يتهم الديموقراط الرئيس ترامب باستخدام سلطات منصبه لطلب تدخل دولة أجنبية في انتخابات 2020.
يقولون إن الرئيس طلب مباشرة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فتح تحقيق مع مواطن أمريكي، وضغط باتجاه مساءلته، في محاولة لإعاقة حظوظ نائب الرئيس السابق جو بايدن في المنافسة على الرئاسة.
ويزعمون أن طلب ترامب كان واضحًا في المكالمة الهاتفية التي جمعتهما في 25 يوليو، والتي أكدتها شهادت مسؤولي الإدارة الفاعلين في ملف أوكرانيا أمام تحقيقات مجلس النواب.
يستند الديمقراط على شهادة الدبلوماسيين الأمريكيين حول مطالبة أوكرانيا بالإعلان عن فتح التحقيق مع هانتر بايدن، رغم أن ذلك النوع من التحقيقات نادرًا ما يعلن عنه. واعتبر الديمقراط أن ذلك جزء من خطة صُممت لإضرار حملة جو بايدن الرئاسية، ما يعني أن الدافع لم يكن جهدًا صادقًا للقضاء على الفساد.
إحدى النقاط التي يعتمد عليها الديمقراط هي تكليف ترامب لمحاميه الشخصي رودي جولياني بقيادة جهود فتح التحقيقات في أوكرانيا. وبينما كان جولياني يعمل على تحقيق ذلك، تحايل على قنوات وزارة الخارجية وقوض السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا، بحسب روايات شهود في جلسات التحقيق السرية.
في شهادته المغلقة، أفاد السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي جوردون سوندلاند أن ترامب وجه المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى أوكرانيا كورت فولكر ووزير الطاقة ريك بيري للتنسيق مع جولياني بشأن أوكرانيا والمسائل المتعلقة بالفساد.
وكجزء من دبلوماسية الظل، حث جولياني أيضًا على إقالة ماري يوفانوفيتش، التي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى أوكرانيا في الفترة من 2016 حتى مايو من هذا العام.
ويمكن للديمقراط صياغة مواد مساءلة تتهم ترامب بإساءة استخدام سلطاته والتلاعب بوزارة الخارجية لتحقيق مكاسب سياسية، وتكليف جولياني بعمل “قذر”.
شهادات الشهود تضمنت أن إدارة ترامب استخدمت لعبة “الشيء مقابل الشيء” لمقاضية أوكرانيا وضمان إجراء تحقيقات حول اتهام بايدن بالفساد، والديمقراط بطلب تدخل خارجي في انتخابات 2016.
أحد عناصر اللعبة المزعومة شملت حجب دعوة من البيت الأبيض لزيلينسكي لزيارة واشنطن، يستدلون برسالة نصية أرسلها كورت فولكر، الذي كان مبعوث ترامب المختار إلى أوكرانيا، إلى مساعد زيلينسكي أندري ييرماك، لترتيب لقاء بين الرئيسين، والتي فتحت باب التأويل بأن الرئيس ربط الحصول على دعوة الاجتماع بإعلان فتح التحقيق.
بالإضافة إلى تعليق زيارة البيت الأبيض، سيثير الديمقراط تجميد إدارة ترامب 391 مليون دولار كمساعدات عسكرية وأمنية لأوكرانيا، التي لا تزال في حالة حرب مع روسيا والميليشيات التي يدعمها الكرملين.
بعد أسابيع، أخبر السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي جوردون سوندلاند – ييرماك أن الأموال لن يتم الإفراج عنها على الأرجح حتى يعلن زيلينسكي عن التحقيقات.
كما قال شهود آخرون إن المساعدات العسكرية كانت مرتبطة بإعلان زيلينسكي، يشمل ذلك ألكسندر فيندمان وتيم موريسون، وهما مسؤولان في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض استمعا إلى مكالمة الرئيس مع زيلينسكي. ويشمل أيضًا السفير بيل تايلور، أكبر دبلوماسي أمريكي في أوكرانيا، الذي شهد بأن “كل شيء” تريده أوكرانيا يعتمد على التحقيقات.
في وقت مبكر من العملية، أعلن البيت الأبيض أن تحقيق المساءلة “غير دستوري” وأمر الموظفين بعدم التعاون من خلال تقديم مستندات أو شهادات إلى محققي مجلس النواب.
