بحسب مصادر مطلعة نقلت عنها وول ستريت جورنال، سرب الحوثيون في اليمن تحذيرات إلى دبلوماسيين أجانب حول استعداد إيران لتوجيه ضربة جديدة بعد هجوم أرامكو الذي ضرب صناعة النفط في السعودية قبل أسبوع.
قادة الحوثيين قالوا – بحسب المصادر – إنهم باتوا مضطرين لدق ناقوس الخطر بشأن الهجوم المحتمل بعدما ضغطت عليهم إيران للعب دور فيه، بحسب المصادر.
ولم تتمكن المصادر من تحديد مدى خطورة التهديد ولا جديته، لكنها نقلته فورًا إلى السعودية والولايات المتحدة اللتين عززتا دفاعات الرياض قلقًا من هجوم آخر يستهدف صناعة النفط أو المطارات المدنية.
وإذا ثبتت صحة التحذيرات، فقد تكون إشارة أولى إلى تباعد بين إيران وبعض فصائل المتمردين الحوثيين على الأقل.
ورغم نفي المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام لتوجيه أي تحذير إلى الدبلوماسيين الأجانب حول هجوم إيران المحتمل، لكنه تزامن مع عرض التنظيم وقف إطلاق النار من جانب واحد على السعودية.
وحث عضو المجلس السياسي للحوثيين محمد البخيتي، السعودية على الانضمام إليهم في وقف إطلاق النار. وقال لـ “وول ستريت جورنال”: إن اليمن ليس لديه ما يخسره، لكن لديه مصالح مشتركة مع السعودية تدفعهم للأمل في استجابة القيادة السعودية للمبادرة.
المصادر – التي كشفت التحذير – قالت إن المتمردين الحوثيين يواجهون خلافات داخلية حول المدى المسموح به لارتباط الجماعة بإيران.
بعض قادة الحوثيين – بحسب المصادر – يعتقدون أن إيران هي أملهم الوحيد في حسم معركة اليمن مع السعودية. آخرون يرون أن تعميق العلاقات مع طهران خطأ.
وأثار العرض احتمالا لدى قادة الخليج والمسؤولين الأمريكيين والدبلوماسيين الغربيين في حدوث شقاق بين إيران وحلفائها الحوثيين اليمنيين.
وتسعى الولايات المتحدة والسعودية لاستغلال الثغرة الجديدة في تمكين قادة الحوثيين الساعين لفك الارتباط مع إيران.
وتعليقًا على مبادرة وقف إطلاق النار، قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إن من المهم “الاستفادة من هذه الفرصة والمضي قدمًا بكل الخطوات اللازمة للحد من العنف والتصعيد العسكري والخطابة غير المفيدة”.
رغم إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن هجوم أرامكو، يشتبه المسؤولون الأمريكيون في أن قاعدة في جنوب غرب إيران استخدمت في الهجوم.
إيران ترفض اتهامات السعودية – الولايات المتحدة بالوقوف وراء الهجوم؛ كون تثبيت الاتهام سيمثل خطوة جديدة نحو عزل إيران بدعم جهود ترامب ضمن خطة “الضغوط القصوى”.
وتجرى السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة فحصًا لحطام الطائرات دون طيار والصواريخ التي عثروا عليها في موقع الهجوم، ومراجعة لمعلومات الأقمار الصناعية في محاولة لتحديد من شن هجوم أرامكو.
ورغم أن التحقيقات لا تزال جارية ولم يعلن المحققون بعد قرارهم النهائي، إلا أن المراقبين متفقون على أن الحوثيين لا يملكون القدرة على تنفيذ الهجوم.
السعودية – على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير – وصفت هجوم أرامكو بـ “عمل إجرامي استخدم سلاحًا إيرانيًا”، محملًا إيران المسؤولية عن الهجوم “الذي لم يستهدف المملكة فحسب، بل العالم بأسره”.
بعد أسبوع من الهجوم، أعلن البنتاجون استجابة الولايات المتحدة لطلب السعودية بانتشار معتدل “ليس بالآلاف” للقوات في المملكة، سيركز على الدفاع الجوي والصاروخي.
وقال وزير الدفاع مارك إسبر إن الولايات المتحدة ستعمل على تسريع تسليم المعدات العسكرية التي اشترتها السعودية من بلاده.
التايمز البريطانية تعتبر أن الخطوة الساعية لطمأنة السعودية مثيرة لمزيد من المخاطر؛ إذ تخلق حافزًا إضافيًا لإيران لإظهار أن الأصول السعودية لا تزال ضعيفة؛ وخطرًا إضافيًا متمثلًا في احتمالية قتل جنود أمريكيين لن تدع فرصة – لو حدثت – لتجنب الرد العقابي.
الصحيفة ترى أن أفضل مقارنة للوضع الحالي تنبطق مع واحدة من لحظات باراك أوباما التي لا تنسى، عندما قرر في أغسطس/ آب 2013 عدم شن ضربات على سوريا، مفضلًا وضع “خط أحمر” لردع الرئيس بشار الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المتمردين.
ورغم تجاوز الخط الأحمر الذي ترك عواقب وخيمة، إلا أن أوباما امتنع عن الرد في اللحظة الأخيرة، بسب عدم يقينه من الخطوات التي سيتعين عليه اتخاذها بعد الضربات.
تقول التايمز إن امتناع ترامب عن معاقبة إيران على هجوم أرامكو – رغم صدور تأكيدات رسمية بتحملها المسؤولية – يمثل ضربة لصقور السياسة الخارجية، والتي افترضت أن ميله إلى التحدث بقوة يعني أنه كان يميل إلى التصرف بقوة.
ترامب انتقد أوباما مرارا على تردده. وتشبيهه بأوباما في تعامله مع الأزمة الإيرانية يوجه ضربة للصورة التي يقدمها على نفسه بوصفه الحاسم الحازم في مقابل سلفه المتردد.
تعاملت إيران مع نشر قوات أمريكية إضافية محدودة في السعودية على مستويين:
الرئيس حسن روحاني – الذي حذر من مخاطر نشر قوات أجنبية على أمن الخليج، أعلن عن تقديم مبادرة سلام خليجية جديدة في الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة.
لم يكشف روحاني تفاصيل عن مبادرته، لكنه قال إن بإمكانها إحلال السلام في مضيق هرمز “بالتعاون مع مختلف البلدان”.
وقال روحاني إن “إيران مستعدة لغفران أخطاء الماضي التي ارتكبها الجيران”، معلنًا “مد يد الصداقة والإخاء إليهم في هذه اللحظة التاريخية الحساسة والمهمة”.
بالتزامن، هدد القائد الأعلى لقوات الحرس الثوري حسين سلامي بتحويل ساحة المعركة الرئيسية إلى أراضي أية دولة تستهدف إيران، متوعدًا بأن قواته “ستلاحق أي معتدٍ، ولن تبقي أي عدوان محدودًا”.