صراع الطاولة والشطرنج.. كيف غيَّر مقتل قاسم سليماني قواعد الاشتباك؟ | س/ج في دقائق

صراع الطاولة والشطرنج.. كيف غيَّر مقتل قاسم سليماني قواعد الاشتباك؟ | س/ج في دقائق

5 Jan 2020
إيران
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

* قتل قاسم سليماني خروج عن حملة “الضغط القصوى” الأمريكية.. قواعد اللعبة القديمة تغيرت.. الصواريخ المتبادلة باتت تحمل أقسى التهديدات، لكنها – ربما – تحمل أيضا رسائل التفاوض.

* استهداف قائد فيلق القدس قاسم سليماني يضع الولايات المتحدة على مفترق طرق في الشرق الأوسط.. خطط ترامب للانسحاب باتت في خطر، لكن هناك أسبابًا دفعت الرئيس الأمريكي.

* طبيعة رد إيران مبهمة.. الرد المتكافئ صعب، لكنهم مطالبون بحفظ ماء الوجه.. هل يتجهون للحرب الشاملة؟ هل تكفي التصريحات؟ أم بعض العمليات المتفرقة؟

س/ج في دقائق


كيف غير اغتيال سليماني قواعد الاشتباك القديمة؟

لسنوات، منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أولوية مطلقة لتحجيم الانتشار العسكري الأمريكي خارج الحدود، خصوصًا في الشرق الأوسط. وبدا مصممًا على تقزيم إيران بالعقوبات – وآخرها سياسة العقوبات القصوى – لا بالقوة العسكرية. لكن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني غير قواعد الاشتباك القديمة بين إيران والولايات المتحدة، بحسب معهد الشرق الأوسط في واشنطن؛ إذ دفع المنطقة إلى خانة جديدة بلا قواعد، بات التفاوض فيها مقصورًا على هجمة عنيفة من هنا، وهجمة مضادة من هناك.

لا حرب إقليمية وشيكة.. لكن التصعيد بلا قواعد

استهداف قاسم سليماني مثل ضربة كبرى وغير متوقعة للقيادة الإيرانية. يعد خروجًا على خطة “الضغط القصوى” التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه إيران منذ مدة، والتي تحاول طهران التحايل عليها بعدة طرق.

سياسة الضغط القصوى كانت تحمل مساحة للتفاوض. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاول الدفع بهذا الاتجاه فعلًا، لكن مقتل قائد فيلق القدس غير المعادلة؛ إذ بات تناقل الرسائل بين الطرفين محمولًا على الصواريخ.

إيران بدورها تعهدت – عبر المرشد الأعلى علي خامنئي ثم المجلس الأعلى للأمن القومي – بالانتقام عبر جبهات متعددة، لكن الرد يُفترض أن يتناسب مع مكانة قاسم سليماني في إيران. يرجح محللون أن يمتد عبر سلسلة هجمات خلال فترة من الزمن لا من خلال ضربة واحدة.

وعلى عكس الهجمات التي حُملت إيران مسؤوليتها خلال الفترة السابقة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، ستكون إيران راغبة هذه المرة في إعلان مسؤوليتها المباشرة عنها. هذا يضع المصالح الأمريكية في المنطقة – وبينهم الأفراد الأمريكيون – في خطر كبير.

القيادي بالحرس الثوري الإيراني غلام علي أبو حمزة قال إن 35 هدفًا أمريكيًا حيويًا في الشرق الأوسط بالإضافة إلى إسرائيل في مرمى القوات الإيرانية. ترامب هدد بالرد على أي انتقام محتمل بـ 52 هجومًا على أهداف مهمة في إيران. هنا قد تبدأ حلقة لا تنتهي من الهجمات والهجمات المضادة بما قد يثير مزيدًا من الاضطرابات في الشرق الأوسط غير المستقر أصلًا.

وحتى اللحظة، لم تظهر أي بادرة للتوقف عن هذا المسار التصاعدي، كما لم يظهر الطرفان أي رغبة بالانخراط في حرب إقليمية شاملة. ما يعني أن المسار لن يكون محكومًا بقواعد اشتباك، خصوصًا مع غياب قاسم سليماني عن المعادلة، بعدما اعتاد أن يكون منسق الإيقاع والعقل المدبر للتصعيد الإيراني ضد الولايات المتحدة.