تجاهل ما لا يقل عن 10 من كبار المسؤولين في إدارة ترامب مذكرات الاستدعاء، بما في ذلك ميك مولفاني وريك بيري ومايك بومبيو. وتحدت وزارة الخارجية ومكتب الإدارة والميزانية مذكرات استدعاء لوثائق يمكن أن تلقي ضوءًا جديدًا على تعاملات ترامب مع أوكرانيا.
وبعدما تجاهل الرئيس ريتشارد نيكسون مذكرات استدعاء الكونجرس في عام 1974 ، وافقت اللجنة القضائية بمجلس النواب على لائحة اتهام ضده بتهمة ازدراء الكونجرس. وقد احتج النائب الديموقراطي آدم شيف مرارًا وتكرارًا بسابقة نيكسون، وأشار إلى أن قاضيًا فيدراليًا قضى بأن تحقيق مجلس النواب قانوني.
ما أسلحة الجمهوريين لتبرئة ترامب؟
من نفس النقاط السابقة، وغيرها، تنطلق استراتيجية الجمهوريين لترجيح كفة ترامب خلال التحقيقات، ومن ثم إضعاف جدوى المساءلة.. ومنها:
اشتكى ترامب والجمهوريون من العيوب الإجرائية منذ البداية.. هذه المخاوف ستتواصل حتى النهاية، باعتبار أن تحقيق الديمقراط تجاوز كل الإجراءات القانونية الواجبة.
من بين النقاط المعيبة، أن محامي الرئيس لم يحضر أيًا من الجلسات، وأن فريقه القانوني محروم من استجواب الشهود، بجانب التضييق على حق الجمهوريين في إصدار شهادات استدعاء.
وحتى إذا صوت مجلس النواب على قرار المساءلة، سيملك جمهوريو مجلس الشيوخ أرضية صلبة للتشكيك في التحقيقات برمتها، ومن ثم التصويت بأريحية على تبرئة الرئيس.
لا يحدد الدستور الأمريكي سلطات الرئيس في السياسة الخارجية. يقول الخبراء إن الرؤساء المتعاقبين استفادوا من “الصمت الدستوري” لانتزاع سلطات دبلوماسية لا محدودة.
ترامب قال سابقًا إن المادة الثانية من الدستور”تسمح له بالقيام بكل ما يريد”. وقد يجادل محاموه بأنه الشخص الوحيد الذي يحدد السياسة الخارجية – وليس مرؤوسيه في وزارة الخارجية.
وبما أن محور التحقيق هو تعاملات ترامب الدبلوماسية، يملك الرئيس الاحتجاج بأنه رغم امتعاض الديمقراط من سياساته في أوكرانيا، إلا أنه لا يزال الرئيس، ويمكنه التعامل بما يراه مناسبًا لتحقيق المصالح الأمريكية، حتى لو كان “البيروقراطيو المجهولون غير المنتخبين” لا يتفقون معها.
لإثبات أن ترامب مذنب، يحتاج الديمقراط لإثبات سوء نيته عندما أمر دبلوماسييه بالعمل مع جولياني، وعندما سأل زيلينسكي عن فساد جو بادين.
وحتى الآن، لم يشهد أي من الشهود بأن ترامب أخبرهم صراحة بنيته إضعاف حملة بايدن أو الإضرار بحزب الديمقراط.
إحدى الاستراتيجيات التي سيعتمد عليها الجمهوريون تركز على إيمان ترامب بأهمية التحقيق في الشكوك حول تدخل أوكرانيا في انتخابات 2016 وفساد هانتر بايدن، وأنه تصرف بحسن نية عندما طلب من نظيره الأوكراني التأكد.
وفي مقال كتبه لوول ستريت جورنال، قال محامي ترامب رودي جولياني إن مكالمة أوكرانيا كانت بريئة، حيث استعرض زيلينسكي الحاجة لـ “تجفيف المستنقع” في بلاده باعتبار أن استئصال الفساد كان أحد تعهدات حملته، وأن ترامب طالبه بالتحقيق في مزاعم الفساد على أعلى المستويات، باعتبارها مسألة مثيرة للقلق المشترك.
