س/ج في دقائق: التجربة السنغافورية.. دعك من الأوهام هذا ما حدث على أرض الواقع

س/ج في دقائق: التجربة السنغافورية.. دعك من الأوهام هذا ما حدث على أرض الواقع

29 Nov 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

في 9 أغسطس/ آب 1965، استيقظت سنغافورة على كارثة طردها من الاتحاد الماليزي. ثلاثة ملايين نسمة باتوا بلا “عائل” في دولة مستقلة، لكنها بلا موارد.

رئيس الوزراء لي كوان يو يبكي عبر التليفزيون المحلي، لكنه يحمل رؤية مشروطة.

فمن أين بدأت سنغافورة؟

ما الرؤية التي حملها لي كوان يو؟ وكيف نفذها؟

وإلى أين أوصلت الدولة؟

الإجابة في السطور التالية من دقائق.

من أين بدأت سنغافورة؟

ظهرت سنغافورة بشكلها الحديث عام 1819، كميناء لشركة الهند الشرقية، ثم خضعت للسيطرة البريطانية، حتى استسلم الإنجليز لليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تستعيدها بريطانيا في 1945.

استقلت في أغسطس/ آب 1963، وانضمت إلى اتحاد ماليزيا في سبتمبر/ أيلول التالي.

خلال الاندماج، تضاعف عدد الصينيين مقارنة بالملايو، وفي احتفال بالمولد النبوي 1964، ضربت سنغافورة مواجهات عرقية. خشيت كوالالمبور من تهديد أيديولوجياتها، فطردتها من الاتحاد الماليزي.

عانت سنغافورة مشكلات ضخمة؛ 3 ملايين نسمة معظمهم عاطلون، وأكثر من ثلثيهم يعيشون في مبانٍ متهدمة فقيرة أو عشوائية، على 581.5 كم²، بلا موارد طبيعية، بنية تحتية، صرف صحي، أو إمدادات مياه، في محيط معادٍ يضم ماليزيا وإندونيسيا، بينما يرفض العالم مساعدتها.

ما الرؤية التي حملها لي كوان يو؟

في نقاط، لخص لي رؤيته:

  • اصنعوا الإنسان قبل أي شيء. أمنوا المرافق والخدمات ثم اجعلوه يستخدمها بطريقة حضارية ونظيفة.
  • الاقتصاد أهم من السياسة، والتعليم أهم من نظام الحكم، لنطور التعليم، ونرسل الشباب إلى الخارج، ثم نستفيد من دراساتهم لتطوير الداخل.
  • اجعلوا سنغافورة خضراء ونظيفة.
  • لا أعتقد أن طريق الديموقراطية تؤدي إلى التنمية. البلد يحتاج النظام أكثر من الديموقراطية.

كيف نفذ رؤيته؟

  • تبنى لي كوان يو العولمة ورأسمالية السوق الحرة، وأطلق برنامج تصنيع شاملا، ركز على الصناعات كثيفة العمالة.
  • برضا شعبي، علق قدرًا كبيرًا من الحريات. قمع النقابات، وجمع العمال في تنظيم واحد يخضع لسيطرته مباشرة. فرض عقوبات على الفساد تصل للإعدام. طهر حزبه من الماركسيين. قيد حق العمال في الإضراب، وضيق على حرية التعبير والصحافة.
  • أصبحت قوانين البلاد شديدة القسوة، لكنها صديقة للمستثمرين، حيث الأجواء السياسية قابلة للتوقع ومستقرة للغاية.

باختصار؛ أقنع الشركات متعددة الجنسيات بالتصنيع في بلاده، عبر خلق بيئة آمنة وخالية من الفساد، قليلة الضرائب، وغير معاقة من قبل النقابات العمالية.

مع تدفق الاستثمارات، طورت سنغافورة مواردها البشرية وبنيتها التحتية.

  • أقامت المدارس الفنية بالتعاون مع الشركات متعددة الجنسيات؛ لتدريب عمالها في مجال تكنولوجيا المعلومات والبتروكيماويات والإلكترونيات، وسجلت الباقين في خدمات كثيفة العمالة كالسياحة والنقل.
  • تعاونت مع فريق مسؤول عن “الرؤى السلوكية” للمواطنين، وفرضت عقوبات قاسية على مخالفي السلوكيات العامة، وبينها البصق في الشوارع.
  • شنت حملات للاكتفاء بطفلين لكل أسرة، ثم حملة لـ “التأدب في التعامل مع الآخرين”.
  • أنشأت الحكومة مجلسًا لتنمية الإسكان، وأجرت عشرات آلاف الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، ثم سمحت لهم بامتلاكها بالاقتراض من صناديق التقاعد، التي يدخرون فيها جزءًا من رواتبهم بشكل إجباري.
  • في الوحدات الجديدة، حرصت على خلط الأعراق.