قاسم سليماني | جنتي ليس فيها أنهار كالتي يعرفها البشر.. بل حرب | بروفايل في دقائق


هل يعني ذلك أننا ماضون إلى حرب إقليمية؟

اغتيال قاسم سليماني أحد أكبر التطورات في الشرق الأوسط منذ عقود، يراه محللون تطورًا أهم من مقتل أسامة بن لادن أو أبو بكر البغدادي. إسرائيل أضافته لقائمتها للمطلوب التخلص منهم، لكنها لم تقدم على الخطوة لسنوات تخوفًا من العواقب. وهنا، لا اتفاق على أن الخطوة تعني أننا قريبون من الحرب.

قد ننتظر حتى 2021

شارلز ليستر، مدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط، يعتبر أن مقتل قاسم سليماني لا يحمل إلا معنى واحدًا: الحرب مقبلة، لكن الأسئلة تتركز فقط حول: متى؟ وأين؟ وبأي شكل؟

يقول إن العمليات النوعية ميزة إيران. ولا يستبعد الرد عبر هجمات صاروخية وتفجيرات واغتيالات، أو عمليات نوعية ضخمة تشبه هجوم أرامكو.

يعتقد ليستر أن ساحة التصعيد قد تكون سوريا والعراق. في سوريا، الانتشار العسكري الأمريكي بات ضعيفًا للغاية حجمًا، وأضعف من حيث المصداقية وثقة الشركاء، ما يعني أن الهجمات الفردية هناك قد تحفز الانسحاب العسكري الكامل. أما في العراق، فمن شبه المؤكد أن تكون المنشآت الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية عرضة لأشكال التخويف المستمر.

إسرائيل كذلك قد تتعرض لتداعيات أمنية خطيرة، مماثلة لما قد يتعرض له جميع حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وخاصة البحرين والإمارات والسعودية.

ويرى الجنرال جوزيف فوتيل أن إيران تمتلك قدرات متطورة تمكنها من الرد، ما يوجب الحفاظ على اليقظة العالية والاستعداد لحماية المصالح الأمريكية واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على علاقاتهم المهمة في المنطقة.

بالمقابل، يعتقد بول سالم أن إيران لا تملك أي مصلحة استراتيجية أو تكتيكية في إشعال حرب إقليمية أو الدخول في تصعيد ضخم مع الولايات المتحدة؛ خوفًا من “انتحار الحرب الشاملة” في مواجهة غير متوقعة العواقب مع رئيس صمت طويلًا ثم رد باقتناص ذراع إيران الخارجية.

يتوقع سالم أن الوضع بشكله الحالي سيستمر على الأقل حتى 2021، حين تبدأ الولاية الثانية لترامب، أو يصل رئيس ديمقراط يفتح فرص التفاوض على نطاق واسع.

بلال صعب، مدير برنامج الدفاع والسياسات الأمنية بمعهد الشرق الأوسط، يقول إن اغتيال قاسم سليماني تحديدًا – بعدما شعر أنه لا يمكن المساس به رغم إهانته الشخصية لترامب بتوجيه الأمر إلى ميليشيات تأتمر بأمره باقتحام السفارة الأمريكية في بغداد – اخترق هالة الغرور الإيرانية. ويقول إن ترامب وأقرب مستشاريه يعتقدون أن مزيدًا من التضييق على إيران – عبر العقوبات والعمليات النوعية – توسع احتمالات إجبار طهران على التفاوض.

دمج الميليشيات الشيعية.. هل تمول بغداد الحرس الثوري العراقي الموالي لإيران؟ | س/ج في دقائق


لماذا خاطر ترامب بدفع الشرق الأوسط إلى هذا التعقيد؟

الجنرال جوزيف فوتيل، القائد السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، يقول إن مقتل سليماني خلق وضعًا أكثر تعقيدًا في الشرق الأوسط. العواقب – في نظره – غير معروفة، وتحتم على الولايات المتحدة توفير الحماية للقوات والشراكات والأمن الإقليمي.

