نورماندي هي مدينة فرنسية شهدت واحدة من أهم وأكبر المعارك في التاريخ، وبالتحديد خلال فترة الحرب العالمية الثانية ، فقد استمرت معركة نورماندي نحو ثلاثة أشهر ، ونجح من خلالها الحلفاء في تحرير الجزء الغربي من أوروبا، بعد أن كان تحت سيطرة ألمانيا النازية.
تم إطلاق اسم عملية أوفرلورد على معركة نورمادي ، والتي حدثت في يوم 6 يونيو 1944م ، والمعروفة أيضًا باسم D-Da.
شارك حوالي 156 ألف جندي أمريكي في المعركة، حيث هبط الجنود على شواطئ نورماندي في فرنسا وبدأت أكبر معركة في التاريخ العسكري للحرب العالمية الثانية.
كان هذا أحد أضخم الحملات العسكرية في التاريخ والتي تطلبت تخطيطًا كبيرًا، فقد اضطر الحلفاء لإجراء بعض الخداع لتضليل ألمانيا.
بحلول أواخر أغسطس 1944م ، تم تحرير شمال فرنسا بالكامل ، وبحلول الربيع التالي ، هزم الحلفاء الألمان.
أطلق على عمليات الإنزال في نورماندي بداية نهاية الحرب في أوروبا.
بالرجوع إلى الكتب التاريخية ستجد أن ألمانيا احتلت الجزء الشمال الغربي من فرانسا مباشرة بعد قيام الحرب العالمية الثانية.
انضمت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب في ديسمبر 1941م ، وفي عام 1942م بدأت الدراسات حول إمكانية غزو الحلفاء الرئيسي عبر القناة الإنجليزية.
تمت مساعدة الأمريكيون بواسطة البريطانيون الذين سبق طردهم من دونكيرك عام 1940م بواسطة الألمان.
تم التخطيط من قبل كلا الدولتين على نطاق واسع وبحرص شديد، آنذاك شعر أدولف هتلر بالخطر يهدد الساحل الشمالي لفرنسا.
بدأت خطط الحلفاء لغزو القنوات في التزايد، وفي نوفمبر عام 1943م ، أمر أدولف هتلر القائد العسكري إروين روميل أن يحدد موقع ضرب الحلفاء.
قام روميل بقيادة العمليات الدفاعية في المنطقة بإنهاء الجدار الأطلسي، ووضع الألغام والعواشق على بعد 2400 ميل من المخابئ العسكرية.
كان القائد دوايت أيزنهاور هو المسؤول الأول عن إتمام عملية نورماندي ، وذلك منذ أن تم تكليفه في يناير 1944م.
قبل إتمام عملية نورماندي بعدة أسابيع قام الحلفاء بإتمام عملية لتشتيت جنود الألمان عن نقطة الضرب الأصلية وهي نورماندي.
فقد ظن الألمان أن النقطة المستهدفة من الغزو هي Pas-de-Calais (أضيق نقطة بين بريطانيا وفرنسا) بدلاً من نورماندي
كما تم تشتيت الألمان وجعلهم يعتقدون إلى النرويج وأماكن أخرى هي الأهداف المحتملة للغزو.
استخدم الحلفاء بعض المعدات الزائفة وجزء من أفراد الجيش بقيادة جورج باتون بالإضافة إلى إرسال الرسائل المشتتة للألمان.
كنا من المقرر اختيار يوم 5 يونيو عام 1944م كتاريخ للغزو من قبل الجنرال أيزنهاور.
ولكن تغيرت الأحوال الجوية وبسبب سوء الجو في الأيام التي سبقت المعركة ، تم تأخير المعركة لمدة 24ساعة.
في صباح يوم 5 يونيو ، بعد أن توقع عالم الأرصاد الجوية تحسن الظروف في اليوم التالي ، أعطى أيزنهاور الضوء الأخضر لعملية نورماندي .
قال أيزنهاور للقوات: “أنتم على وشك الشروع في الحملة الصليبية الكبرى ، التي ناضلنا من أجلها هذه الأشهر العديدة. عيون العالم مسلطة عليكم.
ساهمت إنجلترا آنذاك بإرسال حوالي خمسة آلاف سفينة محملة بأفراد الجيش و المعونات المختلفة لدعم المعركة في فرنسا.
بالإضافة إلى ذلك تم توفير أكثر من إحدى عشر طائرة ؛ بهدف توفير الدعم الجوي الكامل لتحرير نورماندي ولغزو الحلفاء.
وفي فجر السادس من يونيو تفاجئت القوات النازية الألمانية بهجوم قوات الحلفاء عليهم من جميع الاتجاهات.
