تغييرات لا محدودة شهدتها حياة الإيرانيات طوال القرن الماضي، رحلة طويلة من القتال لنيل حقوقهن، ثم التوسع في منحنهن إياها بأوامر سلطوية، حتى العودة للتضييق عليهن بقواعد أكثر تشددًا مع ثورة الخميني في 1979.
بين 1905 و1911، شهدت إيران "الثورة الدستورية الفارسية" في عهد مظفر الدين شاه قاجار، التي أدت ضمن نتائجها لانعقاد أول مجلس تشريعي (المجلس الوطني الأعلى) في 18 أغسطس/ آب 1906، ثم إعلان الدستور في 30 ديسمبر/ كانون الأول 1906.
لم تكن النساء جزءًا من الثورة، ورفض البرلمان الجديد مشاركتهن في الجمعيات السياسية، لكن تغييرًا مجتمعيًا كان قد بدأ في فارس.
في 1910، توسعت الحركة النسائية الإيرانية بين سيدات الطبقة الوسطى، بعدما ظهرت لأول مرة قبلها بثلاثة أعوام، وانتشرت التنظيمات والمجلات المطالبة بحقوق النساء.
نادت المجلات النسائية بتعليم المرأة أولًا. صحيح أن الإرساليات الأجنبية أسست أول مدرسة للبنات منذ 1837، لكنها اقتصرت على المسيحيات، ولم يسمح للمسلمات بالالتحاق بها حتى سبعينيات القرن التاسع عشر، وعلى نطاق محدود (2,167 فتاة فقط في 47 مدرسة في 1910).
لاحقًا، أسس حاجي ميرزا حسن رشدي وبي بي خانم أستر آبادي مدارس أخرى للبنات مولتها التنظيمات النسوية، لكنها أُغلِقت سريعًا. وفي 1918، أسست الحكومة عشر مدارس ابتدائية للبنات وكلية لتدريب المعلمات (دار المعلمات)، لتنقل المنشورات النسائية إلى قضايا أكبر؛ كزواج القصر والتمكين الاقتصادي وحقوق المرأة ووضعها القانوني.
مثل وصول رضا بهلوي إلى السلطة في 15 ديسمبر/ كانون الأول 1925، إنطلاقة مهمة للإيرانيات.
نشطت التنظيمات النسائية في طهران والمدن الكبرى، ومولت مدارس وعيادات السيدات، حتى حلتها حكومة الشاه تباعًا، لتتولى المهمة بنفسها.
بدأت الثورة بإرسال الإيرانيات للدراسة في الخارج في 1928، ثم السماح لهن بالدراسة في جامعة طهران 1935.
في 1929، أجرى ملك أمان الله خان زيارة رسمية إلى فارس، رافقته فيها زوجته الملكة ثريا، التي ظهرت دون حجاب.
رجال الدين الإيرانيين طالبوا الشاه بإجبار الملكة الضيفة على الالتزام بالحجاب، لكنه رفض.
وفي 16 يونيو/ حزيران 1934، أجرى رضا بهلوي زيارة إلى أنقرة، حيث التقى مؤسس تركيا العلمانية مصطفى كمال أتاتورك.
خلال الزيارة، رأي رضا شاه مظاهر تقدم تركيا عن إيران، واعتبر أن حرية النساء إحدى أهم معالمها، فعزم على تكرار التجربة في بلاده.
في 8 يناير/ كانون الثاني 1936، أصدر رضا بهلوي مرسومًا يمنع الحجاب بأشكاله، وبينها الشادور، وأمر الشرطة بتدابير مشددة لضمان تنفيذ المرسوم.
لوحقت المحجبات بالغرامات أو السجن بين عام إلى سبع سنوات.
حينها، ظلت الجماهير مرتبطة بالحجاب، لكن النخبة المتعلمة والعديد من نساء الطبقة الوسطى كن مرحبات بالمرسوم.
قوبلت الحملة بردود فعل عنيفة من رجال الدين والمحافظين المتدينين، وخصوصًا في المدن الدينية مثل قم ومشهد.
وكانت مشهد مسرحًا لاحتجاجات عنيفة في يوليو/ تموز 1935، ترافقت مع إلزام الرجال بارتداء القبعات الأوروبية، لكن الجيش تدخل للسيطرة على الوضع.
وأثار رجال الدين وخطباء الجمعة احتجاجات في شيراز، أدت لاعتقال عدد منهم، ونفي آخرين.
ولتجنب المواجهة، اختارت العديد من النساء، خصوصًا الأكبر سنًا، البقاء في منازلهن.
بوصول محمد رضا بهلوي إلى السلطة في إيران في 16 سبتمبر/ أيلول 1941، عادت الاحتجاجات مجددًا، وظهرت إيرانيات بالشادور في أماكن عامة دون اعتراض من الشرطة.
وبعد رسائل من رجال الدين، أمر الشاه الجديد بإلغاء الحظر، بالتزامن مع تصاعد فتاوى رجال الدين التي تؤكد على فرضية الحجاب.
استعاض محمد رضا قرارات أبيه العنيفة بـ "الثورة البيضاء"، فجعل العائلة الحاكمة رمزًا للتحديث في الملابس، خصوصًا مع التوسع في بناء المدارس والعيادات في المناطق الريفية.
وفي 1944، أصبح تعليم الفتيات إجباريًا.
ظهرت العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المرأة في عهد محمد رضا بهلوي، وفي 1959 شكلت 15 منظمة المجلس الأعلى للمنظمات النسائية في إيران، مركزًا جهوده على حق التصويت.
ورغم معارضة رجال الدين، اكتسبت النساء حقي التصويت والترشح للمناصب العامة في 1963؛ عبر استفتاء وطني، لتترشح ست سيدات للبرلمان.
في 5 يونيو/ حزيران 1963، شهدت طهران وعدد من المدن الإقليمية الرئيسية مظاهرات ضخمة حركها رجال الدين ضد الإصلاحات، لكنها قوبلت بحسم.
وفي أواخر الستينيات، اقتحمت المرأة السلك الدبلوماسي والخدمي والقضاء والشرطة، وفي 1968 أصبحت فرخرو بارسا وزيرة للتعليم، لتصبح أول امرأة تشغل منصباً وزارياً. وفي 1969 تولت خمس نساء مناصب قضائية، بخلاف انتخابهن في المجالس المحلية.
في 1975 صدر قانون حماية الأسرة، ليعطي حقوقًا إضافية للنساء؛ كتوسيع حق الطلاق وحضانة الأطفال والحد من تعدد الزوجات، ورفع الحد الأدنى لسن زواج الفتيات إلى 18 عامًا.
أُلغيت العقوبات المناهضة للإجهاض في قانون سوء الممارسة الطبية، وروجعت قوانين ولوائح العمل للقضاء على التمييز بين الجنسين، وضمان الأجر المتساوي للعمل المتساوي.
اختلطت النساء والرجال بحرية، وتوسعت الفرص التعليمية بشكل كبير، وأصبحت الملابس والقواعد الغربية متجذرة في قطاعات أكبر من الشعب الإيراني.
بحلول 1978، أصبحت 40% تقريبًا من الفتيات فوق سن السادسة متعلمات، وأكثر من 12,000 امرأة قروية يدرسن في محو الأمية، و33% من طلبة الجامعات فتيات، وتخطى عدد اللواتي خضن اختبار التقدم لكلية الطب عدد الشباب، وانتخبت 333 في المجالس المحلية، و22 للبرلمان، واثنتان لمجلس الشيوخ.
القوى العاملة ضمت مليوني امرأة، بينهن أكثر من 146,000 ألفًا في الخدمة المدنية.
قدمت إيران الأفكار والأموال لمركز الأمم المتحدة الإقليمي للبحوث والتنمية لآسيا والمحيط الهادئ، والمركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة.
في 11 فبراير/ شباط 1979، وصل روح الله الخميني إلى السلطة في إيران، مؤسسًا لنظام حكم ديني على أنقاض حكم الشاه، وكانت عودة الشادور إحدى أوجهها.
بات الحجاب إلزاميًا، وألغي قانون الأسرة. ظهرت محاولات للاعتراض، لكن دون جدوى.
وفي 8 مايو/ أيار 1980، أعدم النظام الجديد فرخرو بارسا، أول إيرانية شغلت منصبا وزاريا، رميًا بالرصاص، إيذانًا ببدء "الثورة الثقافية الإسلامية".