ميانمار “بورما”.. أين تقع؟ وما سر الصراع الديني الموجود بها؟

ميانمار “بورما”.. أين تقع؟ وما سر الصراع الديني الموجود بها؟

9 Jan 2022
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

ميانمار – أو كما يُطلق عليها بورما – هي بلد تقع بالجزء الغربي من البر الرئيسي لجنوب شرق آسيا، وقد كانت تُسمى اتحاد بورما حتى عام 1989 حيث تم تغيير اسمها بهذا العام إلى اتحاد ميانمار، وقد اقترن اسم بورما بفكرة الصراع الديني والعرقي، لذلك دعونا نتعرف أكثر على هذه البلد ونعرف ما هي الديانات الموجودة هناك وتاريخ نشوء هذا الصراع.

أين تقع ميانمار

تقع دولة ميانمار جنوب شرق آسيا وتحدها الصين من ناحية الشمال والشمال الشرقي، بينما تحدها لاوس وتايلاند من ناحية الشرق والجنوب الشرقي، ويحدها بحر أندامان من الجنوب، واخيرًا تحدها بنغلاديش والهند من الغرب.

تغطي الدولة مساحة 677000 كيلومتر مربع، وهي تعتبر بمثابة أرض التلال والديان، كما يوجد بشمالها وغربها وشرقها سلاسل جبلية تتخذ شكل حدوة حصان عملاقة.

ما هي الديانة الأكثر انتشارًا في ميانمار؟

يُعد الدين واحد من الجوانب الرئيسية للحياة في ميانمار، وهو أساس مفاهيم الهوية الشخصية. وتعتبر الديانة الأكثر انتشارًا هناك هي الديانة البوذية، حيث يعتنقها حوالي 87.9 ٪.

بالرغم من انتشار البوذية، إلا أنه يعيش هناك أقليات من ديانات أخرى كالمسيحية (6.2٪)، والإسلام (4.3٪)، بالإضافة إلى الإحيائيين – مذهب يؤمن بأن كافة الموجودات تمتلك روح – (0.8٪)، وكذلك الهندوس (0.5٪).

نستطيع القول بأن الهوية الدينية للشخص في ميانمار تكون ذات صله بأصله العرقي. أغلب شعب البامار يعتنقون البوذية، بينما من ينتمون لديانات أخرى يكونون في الأغلب من الأقليات العرقية هناك.

تسود الديانة المسيحية بين المجموعات العرقية “كاشين” و “تشين” و “ناجا”، وعلى الرغم من انتشارها أيضًا بين الجماعات “كارين” و”كاريني”، إلا أن العديد من أفراد تلك الجماعات بوذيين وبعضهم إحيائيين أو مسلمين. ينتشر الإسلام على نطاق واسع بين الهنود الأصليين والكامان والروهينجا وبعض البامار.

الصراع الديني في ميانمار

تسييس الديانة البوذية

أصبح الصراع الديني في ميانمار مصدر خلاف عميق. إذا عدنا بالزمن لنعرف أسباب ذلك سنجد أنه يرجع إلى ارتباط البوذية بشكل كبير بفكرة الجنسية البورمية،  وقد صارت تلك القومية البوذية البورمية مسيسة إلى حد كبير خلال أوائل القرن العشرين وذلك نتيجة الدور الذي لعبته في حركة الاستقلال ضد البريطانيين.

كان يتم النظر خلال هذا الوقت للديانة المسيحية على أنها بمثابة مؤسسة بريطانية، وزاد تعزيز دور الدين في صعود القومية عن طريق الفروق العرقية التي كانت موجودة بين الأتباع الأساسيين، حيث كان أغلب البوذيين من البامار أما المسيحين والمسلمين انتموا إلى أقليات عرقية.

تعرُّض الأقليات للاضطهاد

بدأت الأقليات الدينية الموجودة في ميانمار تتعرض لعمليات الاحتجاز والاعتقال، وتم فرض العديد من القيود على الممارسات الدينية وغير ذلك من أشكال الاضطهاد المختلفة.

في بعض الأحيان حاول الجيش أن يوسّع الانقسامات لأغراض سياسية عن طريق التحريض على العنف، فعلى سبيل المثال كانوا يقومون بإرتداء ملابس الرهبان واشعال النار في أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين والمسيحيين.

اضطهاد مسلمي الروهينجا في ميانمار

على الرغم من أن هذا الصراع الديني والاضطهاد ضد الأقليات قد انخفض نسبيًا بعد أن تم انتخاب أون سان سو تشي كمستشارة للدولة – أي ما يعادل رئيسة وزراء – إلا أن ذلك قد ينطبق على بعض الجماعات فقط وليس جميعهم.

تشهد حاليًا الأقلية المسلمة التي تعيش في ميانمار والتي تسمى “الروهينجا” عنفًا بشعًا وغير إنساني على الإطلاق، حيث أنهم يتعرضون للتعذيب الجسدي والقتل خارج نطاق القضاء والاعتقال والاحتجاز بشكل تعسفي.

تقوم الحكومة في ميانمار بوضع قيود شديدة على ممارستهم الدينية وزواجهم وسفرهم وحتى تعليمهم، كما أنهم ممنوعين من الحصول على وظائف بالخدمات الاجتماعية، وليس لهم الحق في الجنسية، وعلى الرغم من اللاإنساية التي يُعامَلون بها، إلا أن بعض القادة البوذيين الراديكاليين يظهرون تأييدهم بشكل علني لهذا العداء تجاههم.

