معز مسعود ونظرية الـ 90% حجاب!

معز مسعود ونظرية الـ 90% حجاب!

17 Jul 2018
هاني عمارة دقائق.نت

هاني عمارة

باحث في جماعات الإسلام السياسي والتراث الإسلامي

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

أثارت زيجة الداعية الإسلامي العصري معز مسعود الأخيرة من الفنانة شيري عادل -دون أي كلام عن التزامها بالحجاب- جدلًا حول موقفه من الحجاب، مما أعاد استدعاء مقولاته السابقة في الحجاب.

ما الذي تغير في عشر سنوات؟

الفيديو الأول: ويبدو أنه قديم في أوائل الألفية، حيث يظهر فيه على قناة “اقرأ” ليتحدث عن اختيار شريكة الحياة، ساخرًا من تقليد الشباب للأفلام الرومانسية، واستخدم تعبير “ديوث” في وصف من يفضل الارتباط بالمتحررة على المتدينة. والكلام هنا تقليدي يعبر عن الخطاب الإسلامي العام في تلك الفترة، ومناسب لداعية محدود الثقافة الدينية في بداية ظهوره، ويتضح هذا من استخدامه المتهور لكلمة “ديوث”.

الفيديو الثاني: وهو الذي نحن بصده، حيث يظهر معز مسعود كان في لقاء مع عمرو الليثي في حدود عام 2010، بعدما تطورت صورته كداعية عصري يهوى الموسيقى، ويختلط بالوسط الفني والسينمائي من خلال الإنتاج. ويلاحظ هذا التطور من خلال إجابته على سؤال الحجاب في النقاط التالية:

أقر أن الحكم موجود في الدين.

ذكر أن حكم الحجاب ورد في السورة رقم (104) في ترتيب النزول، أي أنه من أواخر ما نزل من القرآن (الكلام هنا ربما لا يكون دقيقًا، سواء كان يقصد سورة الأحزاب أو سورة النور).

قال إن المحتشمة في ملبسها دون تغطية شعرها هي محجبة بنسبة 90%.

اقرأ أيصا: أفخاخ الإسلاميين: ٢- فقه الأولويات

تغير الخطاب.. فهل تغيرت الأفكار؟

ربما يتخيل البعض أن التغيير هنا يعبر عن تطور في الفكر، أو يندرج تحت بند تجديد الخطاب الديني، غير أن إقراره بأصل مسألة الحجاب ينفي هذا الكلام.

أما حديثه عن مسألة الحجاب كأولوية متأخرة بسبب تأخر ترتيب نزول آيات الحجاب، أو أن المحتمشة دون تغطية شعرها محجبة بنسبة 90%، فهو كلام هش سهل نقده..

الأولى، وهي ترتيب الحكم الزمني : فتحريم الخمر ورد بآية وحيدة نزلت في سورة من أواخر القرآن، وغيرها من المحرمات المغلظة وردت في أواخر التشريع، مثل تحريم التبني، وتحريم الزواج بغير المسلمة، وهكذا.

الثانية: وهي الـ 90%: لو تخيلنا تلك الصورة على امرأة تستر رأسها وجسدها، لكنها تكشف ذراعيها بالكامل، أو تكشف جزءًا من ساقها أو ظهرها، فهي كذلك محجبة بنسبة 90% وفق هذا المنطق.

اقرأ أيضا: س/ج في دقائق: هل ناقض معز مسعود نفسه بزواجه من الممثلة شيري عادل؟

إذًا: لما لجأ معز مسعود لمثل هذه التحويرات للالتفاف على مسألة الحجاب؟؟؟

سبق أن أوضحنا أن مهنة الداعية في المفهوم المعاصر هي ابتكار إخواني لتمكين أعضائهم من ذوي الهيئات المدنية من التحرك والخطابة. ولذلك للإخوان الكثير من التنظير في هذه المسألة، ولشدة عنايتهم بهذا الأمر أنشؤوا فقهًا موازيًا للفقه الإسلامي التقليدي، هو فقه الدعوة والحركة.

وهذا النوع من الفقه لا يبحث حكم المسألة أصوليًا بقدر ما يبحث عن جدواه حركيًا ودعويًا، بمعنى: ما هو الأصلح منها لمصلحة الدعوة؟ ويركز على الأمور التي تساعده في التجميع والاستقطاب.

ويعتبر عمود هذا الفقه هو سردية السيرة النبوية ومراحلها بالتوازري مع ترتيب نزول القرآن، لأنه قائم بالاساس على محاكاتها. فتجده يجعل تقديم وتأخير الأحداث معيارًا مهمًا في تقرير أولوية المسألة من خلال ترتيبها زمنيًا من الاعتداد بمسألة التدريج، وهذا بخلاف الفقه الإسلامي التقليدي الذي لا يعرف فقه الأولويات ولا فقه التدرج.

اقرأ أيضا: أفخاخ الإسلاميين: ٣- فخ الدعوة

خريجو مدرسة الإخوان

إن معز مسعود وأقرانه من الدعاة العصريين -بقصد أو بدون- هم تلاميذ هذا المنهج، وسلم خلفي لنشر نسخة الإسلام الإخواني (منزوع السياسة) بين الناس؛ وذلك لأن التنظير الإخواني للدعوة هو السائد مرجعيًا في هذا المجال، من خلال مؤلفات القرضاوي والغزالي، ولا يكاد ينافسهم فيه أحد. فلا غرابة أن تجده يخلط بين الفقه الإسلامي التقليدي وبين الفقه الحركي الدعوي الإخواني، من خلال تأثره بالتنظير الإخواني في هذا المجال.

إنه الداعية الذي تطور حركيًا، ووجد نفسه بحكم التحرك الاجتماعي واقتحام مجال الفن والإنتاج الفني، في مواجهة فكرة الحجاب كعائق أمامه، وربما لم يعد مقنعًا به، حيث تسبب له في العديد من الأسئلة والإحراج، دون أن يملك العلم ولا الجرأة لنقد المسألة دينيًا، فلجأ للفقه الحركي الإخواني بدون قصد، واحتكم لفقه الأولويات مستخدمًا الترتيب الزمني كمعيار للأولوية، ومسألة التدرج والرضا بالمكاسب الجزئية من خلال نظرية الـ 90% حجاب.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك