في 1930، أعلن عمدة طوكيو ناجاتا هيديجيرو لأول مرة أن عاصمة اليابان ستتقدم بعرض لاستضافة أولمبياد 1940؛ باعتبارها وسيلة لمساعدة المدينة على الانتعاش من زلزال 1923، الذي دمر الكثير من مناطق العاصمة.
العقبات أحاطت بالملف من كل اتجاه؛ طوكيو تفتقر إلى عدد كاف من الفنادق على النمط الغربي، ومترجمين فوريين للغات، ومنشآت رياضية لاستضافة الحدث بشكل مناسب.
عديد من أعضاء الأولمبية الدولية كانوا قلقين أيضًا بشأن تكلفة السفر إلى اليابان عندما كانت كثير من البلدان لا تزال غارقة في الكساد الكبير.
الحكومة نفسها لم تكن متحمسة تمامًا للعرض. في النصف الأول من القرن، كانت البلاد ملتزمة بالحفاظ على مكانتها وتعزيز وضعها كقائد للمنطقة. وخلال فترة الكساد الكبير، كان هناك اعتقاد متزايد بأن اليابان ستحل مشاكلها الاقتصادية فقط عبر الفتوحات العسكرية.
في 1931 غزت اليابان منشوريا. تزايدت عزلتها الدولية كرد على توسعها في الصين، وخرجت من عصبة الأمم.
هنا رأي قادة البلاد فرصة لتحسين صورة اليابان، ما ساعد عمدة طوكيو على إقناع الحكومة بدعم استضافة الأولمبياد الذي كان قاصرا تقليديا على أهم مدن الغرب.
وكما كتب ديفيد جولدبلات في كتابه "الألعاب": العلاقة بين المكانة الدولية والإنجاز الأولمبي جعلت فكرة أولمبياد طوكيو معقولة أولًا، ثم مرغوبة، وأخيرًا ، عنصرًا أساسيًا في السياسة الخارجية.
الحكومة اليابانية رأت استضافة الألعاب الأولمبية كفرصة للتأثير على عالم يسيطر عليه الغرب.
أولمبياد 1940 سيتزامن كذلك مع الذكرى السنوية الـ 2600 لبداية حكم جيمو الذي يعتبر بداية لتأسيس الدولة.. يضيف جولدبلات أنها كانت "فكرة مثالية يمكن من خلالها بناء الدعم لأولمبياد طوكيو في ثقافة قومية متزايدة".
منذ 1912، باتت اليابان أول دولة غير أوروبية/ أمريكية تشارك في الألعاب الأولمبية، وبات لها ممثلون في اللجنة الأولمبية الدولية.
رائد الجودو وعضو اللجنة الأولمبية الدولية البارون جيغورو كانو استخدم هذه المكانة، ولعب دورًا رئيسيًا في تعزيز حظوظ بلاده.
ألقى خطابًا رئيسيًا أمام اللجنة الأولمبية الدولية في نهاية أولمبياد 1932، أخبرهم فيه أن استضافة اليابان للدورة سيعزز رؤية مؤسس الحركة الأولمبية، بيير دي كوبرتان، حول عالمية الحركة ، ويسد الفجوة بين الشرق والغرب، بحسب ساندرا كولينز في كتابها "طوكيو 1940.. الأولمبياد المفقود".
لكن فوز طوكيو لم يكن مضمونًا في منافسة مع روما وهلسنكي، مع اعتبار العاصمة الإيطالية المرشح الأوفر حظًا.
كان عديدون من أعضاء الأولمبية الدولية يفضلون روما.
لذلك، سافر عضو اللجنة الأولمبية الدولية الياباني سوجيمورا ياتارو في 1935، إلى إيطاليا، حيث اجتمع بالفاشي بينيتو موسوليني لمطالبة روما بسحب عرضها.
موسوليني وافق ضمن صفقة تقضي بالتنازل عن أولمبياد 1940 لصالح اليابان مقابل دعم اليابان جهود إيطاليا لاستضافة الأولمبياد في روما 1944.
بإزاحة روما باتت المنافسة أسهل، لكنها لم تحسم بعد.
واصلت اليابان جهودها غير العادية. دعمت سفر الرياضيين والمسؤولين إليها، واستضافت رئيس الأولمبية الدولية الكونت هنري دي بيليه لاتور، في رحلة علاجية مدفوعة التكاليف بالكامل لمدة 20 يومًا، ليعود إلى أوروبا كمؤيد متحمس لعرض طوكيو.
هنا بات الطريق مفتوحًا. وفي ختام أولمبياد برلين 1936، منحت اللجنة الأولمبية الدولية أولمبياد 1940 لطوكيو، بعد حصولها على 37 صوتًا مقابل 26 لهلسنكي.
لكن عام 1938 حمل أخبارًا سيئة لأولمبياد طوكيو. نقلت الصحف الغربية الكبرى أخبار تدمير اليابان الوحشي للمدن الصينية، وهددت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بمقاطعة أولمبياد طوكيو خوفًا من تكرار استغلال رياضييهم دعائيًا كما فعل هتلر في أولمبياد برلين.
أدركت اليابان أن الظروف لا تسمح؛ هي متورطة في حرب مع الصين، وترى صراعًا عالميًا يلوح في الأفق، وأولمبياد دون القوى الكبرى سيكون أسوأ، فأصدرت الحكومة العسكرية قانون التعبئة الوطنية، وسحبت عرض استضافة أولمبياد 1940.
استعدادات طوكيو لأولمبياد 1940 كانت "ضخمة جدًا"، مع استثمارات كبيرة في مشروعات البنية التحتية، مثل النقل والصرف الصحي وبناء الفنادق.. لذا كانت الصدمة قوية على المستثمرين الذين أنفقوا أموالهم لتوفير الخدمات المطلوبة للأولمبياد، حين قاومت الحكومة العسكرية تمويل الألعاب أثناء الحرب على الصين.
شرعت اللجنة الأولمبية الدولية في منح حق الاستضافة إلى هلسنكي، لكن غزو الاتحاد السوفييتي لفنلندا في نوفمبر 1939 أنهى أي أمل في إقامة دورة ألعاب أولمبية في 1940.
وكما هو الحال في أولمبياد 2020، تمسكت اللجنة الأولمبية الدولية بالأمل.. قالت إن الألعاب ستقام لاحقًا، لكنها انحنت لاحقًا لحقيقة اشتعال الحرب، وألغت الأولمبياد.
طوكيو استضافت الأولمبياد بالفعل في 1964، لكن "اللعنة" بقيت مستمرة. نائب رئيس الوزراء الياباني ذهب إلى حد إخبار لجنة برلمانية أن طوكيو 2020 "ملعونة".
الآن لا حرب عالمية، بل فيروس كورونا. لكن الظروف متشابهة. كانت اليابان تأمل في أن يحفز الأولمبياد صناعة السياحة في طوكيو.
في المرتين، استخدم المنظمون الألعاب لتسليط الضوء على جهود إعادة الإعمار - من زلزال كانتو الكبير عام 1923 ، ثم زلزال توهوكو عام 2011 والكارثة النووية في فوكوشيما.
ألعاب طوكيو كانت تحمل اسم "أولمبياد الإنعاش". في ثلاثينيات القرن الماضي ومرة أخرى اليوم، رأى المنظمون استضافة الألعاب الأولمبية كوسيلة لتعزيز مكانة اليابان الدولية.
بعض الرسائل العامة كانت متشابهة أيضًا. في 1938، قبل أيام فقط من عودة منظمي ألعاب 1940، كانوا يحاولون طمأنة المشككين بأنه لن يكون هناك تغيير في الخطط. رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قال هذه المرة إن قادة مجموعة الدول السبع أيدوا دورة الألعاب الأولمبية "بشكل كامل" وإن المنظمين يمضون قدمًا في خطط تتابع الشعلة الأولمبية. بعد أسبوع، وافق آبي على تأجيل الألعاب.
مينورو ماتسونامي، المؤرخ الرياضي بجامعة توكاي، يقول: "2020 مثل 1940؛ هناك الفوضى السياسية".