إيران كورونا| كيف هدم الفيروس بيت العنكبوت .. كدابة الأرض تأكل منسأته | الحكاية في دقائق

إيران كورونا| كيف هدم الفيروس بيت العنكبوت .. كدابة الأرض تأكل منسأته | الحكاية في دقائق

2 Mar 2020
إيران
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط
في نهاية السبعينيات، كانت إيران - تحت حكم الشاه - مرشحة بقوة للدخول في قائمة الدول الناهضة. لكن ثورة الخميني اندلعت في 1979. أطاح الإسلاميون بحكم الشاه، واستبدلوا به نظاما ثيوقراطيا متشددا.. وهنا توقفت عجلة الزمن عن الدوران.
محى النظام الجديد تاريخ إيران من الذاكرة، وحولها إلى دولة بلا أصدقاء، ترعى الميليشيات في جميع أنحاء المنطقة. سارت السنوات، حتى وصلنا إلى عام 2020. ظهر فيروس كورونا الجديد في الصين. وصل فجأة إلى إيران عبر تاجر كان عائدًا للتو من بؤرة الوباء.
فشلت الدولة في التصدي للوباء، لتتحول إيران إلى أكثر بؤر تفشي الوباء، مباشرة بعد دولته الأم.
وول ستريت تقول إن الفيروس كشف كيف وصل النظام الإيراني إلى مراحله المتأخرة. فكيف وصل إلى هذه المرحلة؟ هل جاء أوان سقوطه؟ وما السيناريوهات المتوقعة لما بعد السقوط؟ واصل القراءة.. كثير من التفاصيل تنتظرك.
في 1950، كان الناتج المحلي الإجمالي لتركيا أعلى من إيران بنسبة 22%، لكن الناتج المحلي الإجمالي لكوريا وفيتنام كان أقل من 60% من الناتج الإيراني.
بحلول 1977 - آخر سنة يمكن وصفها بالطبيعية في إيران تحت حكم الشاه - كان الاقتصاد أكبر بنسبة 26٪ من تركيا، وأقوى من كوريا الجنوبية بنسبة 65٪. وكان يصل نحو 5.5 أضعاف حجم اقتصاد فيتنام. معظم هذه البلدان تملك عدد سكان أكبر من إيران.
بعد عامين فقط، كان روح الله الخميني يصل طهران معلنًا الإطاحة بحكم الشاه. سرعان ما حلت الثورة هيكل السلطة البيروقراطية القائم حينها واستبدلت به نظام حكم ديناي على رأسه آيات الله.
عمل النظام الديني الجديد على طمس ذاكرة بلاد فارس التاريخية، التي سبقت الإسلام بأكثر من ألف عام، مما جعل الحضارة الثرية تتحول إلى بروليتاريا كئيبة قاتمة.
لو لم تندلع ثورة الخميني ربما صارت إيران اليوم ككوريا الجنوبية- محركًا اقتصاديًا نابضًا بالحيوية في طليعة العولمة، وربما تحول البهلويون تدريجيًا من الحكام المطلقين إلى الملكية الدستورية. وربما لا. من يعلم!!
لكن تخيل النفوذ الجيوسياسي الذي ستحظى به اليوم مملكة دستورية إيرانية مستقرة. ستتمتع إيران بتعاون إستراتيجي مع إسرائيل وعلاقات مستقرة غير حدودية مع السعودية والعالم العربي السني.
إيران مناسبة تمامًا اقتصاديًا وثقافيًا وديموغرافيًا لتكون على مفترق طرق وسط آسيا. فقط التخلف النسبي والتدين الشديد يمنع القادة العلمانيين من شاربي الفودكا في الجمهوريات السوفيتية السابقة من الانجذاب إليها.
لو أن السياسات المحلية الإيرانية شجعت روح المبادرة لاستفادت من الشباب الإيراني المتعلم، ولو أن السياسة الخارجية موجهة نحو التكامل الإقليمي والعالمي لسمحت لإيران بالاستفادة أكثر من جغرافيتها الاقتصادية الفريدة.
العالم استمر في التقدم ماديًا وإنسانيًا خلال العقود التالية لثورة الخميني، لكنه ترك إيران وراءه إلى حد كبير، رغم كل الظروف التي كان ينبغي أن تشجعها على النجاح في تلك الفترة؛ فهي تقع على مفترق طرق أوراسيا، ويبلغ عدد سكانها المتعلمين تعليمًا عاليًا عشرات الملايين. لكنها فضلت الانخراط في أكبر مأساة ثقافية واقتصادية وجيوسياسية في عصرنا، بالتحول إلى "شبه الأمة الإيرانية".
أصبحت إيران دولة انعزالية في الشرق الأوسط الكبير، وحلفاؤها هم الميليشيات الإرهابية التي تدعمها، ونظام بشار الأسد في سوريا. الدول العربية مثل مصر والسعودية، وليس إيران، لديها الآن علاقات أمنية بحكم الواقع مع إسرائيل، على الرغم من أن الفرس لديهم علاقات أفضل مع اليهود منذ آلاف السنين.
في 2017، عندما أعادت إدارة ترامب فرض العقوبات، كان حجم الاقتصاد التركي حوالي 2.5 ضعف حجم اقتصاد إيران، واقتصاد كوريا الجنوبية أكبر بأكثر من سبع مرات. حتى اقتصاد فيتنام ارتفع، ليمثل نسبة 70٪ من حجم اقتصاد إيران، وفق نادرة شاملو، المسؤولة السابقة بالبنك الدولي.
المواطن الإيراني دفع الثمن. 40٪ من السكان يكسبون أقل من 10 دولارات في اليوم، وهي النسبة التي يصنفها البنك على أنها "قريبة من الفقر".
نمو اقتصاد فيتنام تحديدًا يدحض حجة "الضحية الإيرانية"؛ فمسار فيتنام التنموي - تمامًا مثل إيران - طغى عليه نزاع طويل مع الولايات المتحدة، وفترات طويلة من الحصار الاقتصادي، موقعها الجغرافي الاستراتيجي وضعها في الخطوط الأمامية للحرب الباردة.
حتى التدين نفسه تراجع في إيران. الثيوقراطية عززت التشاؤم حول الدين، فانخفض المداومون على ارتياد المساجد لسنوات، بحسب عالم السياسة الفرنسي أوليفيير روي في كتابه "النصر السياسي للإسلاموية هو نهاية التفاني الحقيقي".
باتت الحشود تتجمع علنًا في شيراز عند قبر حافظ، شاعر الخمر والرومانسية، الذي يعود إلى القرن الرابع عشر. العديد من رفوف المكتبات الإيراني باتت تحمل مجلدات من شعره الحسي، في رمز هادئ للتحدي ضد السلطات الإسلامية.
الثورة الإيرانية الآن في مرحلة السقوط. تمامًا كالاتحاد السوفيتي في عهد ليونيد بريجنيف، يبدو النظام مستقرًا، لكن المواطنين ينظرون إليه على نطاق واسع باعتباره غير شرعي.
نسبة الإقبال في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير الماضي هي الأدنى في تاريخ الجمهورية الإسلامية: 43٪ على الصعيد الوطني و25٪ في طهران. وهي علامة على انتشار الضيق بشكل واسع.
إيران - مثل روسيا السوفيتية المتأخرة - تعاني من ثقافة سياسية شديدة التآكل. وأتى كورونا.. لا يوجد مكان آخر - غير الصين - عانى من وباء كورونا الجديد مثل إيران. السلطات أعلنت سقوط عشرات الضحايا، بينهم مستشار بارز للمرشد الأعلى علي خامنئي، وسفير سابق، جراء إصابتهم بكوفيد 19.
لكن عدد الوفيات الحقيقي قد يكون أعلى بكثير مما أعلنت السلطات. بي بي سي فارسي وصلت بالعدد إلى عدة أضعاف المعلن.
الإصابة لم ترحم حتى المسؤولين البارزين، وبينهم نائبة الرئيس معصومة ابتكار، التي عملت في شبابها متحدثة باسم محتجزي الرهائن في السفارة الأمريكية.
حتى نائب وزير الصحة، إيراج حريرجي، المسؤول عن إدارة فريق مكافحة المرض، ظهر متعرقًا يوم 24 فبراير، يطمأن الجمهور بأن الوباء تحت السيطرة، لتعلن السلطات إصابته بالمرض في اليوم التالي.
رغم كل ذلك، يصر الرئيس حسن روحاني على أن الوباء هو "أحد مؤامرات العدو".وتصريحه ألهم حكومته ما وصفته وول ستريت بـ "اللامبالاة التي ليس لها نظير".
الانهيار السوفيتي في عهد ميخائيل جورباتشوف أدى إلى حدوث اضطرابات اجتماعية واقتصادية، مع صراعات عرقية عنيفة على المحيط الإمبراطوري الروسي قبل إعادة تأسيس الديكتاتورية في نهاية المطاف تحت حكم فلاديمير بوتين.
بالتالي فإيران قد تتجه إلى خطر الانهيار - ربما مع توابع كارثية.
انهيار النظام يمكن أن يفسح المجال للحكم الثوري أكثر من قبل الحرس الثوري، والانتفاضات في الأطراف الكردية والأذرية والتركمانية والبلوشية. وبصرف النظر عن الحرس الثوري، لن يكون هناك هيكل سلطة بيروقراطية موجود مسبقًا ليحل محل الهيكل الديني بعد تدمير المجتمع المدني لعقود. ليس من الواضح ما إذا كان أي فصيل سيكون له سيطرة كاملة على ترسانة الصواريخ الإيرانية الهائلة، والتي قد تمتد إلى مواقع في العراق وسوريا.
تحاول إدارة ترامب تركيع إيران، لكنها تحتاج إلى التركيز على ما سيحدث بعد ذلك. مع اقتصاد متدهور، وباء فيروس كورونا مستعر، تعد إيران في السنوات المقبلة بأن تكون أكثر إثارة للاهتمام - وأكثر خطورة - من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك