في 2 أغسطس 216 قبل الميلاد، تحرك الجيش الروماني بقيادة جايوس ترينتيوس فارو بصحبة 87 ألف جندي إلى جنوب شرق إيطاليا. كان الهدف سحق الجيش القرطاجي البالغ قوامه حوالي 50 ألف بقيادة الجنرال حنبعل.
حنبعل، تظاهر بالتراجع لأيام.. ليجذب الرومان المنهكين عبر أميال من الأراضي القاحلة والجافة إلى قرية كاناي الصغيرة في جنوب شرق إيطاليا.
كثّف الرومان استخدامهم للمشاة في تشكيلات أعمق بكثير من المعتاد، فاستخدم حنبعل تكتيك الكماشة، محققًا ناجحًا مذهلاً لدرجة أنه نجح في تدمير الجيش الروماني.
كتب المؤرخ بوليبيوس أن 76 ألف روماني وحليف لهم قتلوا، وخضع 10 آلاف للأسر، بينما لم يخسر القرطاجيون سوى إجمالي 5,700 ضحية فقط.
وفقًا للمؤرخ العسكري روبرت أوكونيل، فإن قتلى جيش روما في ذلك اليوم تجاوزت أي جيش آخر في أي يوم من القتال في مجمل التاريخ العسكري الغربي.
معركة كاناي تركت تأثيرًا قويًا في الفكر العسكري العالمي، واعتبرت المعيار الذهبي للتألق العسكري، حيث استبدل العسكريون من وقتها القتال الموازي، لخطة الكماشة، حتى إن الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف اعترف أن مخطط عملية عاصفة الصحراء مأخوذ بشكل أساسي من حركة كماشة حنبعل في كاناي.
كان يفترض أن تكون هذه المناوشات العشوائية مجرد معركة أخرى في سلسلة من المناوشات المنسية منذ زمن طويل، في الحروب الأهلية التي استهلكت الإمبراطورية الرومانية خلال معظم القرن الثالث، لكن حقيقة انتصار قسطنطين الكبير في المعركة ليصبح الإمبراطور الروماني كان حدثًا كبيرًا في تاريخ العالم.
في الليلة التي سبقت معركة جسر ميلفيان.. يُزعم أن قسطنطين رأى علامة صليب في السماء مع عبارة "بهذه العلامة..ستنتصر"،
فأمر جنوده برسم الصليب على دروعهم وربح المعركة اللاحقة، وأصبح إمبراطورًا، ثم بدأ في رعاية المسيحية، مما أدى إلى انتشارها من طائفة صغيرة مضطهدة إلى الدين الرسمي للإمبراطورية بحلول 380.
رعاية الإمبراطور للمسيحية ساعدت في التطورات اللاحقة في العالم الغربي، كما سهلت انتشار الديانة الإبراهيمية التالية، الإسلام، بعد أن غيرت المسيحية التوجه الديني لكثير من أنحاء العالم بعيدًا عن التعددية وباتجاه التوحيد.
على الرغم من أن معركة ملاذكرد ليست مشهورة كسقوط القسطنطينية في عام 1453، إلا أنها كانت السبب وراء الانهيار الحتمي للإمبراطورية البيزنطية والحروب الصليبية وصعود العثمانيين في الأناضول.
بحلول عام 900 تقريبًا، كانت الدولة العباسية قد فقدت سيطرتها ونفوذها، وتحولت الولايات الخاضعة للخلافة إلى دول مستقلة، كان بعضها على حدود الإمبراطورية البيزنطية.
وفي محاولة لقلب هذا الوضع، أسس المحاربون الأتراك قوة جديدة، الإمبراطورية السلجوقية التركية العظمى، التي امتدت من آسيا الوسطى إلى تركيا.
بدأ السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان دخول الأراضي البيزنطية، مما أدى إلى تحرك الإمبراطور رومانوس الرابع ديوجين.
التقى الجيشان في شرق الأناضول عام 1071، لم يقاتل نصف الجيش البيزنطي بسبب الخلافات البيزنطية الداخلية التي أدت إلى الخيانة، فألقي القبض على الإمبراطور البيزنطي، وعلى الرغم من إطلاق سراحه، سقطت الإمبراطورية في حرب أهلية.
في غضون عقد من الزمان، فقدت الإمبراطورية معظم أراضيها واضطرت إلى طلب المساعدة من البابا، مما أدى إلى الحروب الصليبية، لكن السلاجقة كانوا قد استولوا على القدس من الفاطميين وقويت شوكتهم، مما عقد الظروف أمام استعادة قوة البيزنطيين، وفتح الطريق أمام إسقاطهم لاحقًا.
كانت معركة تارين الثانية أهم معركة في تاريخ شبه القارة الهندية؛ لأنها جعلتها على ما هي عليه اليوم.
حتى القرن الثاني عشر، كانت معظم مناطق الهند تحكمها ممالك هندوسية وبوذية محلية، على الرغم من أن الدول الإسلامية قد حققت بعض النفوذ في شمال غرب الهند (أجزاء من باكستان اليوم).
لكن، في أواخر القرن الثاني عشر، قرر محمد الغور، وهو حاكم محلي في أراضي أفغانستان اليوم، إنشاء إمبراطورية إسلامية دائمة في شبه القارة الهندية.