نبذة عن الديانات والمعتقدات في ميانمار

الديانة البوذية في ميانمار

البوذية هي ديانة متأصلة بشكل عميق في ثقافة ميانمار وقد صارت مرتبطة بالهوية الوطنية للشعب هناك. يُعد مذهب التيرافادا هو أكثر شكل بارز تتم ممارسة البوذية به في ميانمار.

يلجأ أتباع التيرافادا البوذية إلى ما يسمى بالجوهرة الثلاثية وهم: المعلم (بوذا)، والتعاليم (دارما)، والمجتمع الرهباني (سانغا)، وتعمل تلك العناصر مجتمعة على تحقيق الإستقرار بالمجتمع البورمي نظرًا لمساعدتها للناس في إنشاء روتين يومي مستقر.

تُعد السانغا أو النظام الراهباني البوذي هي واحدة من أهم المؤسسات الموجودة في ميانمار، حيث يتمتع الرهبان والراهبات هناك بمكانة كبيرة ويحصلون على الاحترام من المجتمع. يُشاع للذكور أن يدخلو الدير مرتين؛ مرة خلال طفولتهم ومرة أخرى حينما يكونون بالغين، وقد يستمر التعليم للمبتدئين عدة أشهر وقد يطول لسنوات.

لا يعتبر البوذيين في ميانمار “بوذا” بمثابة إله، بل إنهم يعتبرونه معلّم قدير ويتفانون في تقديره. يصاحب تقديس بوذا أيضًا اتباع تعاليمه الأساسية (دارما) التي تُعرف باسم الحقائق النبيلة الأربعة والتي توضّح أن أساس كل الوجود هو المعاناة، وأن الإنسان يستطيع أن يتحرر عن طريق ممارسة ما يسمى بالطريق الثمائي والذي يتكون من تعاليم رئيسية يتبعها البوذيون.

الدين المسيحي في ميانمار

تُعد المسيحية هي ثاني أكبر ديانة منتشرة في ميانمار، وينتمي أغلبية اتباعها للأقليات العرقية الأصلية التي اعتنقت الديانة المسيحية عن طريق العمل التبشيري الأوروبي في مناطقهم. ينتشر هناك المذهبين الكاثوليكية الرومانية والبروتستانتية.

يركّز معتنقي المسيحية البورميين عمومًا على دراسة الكتاب المقدس وآداء طقوس الصلاة، كما تنتشر هناك ممارسة صيام يوم الشهداء – هو يوم وطني بورمي يتم الاحتفال به لإحياء ذكرى الجنرال أونغ سان وسبعة قادة آخرين تم اغتيالهم -.

غالبًا ما يحدث خلط بين الأفكار المسيحية والمعتقدات التقليدية التي تمتلكها الأعراق الأصلية، فعلى سبيل المثال قد تجد بعض الأشخاص الذين يحتفظون بوشم على جلودهم ليحميهم من التعرض للسحر.

الدين الإسلامي في ميانمار

نزل المسلمون الأوائل في دلتا نهر أيياروادي في ميانمار وساحل ثانينثاري وراخين كبحارة خلال القرن التاسع، وذلك قبل أن يتم تأسيس أول إمبراطورية بورمية عام 1055م. انتشر الإسلام على نطاق واسع عن طريق الرحالة العرب والفرس والأوروبيين والصينيين خلال ذلك القرن.

أغلب المسلمين في ميانمار من أهل السنة وعلى المذهب الحنفي، ويوجد عدد قليل منهم يتبعون الطائفة الشيعية. يمكن تصنيف المسلمين هناك إلى أربع مجموعات رئيسية وهم:

– روهينجا وهم أكبر مجموعة ويضمُّون روهينجا راخين.
– مسلمي بامار الذين اعتنقوا الإسلام في زمن ملوك بامار.
– المسلمين الهنود الذين ولدوا في ميانمار لأبويين هنديين مسلمين.
– الزرباد وهم أبناء الزيجات المختلطة من آباء هنود مسلمين وأمهات بورمان.

المعتقدات الإحيائية في بورما

غالبًا ما يقوم الناس في بورما بدمج المعتقدات الإحيائية في فهمهم للدين والممارسات الصحية والحياة اليومية. تتضمن تلك المعتقدات التقليدية عبادة الروح، على سبيل المثال يميل البوذيون للاعتقاد أن الأرواح تسكن أشياء أو ظواهر طبيعية كالأنهار.

يعتقد الكثير من طوائف كارين وكاريني أن الشخص يمتلك عددًا من الأرواح تسمى “كلا” والتي قد تهرب لعدة أسباب مختلفة كالانهيار العقلي. يمكن محاولة الاحتفاظ بالـ كالا من خلال ربط حبل مقدس حول المعصم.

بعض الأفراد يؤمنون أيضًا بوجود قوة عظيمة غير معروفة منتشرة بكافة الأرجاء، وقد يؤمن شعب تشين الغير مسييحيين بما يسمى “هنام” وهي عبارة عن روح شريرة تستطيع أن تسكن البشر.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك