مصر مبارك | الاستقرار من أجل التنمية.. الذي أحياني قتلني | الحكاية في دقائق

مصر مبارك | الاستقرار من أجل التنمية.. الذي أحياني قتلني | الحكاية في دقائق

5 Mar 2020
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط
كان محمد حسني مبارك عسكريا كفؤًا، تقول فورين بورليسي. بدأ حياته شابًا في سلاح الجو المصري في عهد جمال عبدالناصر. ترقى عدة مرات حتى وصل لقيادة سلاح الطيران. مهد طريق مصر لعبور قناة السويس في حرب أكتوبر 1973، ثم أصبح نائبا للرئيس الراحل محمد أنور السادات، قبل أن يخلفه في رئاسة الدولة، ليبقى في المنصب لثلاثة عقود. استند في عهده على إستراتيجية واضحة وبسيطة للغاية "الاستقرار من أجل التنمية"

"الفورين بوليسي" سلطت الضوء على فترته التي استمرت 3 عقود، معارضة الرأي القائل بأن مصر شهدت فسادا وركودا في عهده. قالت إن مبارك استند في فترة حكمه على استراتيجية واضحة: الاستقرار من أجل التنمية.. تلك الاستراتيجية التي تقول المجلة الأمريكية إنها نقلت مصر إلى مكان آخر، لكنها أطاحت بالرجل في النهاية.. كيف؟ الإجابة ننقلها في الشرائح التالية كما رصدتها فورين بوليسي.
قبل أن يصبح رئيسًا لمصر، كان حسني مبارك شاهدًا على اضطرابات عدة مرت بها البلاد قبل وصوله للحكم؛ في عهد جمال عبد الناصر مالت أولًا نحو الاتحاد السوفيتي، ثم وقعت اتفاق الأسلحة التشيكية، ثم تورطت في حرب اليمن، فتلقت الهزيمة في يونيو 1967، ثم خاضت حرب الاستنزاف.

عهد السادات أيضًا شهد اضطرابات، ما بين ثورة التصحيح في مايو 1971، والانفتاح على جماعة الإخوان المسلمين، وأحداث الشغب في 1977، ثم خريف الغضب الذي اعتقل فيه السادات خصومه السياسيين، وبعدها بأشهر اغتيل السادات، بينما كان مبارك - نائبه حينها - يقف إلى جواره، وهو الهجوم الذي نجا منه مبارك بإصابة بسيطة في يده.

ما سبق كان التاريخ الذي شكل نظرة مبارك إلى العالم، وأرسى الأساس لثلاثة عقود أمضاها في السلطة.
رأى مبارك عن كثب كيف تسببت الاضطرابات السياسية والتغييرات السريعة والانتكاسات في ضعف وهشاشة الدولة، فعقد العزم على إيجاد ستراتيجية واضحة تحقق هدفه الأساسي: الاستقرار من أجل التنمية.

الاستراتيجية حققت نجاحًا. تقول فورين بوليسي: من الصعب أن ننكر مدى نجاحه. بحلول نهاية فترته في فبراير 2011، ارتفع متوسط العمر المتوقع للمصريين إلى مستويات العالم المتقدم، وانخفض معدل وفيات المواليد إلى حد كبير، ويرجع الفضل في ذلك إلى التطعيمات واللقاحات التي وفرها لأطفال المصريين.

يكفي أن نسبة شلل الأطفال في بداية عهده كانت تحوم بين 96 إلى 98%، لكنها انخفضت إلى النصف تقريبًًا بنهاية فترته، كما انخفضت نسبة الإعالة العمرية في مصر بمقدار الثلث، وهو مقياس تقريبي للسكان الذين يعتمدون ماليًا على الآخرين.

و انخفضت نسبة الأمية بشكل ملحوظ وإن لم يكن كافيا، من 40 إلى 30%. ورغم ثبات مستوى العمالة المصرية في مجالات الصناعة، إلا أن معدلاتهم في القطاعات الخدمية ارتفعت بشكل كبير.

المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية السابقة، تناقض بوضوح الرأي التقليدي الشائع بأن سنوات حكم مبارك شهدت ركودًا وتفسخًا، خاصة تلك التي سبقت 25 يناير، وفقا لوصف فورين بوليسي.
بمقارنة وضع مصر في عهد مبارك وسابقيه، كانت العقود الثلاثة التي بقي فيها مبارك على رأس السلطة أفضل بالنسبة للمصريين، شهدت مصر تقدمًا في عهده لم يحدث في عهد أي رئيس آخر، لكنه وفقا لتعبير "فورين بوليسي" كان تقدما ثابتا لم يزد، في جميع الأحوال لا يمكن إنكار معلومة أن التطورات التي شهدتها مصر هي من إرث مبارك.


رؤية مبارك التي ساهمت في تشكيل مصر من جديد وخروجها من مستنقع الأزمات، كانت السبب أيضًا فيما وصل إليه مبارك في نهاية حكمه.

خلال فترته الرئاسية، قال مبارك ذات مرة، إنه يعرف مصر جيدًا، يعرفها أكثر من أي شخص آخر، مبديًا عدم رغبته في الاستماع إلى النصائح المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية ورفع قانون الطوارئ والسماح بمزيد من الحريات السياسية. مبارك لم يستسلم لآراء النشطاء المحليين والأمريكيين، كان يرى أن ما ينادون به سيضع أهدافه المتعلقة بالاستقرار والتنمية في خطر.

المشكلة هي أن سياسة الاستقرار من أجل التنمية لم تكن كافية لملايين المصريين. لم يستوعبوا الفكرة: ما تم في عهد مبارك جاء بعد سنوات من عدم الاستقرار خلال عهدي ناصر والسادات، كما لم يشعر الجميع بالتنمية التي أحدثها مبارك بطريقة متساوية، فرغم التحسينات الاقتصادية والاجتماعية شعر آخرون أنه تم التخلي عنهم.

انتشرت التجمعات ذات الأسوار العالية والبوابات (الأحياء الراقية) والعشوائيات وتفاوت استهلاك المصريين وشعر بعضهم بالخذلان والنسيان والازدراء،

ومن يعارض أو يتحدث رافضًا، يتعرض للإيذاء. لكن رغم ذلك لم يشهد المصريون مستويات القمع التي شهدها مثلًا العراقيون والسوريون في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. تقول فورين بوليسي.
مشكلة أخرى تنامت في أواخر عهد مبارك، شهدت سنوات حكمه الأخيرة ما وصفته فورين بوليسي بـ"غطرسة السلطة" من الوساطة والمحسوبية والفساد. هذا لا يعني أن هذه الأمراض لم تكن موجودة من قبل، لكنها صعدت وظهرت بوضوح في السنوات التي سبقت يناير 2011 خاصة مع بدء ما يعرف بحكومة "الأحلام" المكلفة بالمضي قدمًا في الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية.

في النهاية تضافرت جميع التناقضات والمشكلات التي ابتليت بها مصر على مر السنوات ليظهر انعكاسها في 2011.

لكن في جميع الأحوال، مبارك كان له تأثيره بطريقته الخاصة مثله مثل ناصر والسادات من قبله، ومن المفارقات أن تركيزه المنصب على الاستقرار أنتج ما عليه مصر اليوم.
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك