العالم حافل بالعديد من الشخصيات البارزة التي كان لها عظيم الدور في التأثير على أفكارنا وحياتنا، ولهم إسهامات مهمة، كذلك الإسلام والمسلمين خاصةً في أيام الصحابة رضي الله عنهم، ظهرت العديد من الشخصيات التي لها بالغ الأثر في حياة الكثيرين، ومنهم وحشي بن حرب حيث يوجد الكثير من المعلومات عن نشأته وإسهاماته وما قام بفعله حتى يذكره التاريخ والمؤرخون وينقلون لنا أخباره وحياته حتى وقتنا الحاضر.
اسمه الكامل هو وحشي بن حرب الحنشي مولى بنى نوفل قيل كان مولى طعيمة بن عدى يكنى أبا سلمة وقيل أبا حرب.
كان هذا الصحابي يدعى وحشي بن حرب أبو دسمة ؛ حيث كان من عبيد الحبشة الذين أقاموا في مكة المكرمة .
البعض قال أن هذا الصحابي أيضاً كان المولى للجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي نوفلي.
ما عرف أيضاً عن وحشي بن حرب أنه هو من قام بقتل عم النبي صلي الله عليه وسلم “حمزة بن عبد المطلب”.
في غزوة أحد قتل حمزة وأثناء حرب اليمامة خرج مع الجيش للحرب والقتال؛ حتى يكفر عن ذنبه لمقتله عم النبي.
قام وحشي بن حرب بقتل مسيلمة الكذاب في حرب الردة وقال بعدها “قمت بقتل خير الناس بالجاهلية وشر الناس بالإسلام”.
اعتنق وحشي بن حرب الإسلام في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وكان من أشهر الصحابة في ذلك الوقت وكان ملازماً له.
عاش حتى بلغ خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وانتقل بعد ذلك إلى حمص حيث مات ودفن فيها.
قيل أن وحشي بن حرب دفن إلى جانب ثوبان مولى الرسول صلي الله عليه وسلم وقبره موجود في حي باب الدريب في حمص .
كانت هناك شائعة تفيد بأن وحشي كان غلاماً لهند بنت عتبة، وقيل أيضاً أنها من حرضته على قتل حمزة .
كان وحشي من سودان مكة، وكان أيضاً من أشجع الموالي في الجاهلية، قيل أنه كان سكيراً ومات مخموراً ولكن هذا غير مؤكد.
كان أول من ضرب في الخمر بحمص، وكذاك كان أول من لبس الثياب المدلكة ويعتبر أحد رواة الأحاديث عن الرسول.
في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم دخل الإسلام مجموعة من الصحابة، أهمهم الأحباش الذين أتوا من مكة عبيداً.
من كلمات وحشي التي سجلت أنه قال :”قتلت بحربتي هذه خير الناس، يقصد حمزة- وشر الناس، يقصد مسيلمة الكذاب”.
وكان أيضاً يقول: أكرم الله حمزة بن عبد المطلب والطفيل بن النعمان بيدي ولم يهي بأيديهما؛ يعني أنه لم يقتل كافراً.
أسلم وحشي بن حرب وحسن إسلامه وكان يروي بعض الأحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ودون العديد منها.
حين دخل الإسلام مكة ذهب لنبي الله صلي الله عليه وسلم بعد أن سمع من المسلمين أنه لن يقتل أحد من أهلها.
بكى النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن قتل وحشي عمه حمزة بن عبد المطلب وحزن حزناً شديداً وغضب منه أشد الغضب.
بعد أن أسلم وحشي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، قولوا لوحشي أن يغيب عن وجهي ولا يصلي خلفي.
لكن الرسول رغم غضبه الشديد من وحشي إلا أنه سامحه وعفا عنه لوجه الله تعالي ولكن دون أن يتحدث معه أو يقابله وجها وجه.
ظهر خلال قصة وحشي مدى قوة حمزة في العصر الجاهلي والعصر الإسلامي، لأن تم قتله دون أي مواجهات أو مبارزات.
إذا كان قد حدثت مواجهة بينهم لما كان يستطيع بن حرب بأن يقتل حمزة بل كان سيقتل على يدي عم الرسول.
ما عرف عن بن حرب أنه كان دائماً يغتال الأقوياء في الظلام غدراً رهبةً منهم، كما فعل مع حمزة والطفيل بن النعمان.
كان الرسول صلي الله عليه وسلم لا يميل للانتقام؛ وعندما ذهب إليه بن حرب لم يؤذه وقال “هل تستطيع أن تغيب عن وجهي”.
طلب الرسول منه أن يروي له كيف قتل عمه حتى يبرهن للناس على قوة حمزة بن عبد المطلب وأنه كان نعم الفارس والمقاتل الشجاع.
ورغم قتل بن حرب حمزة إلا أنه أصبح صحابي محبوب وجليل، وفعلته كانت في الجاهلية أي قبل اعتناقه الإسلام ديناً.
كانت هناك شائعات أن وحشي مات في بئر من الخمر، أي كان سكيراً ولكن هذا خاطئاً فهو مات بعد انتقاله لحمص.
بعد ان قتل وحشي حمزة أعتقه مولاه وأوفى بعهده له، فهو من طلب منه أن يستغل فرصة المعركة ويقتل حمزة.
أهدته هند بنت عتبة أيضًا وكافأته على فعلته هذه، وأعطته قلائدها وخلاخيلها كجائزة له لقتله حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء.
قتل وحشي بن حرب حمزة كان أيام الجاهلية وقبل إسلامه وتوبته، وبعد فتح مكة اعتنق الإسلام وغفر له الرسول فعلته وسامحه.
سورة النساء ” إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً”.
نزلت هذه الآية لتعفي وحشي من ذنبه لقتل حمزة وأنه تاب وأسلم، فغفر الله ورسوله له فهو لم يشرك بالله عز وجل.
نزلت آية أخرى حين لجأ بن حرب للرسول ويقول له أنه أشرك وقتل نفسًا بغير حق وتوسل للرسول أن يصفح عنه.
“والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً” سورة الفرقان.
بعد نزول تلك الآيات خاف بن حرب وارتعب وقال للرسول لن أغادر جوارك حتى يصفح الله عني فإني أذنبت وزنيت وقتلت.
نزلت آية أخري بعد آية 68 من نفس سورة الفرقان الآية 69 “يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً”.
فأراد الله ورسوله أن يطمئنوه بعد خوفه وفزعه من العقاب وغضب الله وذلك لتوبته، فنزلت آية 70 من سورة الفرقان .
الآية الكريمة تقول” إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً”.
لكن بن حرب ظل خائفاً ونادماً على فعلته هذه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لن أبرح حتى أسمع كلام الله عز وجل.
فنزلت تلك الآية “قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم”.
هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن وحشي بن حرب بعد كفره وعناده وأخطاءه، أسلم وذاق حلاوة الإيمان والتوبة.
غفر الله عز وجل لوحشي بن حرب وسامحه الرسول الكريم مما يؤكد سماحة ونقاء الإسلام والمسلمين وأنه دين يسر ومودة ورفق.
قصة وحشي بن حرب تدل على قوته والعديد من الدروس المستفادة التي يمكن معرفتها من خلال معرفة جميع تفاصيل قصته مع الإسلام.
نسخة للطباعة