إيران تفضل الشطرنج.. ترامب ينتصر للطاولة

مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، بول سالم، يقول إن إيران بدأت التصعيد منذ مايو، تجاهله ترامب، فمضت طهران باتجاه المزيد من التصعيد. خلال الأسابيع الماضية عبر الاحتكاك بالقوات الأمريكية في العراق بتصعيد الهجمات الصاروخية التي تشنها الميليشيات المدعومة من طهران ضد قواعد واشنطن في العراق. التحذيرات تكررت. وزير الخارجية مايك بومبو حذر في منتصف ديسمبر من أن أي ضرر يلحق بأمريكي سترد عليه الولايات المتحدة بشكل حاسم.

التزمت الولايات المتحدة بالمعادلة حتى 27 ديسمبر، عندما لقي متعاقد أمريكي مصرعه في هجوم حزب الله العراق – أحد وكلاء إيران – على قاعدة كركوك. هنا رأت واشنطن أن طهران تجاوزت الخط الأحمر. ردت بقصف قواعد التنظيم في العراق وسوريا، فرد التنظيم بحصار السفارة الأمريكية في بغداد. هنا جاء دور الولايات المتحدة في التصعيد. فعلته لأقصى درجة باغتيال قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي وزعيم حزب الله العراق أبو مهدي المهندس.

تقول وول ستريت جورنال إن دونالد ترامب أشبه برئيس يجيد لعب الطاولة بينما يلعب خصوم الولايات المتحدة الشطرنج. لا يعير اهتمامًا كبيرًا بالمفاهيم الاستراتيجية الدقيقة أو الخطط طويلة المدى. من هنا، لم يكن قرار اغتيال قاسم سليماني مفاجأة، بعدما فشلت سياسة الضغط الأقصى في إجبار إيران – التي تتحلى بسياسة الصبر الإستراتيجي – على تقديم تنازلات يحتاجها بالسرعة الكافية، ليصبح ضروريًا توجيه إهانة علنية لقيادة طهران، التي بدا أنها حققت مكاسب في لعبة الشطرنج لسنوات.

لعبة الطاولة تخدم ترامب انتخابيًا؛ جمهور ترامب لا يريد الحروب. بلال صعب، مدير برنامج الدفاع والسياسات الأمنية بمعهد الشرق الأوسط، يقول إن القادة العسكريين – الذين لم ينسوا أبدًا دور قاسم سليماني في قتل مئات الجنود الأمريكيين في العراق بعد 2003 – أقنعوا ترامب بأن أفضل طريقة لردع إيران وتجنب الحرب معها هي الرسائل الصارمة.

يضيف أن موقف ترامب بات الآن أقوى أمام الناخب الأمريكي في أي مناظرة ضد منافس ديمقراط قبل انتخابات الرئاسة المقبلة. النائب آندي كيم، مستشار أوباما السابق للأمن القومي، قال إن إدارته فكرت في قتل قاسم سليماني لكنها تراجعت بسبب الخوف من رد الفعل العنيف. الآن، سيصبح بإمكان الرئيس الجمهوري التفاخر بأنه قتل اثنين من أخطر المطلوبين بالتوالي؛ زعيم داعش أبو بكر البغدادي، ثم زعيم فيلق القدس، الذي يقول مسؤولو وزارة الدفاع إنه كان مسؤولًا عن 11 هجمة صاروخية أمطرت القواعد الأمريكية في العراق منذ أكتوبر، بما في ذلك الضربة التي قتلت المتعاقد الأمني الأمريكي، فضلًا عن اتهامه بالتخطيط لهجمات مستقبلية على الأمريكيين في لبنان وسوريا والعراق.

خريطة بريجنت.. كيف تقتلع الولايات المتحدة أنياب إيران دون صدام مباشر؟ | إنفوجرافيك في دقائق


ملف اغتيال قاسم سليماني في دقائق


ملف تسريبات إيران في دقائق


ملف٤٠ عامًا على الثورة الإيرانية في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك