجيه.

اعتمد على حملات طرق الأبواب، وسافر إلى حوالي 100 مدينة في جميع أنحاء تونس حيث زار الناخبين في المنازل والمقاهي والأسواق.

يحمل لقب “الروبوكوب” أو الإنسان الآلي بفضل تعبيرات وجه التي لا تتغير.

تصفه لوموند بـ “الشخصية المراوغة غير النمطية”؛ إذ تجاهل الوصفات الكلاسيكية للمعركة الانتخابية، ورفض التمويل العام الذي كان يحق له قانونًا، وجمع الوديعة التي طلبتها الهيئة العليا للانتخابات لتقديم أوراق ترشحه (3000 يورو) من أفراد عائلته.

اختار “الشعب يريد” شعارًا لحملته الانتخابية؛ لإظهار تمسكه بأهداف 2011، وسعيه لـ “نقل السلطة إلى الشعب”.

يعتزم قيس سعيد عدم الانتقال إلى قصر قرطاج، ولا ينوي منح زوجته وضع السيدة الأولى، ويخطط للدعوة إلى إجراء استفتاء لاستبدال البرلمان بآخر من الممثلين الإقليميين.

يهاجم قيس سعيد النخب التي يتهمها بـ “بيع الوهم”، مستهدفًا بالدرجة الأولى دعم الفقراء والطبقة العاملة والطلاب، ويدعو إلى تغيير جذري في المؤسسات وزيادة لامركزية السلطة وإصلاح الدستور، لكنه قال إنه لن يتقدم باستقالته حال رفض البرلمان إقرار إصلاحاته المطلوبة.

تقوم رؤية قيس سعيد على “اللامركزية الجريئة” التي تمنح المجالس المحلية الحق المطلق في إدارة التحديات الاقتصادية واعتماد نموذج التنمية الذي يتوافق مع الإقليم، ليؤدي مجموع هذه البرامج إلى الرخاء الوطني.

يعتبره معارضوه “أناركيًا”؛ في 2017، خاطب متظاهرين أغلقوا المنشآت النفطية في تطاوين للمطالبة بتوزيع أفضل للموارد الطبيعية لصالح السكان المحليين قائلًا: “لا تنتظروا كرم السيد.. لا تقبلوا الصدقات”.

المحلل السياسي محمد سليم بن يوسف يقول إن نظام قيس سعيد سيكون شكلًا من أشكال الديمقراطية المباشرة، لكن مشروعه يصطدم بعدم قدرته على إزاحة مسؤولين منتخبين.

يعتبر أن هيكل جامعة الدول العربية – التي شارك ضمن فريق خبراء في ميثاقها – “محصن ضد الموت ومحمي من الإصلاح”، لكنه يطالب بتعديل اسمها إلى “جامعة الأمة” (!!).

وحال انتخابه رئيسًا ينوي زيارة الجزائر فورًا؛ باعتبار أنه “لا يمكن تغيير الجغرافيا، لكن يمكن كتابة التاريخ”.

تقول لوموند إن قيس سعيد استغل إحباط الرأي العام من الطبقة السياسية التقليدية للحصول على دعم الناخبين عبر بناء خطاب محافظ للغاية حول القضايا الاجتماعية، بما دفع بعض النقاد لتوصيفه على أنه “سلفي”.

تبقى مواقف قيس سعيد المعلنة محدودة، لكن الطابع المحافظ يطغى عليها؛ أعلن تأييده لعقوبة الإعدام، ومعاقبة المثليين جنسيًا، وعارض مشروع السبسي للمساواة بين الجنسين في حقوق الميراث؛ باعتبار أنه لا يجوز الحديث عن قضايا مماثلة في ظل الإسلام كدين للدولة، متهمًا البرلمان الأوروبي بالضغط في تلك المسألة التي لم يطالب بها الشعب في تونس.

يرفض سعيد الحديث عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل باعتباره “خيانة عظمى”، ويعتبر الحديث عن احترام التنوع والاختلافات الثقافية والدينية في تونس “إشعال لمشكلة من الصفر”.

وينتقد قيس سعيد جميع الأحزاب المشاركة في السلطة بغض النظر عن توجهاتها، لكن هذا لا يمنع منتقديه من الاشتباه في كونه حصان طروادة لحزب النهضة الإخواني.

يعترف سعيد بالحصول على أصوات الإسلاميين من حزب النهضة – رغم دفع الحزب رسميًا بالمرشح عبد الفتاح مورو – لكنه يقول إنهم “يدعمون المشروع وليس شخصه”.