لتشكيل الهوية، ركزت الحكومة على الخدمة العسكرية الإلزامية، والدفاع الشعبي، ضمن استراتيجية دفاعية من 5 أبعاد: العسكرية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية.

ثقافة الحكم ركزت على التكنوقراطية، حمت الموظفين من التدخل السياسي، ليتدبروا حلولًا منطقية في شروط مثالية تشبه المختبر.

الموهبة قاعدة في النظام السياسي. تبحث الدولة عن الموهوبين منذ رياض الأطفال، ليتسلموا السلطة مستقبلًا.

يحدد الموهوبون في المدارس، ويخضعون لتعليم وتنشئة متقدمة، وتحديات متصاعدة الصعوبة، ليجري اختيار أكثرهم ذكاءً للانتقال لنظام “حكم الأكفأ”، الذي يبني النخب ويشكلها، في سلسلة من المهارات والوظائف والأعمال الحكومية.

الخطة احتفظت لسنغافورة بالكفاءات الوطنية، ومنعت تسرب الأذكياء والمتفوقين، ثم استقطبت إليهم الكفاءات الأجنبية.

لم تترك الدولة دورها الاقتصادي تمامًا؛ مجلس التنمية الاقتصادية مسؤول عن تخطيط وتنفيذ استراتيجيات زيادة النمو، كمل تملك الحكومة شركتين ضخمتين، بقيمة تتجاوز 570 مليار دولار، تملكان حصصًا في الاحتياطات الأجنبية، وأغلبية الشركات المهمة.

استخدمت الحكومة الخطوط الجوية لنقل صورتها الجديدة للعالم. فكرتها أن تكون شركة دولية مربحة ذات سمعة ممتازة، ودون سوق محلي. “الفتاة السنغافورية” واجهة ناجحة للشركة، والدولة كذلك.

بحلول 1972، كان ربع الشركات الصناعية أجنبية أو مشتركة، بينما الناتج المحلي الإجمالي يتضاعف سنويًا.

إلى أين وصلت سنغافورة؟

سنغافورة اليوم عالمانية، شعبها متعدد الأعراق والأديان واللغات، لكنه ملتزم بهويته الوطنية، يعيش في أحد أفضل أماكن العيش على الأرض، باستثناء القواعد الصارمة

انتقلت سنغافورة من الاعتماد الكلي على التجارة والخدمات في منتصف الستينيات، إلى أنشطة التصنيع عالية القيمة، لتصبح مركزًا ماليًا إقليميًا لخدمات الأعمال في شرق آسيا.

استراتيجية تعليم الشركات الأجنبية لعمالها طورت الاقتصاد نوعيًا، من تصدير المنسوجات والملابس الجاهزة والإلكترونيات الأساسية في السبعينيات، إلى اللوجستيات وأبحاث التكنولوجيا الحيوية والأدوية وتصميم الدوائر المتكاملة وهندسة الطيران في التسعينيات، لتصبح اليوم مجتمعًا صناعيًا متطورًا، لا يغفل دور التجارة.

  • ميناء سنغافورة أحد أكثر موانئ العالم ازدحامًا من حيث عدد الشاحنات وإجمالي حمولات البضائع، ولا يزال تكرير النفط يلعب دورًا هائلًا في الاقتصاد.
  • الناتج المحلي وصل 323.91 مليار دولار، ونصيب الفرد 54.530 دولار في 2017، بحسب البنك الدولي، ومتوسط عمر الفرد المتوقع وصل 82.80 سنة في 2016.
  • يزور سنغافورة نحو 10 ملايين سائح سنويًا، وسياحة الطبخ أحد معالمها.
  • حدثت الدولة البنوك، فأعيدت معظم الأصول من سويسرا.
  • اتحاد الصناعات السنغافوري يضم أكثر من 3 آلاف شركة محلية أو متعددة الجنسيات، والأخيرة تمد البلاد بأكثر من ثلثي إنتاجها التصنيعي ومبيعات التصدير المباشرة.
  • وتحل سنغافورة كسادس أقل دول العالم فسادًا، بحسب مؤشر مدركات الفساد في 2017.
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (2)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك