محمد بن موسى الخوارزمي من أبرز علماء الرياضيات المسلمين، لُقب بأبو الرياضيات لاكتشافه علم الجبر والارقام الهندسية، فهو من أضاف رقم “صفر” للأعداد.
ولد الخوارزمي في مدينة العراق، ويعد من أشهر العلماء المؤسسين لعلم الفلك والجغرافيا في عصر الحكم العباسي، بالإضافة إلى إنجازاته في تطوير علم الجبر والمثلثات.
قام بتأليف الكثير من الأطروحات العظيمة والمتنوعة في شتى المجالات العلمية والتي يُستعين بها حتى وقتنا هذا، و تم ترجمتها لعدة لغات مختلفة.
اسمه كاملًا أبو عبدالله محمد بن موسى الخوارزمي ولد في عام ٧٨١م في العراق، يعود أصله إلى قبيلة خوارزم، ثم انتقل برفقة عائلته إلى بغداد وسكنت في قرية قطربل في بيت كبير يشمل مزارع وحقول.
تعلم أصول اللغة العربية الفصحى في مسجد تابع للقرية، بجانب تعلمه اللغة الفارسية والتركية بمساعدة والداه.
كان في مراهقته مُحب لركوب الخيل وشارك في الكثير من المسابقات، ونظرًا لشدة ذكائه ونبوغه نصحه أحد الواعظين بالذهاب لدراسة علم الرياضيات.
وفي أوائل العشرينات ذهب إلى بغداد لتعلُم أصول الرياضيات واستمر لمدة عامان حتى أتقنها وذاع صيت مهاراته لكافة الأمور الرياضية.
وخلال فترة وجوده في بغداد تعرف على فتاة وتزوج منها ورزق بولد.
وتوفي الخوارزمي في عام ٨٤٧م.
عاش محمد بن موسى الخوارزمي خلال فترة الحكم العباسي، وكان على اتصال وثيق بالخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد، ونظرًا لثقة الخليفة المأمون في ذكاء وعلم الخوارزمي قام بتعيينه في بيت الحكمة الذي كان في ذلك الوقت مركز للبحوث العلمية.
وكان له أهمية بالغة عند الخليفة حيث عهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، مما عاد عليه من وراء ذلك بسعة العلم من كتب المأمون التي ساعدته في إتقان العديد من العلوم كالفلك و الجغرافيا.
ومن خلال تلك العلوم والمعرفة ساعدته في تحسين أعمال بطليموس في الجغرافية، الأمر الذي جعله يرسم خريطة العالم بإتقان ودقة بالغة وتحديدًا منطقة غرب السودان.
ولم يقتصر الأمر على رسم الخرائط فقط؛ ولكنه قام بتحديد خطوط الطول ودوائر العرض لأكثر من ٢.٤٠٠ موقعًا على الخريطة، بشكل جعله يتفوق على بطليموس.
ساهم محمد بن موسى الخوارزمي بالكثير من الإنجازات سواء في علوم الحساب والجبر والمثلثات، أو الجغرافيا والفلك، وتشمل إنجازاته ما يلي:
الخوارزمي أول من أسس العلم الذي يساعد في إيجاد حل للمسائل المُعقدة والذي يطلق عليه “اللوغاريتمات”، وذلك العلم مازال يُستعين به حتى الآن.
استفاد الخوارزمي من الحضارة الهندية والحضارة العربية في جمع الأرقام التي كانت تُستخدم كرموز، وقام باستخدامها للعمليات الحسابية.
واستخدم الصفر والارقام وقام بترتيبها في خانات، مما ساعد في إبراز المعادلات الحسابية بمختلف أنواعها من جمع وطرح وقسمة، وضرب بخطوات سهلة ومُمكنة.
ساهم الخوارزمي أيضًا في تعديل نظرية الساعات الشمسية؛ على نحو يجعلها تختصر الوقت لإجراء عملية حسابية، من خلال وضع جدول لتلك الأجهزة.
اخترع محمد بن موسى الخوارزمي آلة تحديد الارتفاع الخطي للأجسام وتحديد زواياها، وأطلق عليها “مربع الظل” تحديدًا في القرن التاسع.
وساعد اختراعاته في تحديد موقع الشمس والأقمار وتعتبر ثاني أكبر آلة تم استخدامها في علم الفلك.
أول من حدد فرق بين علم الجبر وبين علم الحساب وأسس أسلوب منطقي لعلم الجبر؛ حيث جمع العالم محمد بن موسى الخوارزمي بين أصول العلم اليوناني والعلم الهندي وأضاف إليه الكثير من الابتكارات التي مستقلًا مختلفً عن علم الحساب.
قام أيضًا بتأليف العديد من الأطروحات التي من أشهرها كتاب “الجبر والمقابلة”، وكان يهدف من محتواه تسهيل العمليات الحسابية في إطار المعاملات اليومية، مثل الوصايا والمواريث، والمعاملات التجارية.
قدم الخوارزمي لعلم الجبر مصطلح الجذر وهي طريقة مختصرة لحل عمليات الضرب المتكررة لرقم واحد.
بالإضافة إلى المعادلات الحسابية التي فسرها وقسمها في مضمون مؤلفاته.
كما ألف أيضًا أضخم أطروحة ترجمت إلى اللغة اللاتينية وهي “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة”، والذي يشرح فيه التفاصيل الدقيقة بكيفية استخدام علم الجبر، ومفهومه، ومدى أهميته في الحياة العادية.
ويشمل الكتاب أيضًا على العمليات الحسابية التربيعية، وطرق تقسيم الأموال والأراضي.
شملت إنجازات محمد بن موسى الخوارزمي أيضًا علم المثلثات، فأنشأ المقاطع المخروطية والتمثيل الهندسية الخاص بها، والتي ساعدته في الوصول لعلم التفاضل.
أُكتشف الجداول المثلثية والتي تم استخدامها فيما بعد في تأسيس معامل الظل.
لا تقتصر إنجازات الخوارزمي على تطوير وتأسيس علم الرياضيات فقط، ولكنه تطرق إلى علم الفلك وأحدث فيه الكثير من الإنجازات الواسعة، والتي من أبرزها التقويم.
بالإضافة إلى مساهمته في تحديد دقيق لكل من موقع الشمس والقمر، والكواكب باختلافها.
قام أيضًا بحساب الكسوف والخسوف للقمر والتي تعظ من أبرز انجازاته في علم الفلك الكروي.
له كتابات متعددة في الابراج الفلكية.
لعل أبرز إنجازات العالم محمد بن موسى الخوارزمي في علم الجغرافيا هو اكتشافاته التي نتج عنها تحسين وتعديل أبحاث بطليموس، قام أنه أشرف على إنجاز أول خريطة للعالم.
بالإضافة إلى تأليف الكثير من الكتب المفسرة لعلم الجغرافيا ومن أهمها كتاب “صورة في الأرض”.
تم ترجمة جميع أعماله للدول الأوروبية، والتي ساهمت في التطوير الحضاري للغرب عامةً.
يوجد عدد هائل من مؤلفات العالم محمد بن موسى الخوارزمي التي ترجمت لأكثر من لغة؛ ويُستعين بها في أكبر الجامعات ومن أبرزها ما يلي:
هو أول كتاب قام بتأليفه الخوارزمي، ويعد من أهم وأبرز مؤلفاته لاحتوائه على أكبر عدد من المعادلات الحسابية، وأدق تفاصيل علم الرياضيات.
بالإضافة إلى “المختصر في حساب الجبر والمقابلة” وهو كتاب باللغة العربية يتضمن حل المعادلات، ووضح الأرقام السالبة و المعادلة من الدرجة الأولى والثانية.
وهو كتاب مخصص لعلم الجغرافيا انتهى من كتابته في عام٨٣٣م اسمه كاملًا “صورة الأرض من المدن والجبال والبحار والجزائر والانهار”.
حيث أوضح فيه الخوارزمي كافة الإحداثيات التي يتم استخدامها حاليًا، فضلًا عن تحديد مواقع الدول لأول مرة بشكل دقيق على الخريطة، وهو يعتبر نسخة مُعدلة من كتاب بطليموس.
ويوجد منه نسخة واحدة محفوظة في مكتبة جامعة ستراسبورغ.
ويتضمن الكتاب شرح الدورة الميتونية وهي دورة مدتها ١٩ عام ليتم التنسيق بين الدورة الشمسية والقمرية، وهي من أهم دورات التقويم العبري لليهود
هو كتاب باللغة اللاتينية جمع فيه الخوارزمي كافة الرموز والأرقام التي جمعها من الحضارة الهندوسية تحديدًا في القرن الثاني عشر، شرح فيه نظام الحسابات بشكل مفصل، فضلًا عن استخدام مصطلح اللوغاريتم لأول مرة.
خصص ذلك الكتاب لعلم الفلك، ويضم الكتاب سبعة وثلاثون فصلًا مخصصين لشرح عملية حساب التقديم.
كما قدم محمد بن موسى الخوارزمي في ذلك الكتاب حركة الشمس والقمر، وكان في ذلك الوقت معروف خمس كواكب فلكيًا حدد حركة كلًا منهما.