جولياني أضاف أن الزعيمين ناقشا كذلك احتمالات التدخل الأوكراني في انتخابات 2016، وفق المعلومات المتلاحقة التي أشارت إلى أن الديمقراط تعاونوا مع مسؤولين في أوكرانيا للإضرار بحملة ترامب بأساليب غير نظيفة، وكذلك مخاوف ترامب بشأن سلوك نائب الرئيس السابق جو بايدن تجاه أوكرانيا، حين كان ابنه، هانتر، يعمل لدى شركة طاقة أوكرانية كشف البرلماني الأوكراني أندري ديركاتش وثائق توضح أنها حولت 900,000 دولار إلى شركة ضغط يملكها هانتر، وأن الأموال كانت للضغط على جو بايدن.
واعتبر جولياني أن ما فعله ترامب ممارسة لمسؤولية دستورية للرئيس.
سيكون لدى الجمهوريين غطاء سياسي للتصويت ضد عزل ترامب أو تبرئته في مجلس الشيوخ؛ لأنهم يستطيعون الدفع بأن أوكرانيا حصلت على المساعدات بالنهاية، بينما لم يحصل الرئيس على أي شيء بالمقابل.
يقول حلفاء الرئيس إن زيلينسكي لم يكن يعلم أصلًا بتجميد المساعدات خلال مكالمة 25 يوليو، التوقيت الدقيق غير واضح: تقول التقارير الإخبارية إن أوكرانيا علمت بالتجميد في أوائل أغسطس، لكن الرسائل النصية وشهادات فولكر عن تايلور تشير إلى أن أوكرانيا علمت لأول مرة من مقال “بولتيكيو” في 28 أغسطس، مما ينفي حدوث مقايضة لعدم معرفتهم إلا بعد مدة.
محامي ترامب أكد أن ألفاظ الرئيس كانت ودية ومقبولة وخالية من أي عنصر تهديد أو إكراه. لم يقدم شيئًا لأوكرانيا مقابل التطهير من الفساد. كان التركيز على الفساد الأوكراني بشكل عام، في نسخة من خمس صفحات، تحدث الرئيس لستة أسطر فقط عن جو بايدن.
واستشهد جولياني بإعلان زيلينسكي أنه شعر أن الدعوة كانت محادثة طبيعية وودية ومناسبة تمامًا، لم يشعر خلالها بأي ضغوط من أي نوع.
وأشار الجمهوريون إلى أن الولايات المتحدة أرجأت أيضًا تقديم المساعدات العسكرية للبنان وأرمينيا. ومن المتوقع أن يدفع الجمهوريون بأن الاتحاد الأوروبي لم يقدم نصيبه العادل للمساعدة في القضاء على الفساد في أوكرانيا، خاصة أن الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم له علاقة بأوروبا أكثر من ارتباطه بالولايات المتحدة.
يعد الجمهوريون استجوابًا منهجيًا وقويًا لشهود الديمقراط الذين تستند رواياتهم عن أخطاء الرئيس ترامب المزعومة على الشائعات والحدس إلى حد كبير.
في أول جلسة استماع سيكون هناك بيل تايلور، مبعوث أمريكا إلى أوكرانيا، وهو لم يكن طرفًا بأي شكل في مكالمة أوكرانيا . وينوي الجمهوريون استجوابه مرارًا وتكرارًا بسبب افتقاره إلى “المعرفة المباشرة” حول المكالمة.
محامي ترامب وصف حالة الديمقراط بأنها متلازمة عداء الرئيس أو ازدواجية المعايير، لكن لا شك في أنه لو كان بايدن مكان ترامب، لم يكن ليتعرض للموقف ذاته.
استدعاء مجلس النواب لمسؤوليين في إدارة ترامب يحملون حصانة من البيت الأبيض أمر مشكوك في قانونيته.
بعد تلقي أمر استدعاء الكونجرس في التحقيق بقضية مساءلة ترامب، رفع مستشار الأمن القومي السابق تشارلز كوبرمان دعوى قضائية مطالبًا المحكمة بتقرير ما إذا كانت مذكرة الاستدعاء الصادرة تسري بحقه، فسحب مجلس النواب أمر الاستدعاء فورًا، وطلب من محكمة فيدرالية رفض الدعوى التي رفعها بشأن هذه المسألة.. مما يثير تساؤلات حول قانونية الاستدعاء لشخصيات بعينها في البيت الأبيض، وكيف ستسير التحقيقات بدون شهادتهم.