بعد معارك كثيرة في أراضي باكستان الحالية، اشتبك وجهاً لوجه مع تحالف راجبوت (طبقة المحاربين الهندوس) بقيادة القائد بريثفيراج تشوهان في تارين (بالقرب من دلهي) في عام 1191، لكنه هزم.
في العام التالي، عاد مع 120,000 رجل مقابل 300,000 من الراجبوت في معركة تارين الثانية، استخدم الغور سلاح الفرسان السريع لكسر القوات الهندوسية من خلال ضرب مركزهم وإخافة أفيالهم، فانتصر بشكل حاسم وقتل تشوهان.
بعد ضرب التحالف الرئيسي ضد حكمه في معقل الهند الشمالية الخصبة، اجتاحت محمد الغور بجيوشه كل شمال الهند، ووصلت الجيوش إلى البنغال بحلول عام 1200، ودمرت معاقل البوذية الهندية في الطريق.
أصبحت معظم الهند في النهاية تحت الحكم الإسلامي، مع إنشاء سلطنة دلهي (1206) وإمبراطورية المغول (1526)، ووضع هذا الأساس للدول المستقبلية: باكستان وبنغلاديش، والإمبراطوريات القوية مثل المغول التي كانت قادرة على توحيد معظم جنوب آسيا.
أكبر تجمع للمسلمين في العالم حتى اليوم موجود في جنوب آسيا.
هي المعركة التي أوقفت المغول الذين لم يكن من الممكن إيقافهم في السابق، ومنعتهم من التقدم أكثر في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
اشتبكت جيوش المغول ضد قوة المماليك في عين جالوت بفلسطين عام 1260، بعد تدمير بغداد عام 1258.
كان المماليك طبقة عسكرية من الجنود المسلمين المنحدرين من العبيد وكانت عاصمة دولتهم في مصر، وكان المغول بقيادة قائد ثانوي، حيث عاد زعيمهم هولاكو خان، حفيد جنكيز خان، إلى الوطن بسبب نزاع على الخلافة.
كان لدى القوتين أكثر من 20,000 رجل. ومع ذلك، هزم المماليك المغول باستخدام تكتيك المغول القديم، من خلال دفعهم إلى كمين.
قام السلطان المملوكي قطز، الذي سبق أن أسره المغول وباعوه كعبد في صغره، بإخفاء معظم سلاح الفرسان في التلال المحيطة بالسهل، وأمر قوة صغيرة بالتقدم من أجل إثارة هجوم المغول، هذا جعل المغول يقعون في فخ المماليك.
كانت المعركة هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة مفتوحة.
كانت عين جالوت سببًا في الحافظ على الكثير من العالم الإسلامي وأوروبا ضد المزيد من الهجمات المغولية من خلال منعهم من التحرك غربًا وإثبات أنه يمكن هزيمة المغول.
بعد فترة وجيزة، انهارت جبهة المغول الموحدة لغزو العالم، وبدأوا في قتال بعضهم البعض.
دارت معركة كاخاماركا في جبال الأنديز في شمال بيرو الحديثة بين الإسبان بقيادة فرانسيسكو بيزارو، والإنكا بقيادة الإمبراطور أتاهوالبا، وكانت واحدة من أغرب المعارك في التاريخ بسبب الأعداد غير المتكافئة بين الجانبين.
غامر بيزارو بالتوغل في قلب إمبراطورية الإنكا مع 168 رجلًاً فقط في عام 1532، وهو رقم صغير لدرجة أنه يتحدى العقل، خاصة وأن خطة بيزارو كانت غزوًا منذ البداية، لكنه كان يتخذ هرنان كورتيس وفتوحاته في المكسيك قدوة، حيث هزم ذلك الفاتح الإسباني إمبراطورية الأزتك الأكثر عددًا بألف رجل فقط.
من أجل هزيمة الإنكا، لجأ إلى الخداع، وتظاهر بأنه جاء بنوايا حميدة، رتب للقاء أتاهوالبا، الذي أحضر 80 ألف محارب إلى الاجتماع في ساحة بلدة كاجاماركا.
في خطوة جريئة، استولى بيزارو على أتاهوالبا وقتل معظم قادته الرئيسيين باستخدام خيوله وبنادقه لصدمة الإنكا، الذين لم يتوقعوا حدوث معركة، فخسروا أكثر من ألفي رجل، ثم تشتتوا.
أدت سيطرة بيزارو على إمبراطور الإنكا إلى سيطرته على إمبراطوريته، وحددت المعركة مصير معظم القارة كمستعمرة إسبانية على مدار الثلاثمائة عام القادمة.
غمرت الفضة المستخرجة من بيرو السوق العالمية وأدت إلى زيادة تسييل الاقتصاد العالمي، في أماكن بعيدة مثل أوروبا والصين.
هل هناك مزيد من المصادر لزيادة المعرفة؟
مغيرو العالم.. معارك غيرت التاريخ نفسه (ناشيونال إنترست)
معركة كاناي.. كيف ألهم أعظم انتصار في التاريخ الجنرالات لمدة 2000 عام (ميليتري هيستوري)