فقد هجم الآلاف من المظليين وقوات الطائرات الشراعية على الأرض بالفعل خلف خطوط العدو ، وقاموا بتأمين الجسور وطرق الخروج.
كان الهجوم لتحرير نورماندي قد بدأ من الساعة السادسة والنصف صباحًا، نجحت القوات البريطانية والكندية في استرداد بعض الشواطئ ، ومن بيهم شاطئ جولد ، وجونو ، وسورد ، كما نجحت قوات الجيش الأمريكي في استرداد شاطئ يوتا.
أما عن شاطئ أوماها الفرنسي فقد واجهت القوات الأمريكية مقاومة شديدة لاسترداده.
أسفرت المقاومة في شاطئ أوماها عن وفاة حوالي ألفين جندي أمريكي وإصابة العديد من الجنود الآخرين.
وعلى الرغم من كل تلك الصعاب إلا أن جنود الحلفاء تمكنوا من استرداد كافة شواطئ نورماندي ، وذلك بحلول نهاية اليوم.
على الرغم من هذا الانتصار إلا أن هناك أكثر من أربعة آلاف جندي من حنود الحلفاء قد توفوا إثر تلك المعركة ، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمصابين ، كما أن هناك بعض الجنود تم فقدانهم ولم يتم العثور عليهم أو على بقايا جثثهم.
في غضون أسبوع وبالتحديد يوم 11 يونيو ، أصبحت كافة الشواطئ في فرنسا مؤمنة بالكامل.
وهبط في نورماندي أكثر من 326ألف جندي ، وأكثر من خمسين ألف مركبة ، وقرابة مئة ألف طن من المعدات الحربية.
على الجهة الأخرى فقد اضطر الألمان لمواجهة الارتباك والخلل المحتم في صفوف جيشهم ؛ نتيجة غياب القائد روميل في إجازة.
أما عن هتلر ففي البداية ، اعتقد أن الغزو كان خدعة مصممة لصرف انتباه الألمان عن هجوم قادم من الناحية الشمالية من نهر السين.
وبناءً على ذلك التفكير من قبل هتلر فقد رفض إطلاق الانقسامات القريبة للانضمام إلى الهجوم المضاد.
وعوضًا عن هذا فقد لجأ هتلر إلى استدعاء بعض التعزيزات من المدن المجاورة له، وبالتالي حدث تأخير في وصول الدعم.
كما أصبح هتلر مترددًا بشأن طلب الدعم من فرق المدرعات لمساندته واسترجاع نورماندي.
علاوة على ذلك ، تم إعاقة الألمان من خلال الدعم الجوي الفعال لجنود الحلفاء وحسن تدبيرهم.
تمكن الحلفاء من هدم العديد من الجسور الرئيسية التي صنعها الألمان ، كما تم إجبار الألمان على سلك طرق طويلة وشاقة.
بالإضافة إلى وجود دعم بحري نشط لقوات الحلفاء ، والذي ساندهم كثيرًا فيما يتعلق بحماية قواتهم المتقدمة وأسلحتهم الحربية.
لم يتوقف قوات الحلفاء عند هذا الحد بل شقوا طريقهم من خلال قرى نورماندي لتتم المواجهة بينهم وبين القوات الألمانية.
بحلول نهاية شهر يونيو ، تمكنت قوات الحلفاء من استرداد ميناء شيربورج الحيوي.
كما تم إرسال ما يقرب من 850 ألف رجل و 150 ألف مركبة في نورماندي .
كانت قوات الحلفاء على أتم استعداد لمواصلة مسيرتهم عبر فرنسا لتحريرها بأكملها والقضاء على النازية.
وفي نهاية شهر أغسطس عام 1944م ، تمكن الحلفاء من الوصول إلى نهر السين ، وتم استرداد وتحرير باريس.
كما تم إبعاد الألمان من شمال غرب فرنسا ، وكانت نهاية معركة نورماندي بالفعل.
بعد ذلك كانت تجهيزات الجنود تتجه نحو إرسال قوات الحلفاء لدخول ألمانيا والقضاء على النازية.
كان من المخطط خوض الحرب مع هتلر بمساندة القوات السوفيتية القادمة من الشرق مع قوات الحلفاء.
في النهاية يمكن القول إلى أن معركة نورماندي قد أثرت بشكل كبير على نفسية الجنود الألمان على هتلر بشكل خاص.
فقد تسبب إنزال نورماندي في إعاقة طريق هتلر لإرسال القوات الألمانية لصد تقدم القوات السوفيتية.
في الربيع التالي ، في 8 مايو 1945م ، وافق الحلفاء رسميًا على الاستسلام غير المشروط لألمانيا النازية.
كان هتلر قد انتحر قبل أسبوع ، في 30 أبريل.
نسخة للطباعة