ظهور عملة البيتكوين كان في الواقع سياسيا وفلسفيا.. بعد الأزمة المالية 2008، بدا أن النظام الاقتصادي العالمي يعاني من ثغرات حقيقية. بالتالي نحتاج للحصول على بديل في أسرع وقت ممكن.. وهنا ظهرت البيتكوين.
كان فلسفة البيتكوين هي نقل السيطرة على الأموال من أيدي "السيستم النخبوي" إلى نظام شعبوي بديل.. أن يشارك كل "من يملك" في تسيير النظام، دون سلطة عليا تتحكم في "الصنبور".
بجانب ذلك، وعد السيستم الجديد بفكرة مغرية: بإمكانك نقل أموالك من أي مكان إلى أى مكان حول العالم بسهولة شديدة، دون رسوم تحويل ضخمة، ودون العبور عبر البنوك أو شركات تحويل الأموال.
أول ورقة أكاديمية تحدد معالم "نظام النقد الإلكتروني" وتحتوي على أول ذكر لعملة البيتكوين ظهرت على الإنترنت في 2008.
صاغها شخص يُدعى ساتوشي ناكاموتو.. الأغلب أنه اسم وهمي. لماذا؟! كي لا تكون هناك سلطة عليا.
عبر الإنترنت، أجرى ناكاموتو اجتماعاته مع المبرمجين والمطورين والمشفرين للمساعدة في تحقيق رؤيته، أجاب عن أي استفسار ممكن.. إلا الأسئلة الشخصية.
نتيجة الاجتماعات ظهرت في يناير 2009، حين أعلن ناكاموتو أطلاق برنامج البيتكوين للعالم.. اطمأن أن العملة الجديدة وضعت قدمها على أول الطريق، ثم اختفي كليًا بحلول أبريل 2011.
في الأيام الأولى بعد إطلاق البيتكوين وحتى 2010، لم تكن قيمة البيتكوين محددة بشكل واضح.
كان من يملك البيتكوين يحاول إقناع آخرين ببيع أي شيء مقابل البيتكوين.. ستفاجأ أن أول معاملة معروفة استخدمت البيتكوين عالميًا كانت توصيل قطعتي بيتزا بابا جونز إلى منزل المبرمج لازلو هانييتش، الذي نجح بشق الأنفس في إقناع عامل الديلفري بالتنازل عن رسوم التوصيل مقابل الحصول على 10,000 عملة بيتكوين!
بعد أقل من عام، ستصل ثروة هذا العامل من عملة البيتكوين إلى 272,329 دولارًا!
حسب قيمة البيتكوين في سبتمبر ٢٠٢١ ثمن قطعتي البيتزا يساوي ٤٦٣ مليون دولار تقريبا. بابا جونز احتفى بالذكرى بتوزيع ١٠ آلاف قطعة بيتزا يذهب ثمنها إلى جمعيات خيرية.
في 2011، تأسس سوق المخدرات "سيلك رود" عبر الديب ويب".
كان المتداولون يبحثون عن وسيلة دفع آمنة بعيدًا عن أعين السلطات، فوجودوا ضالتهم في البيتكوين، الذي قفز سعره إلى 29.60 دولار نتيجة لذلك.
كان إنشاء هذا الموقع، الذي أسسه روس أولبريخت، بمثابة لحظة اختراق البيتكوين لمواقع الانترنت، ووضعه على الخريطة العالمية كعملة قابلة للاستخدام.
وحتى بعدما أغلق مكتب التحقيقات الفيدرالية الموقع في 2016 واعتقل مؤسسه الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، واصلت العملة الافتراضية الانتشار.
قبل زوالها ، كانت Mt.Gox هي بورصة البيتكوين رقم واحد في العالم.
سجل رجل الأعمال الأمريكي جد ماكالب النطاق في 2007، قبل أن يعيد توجيهه في 2010 كبورصة لاتصال مشتري وبائعي البيتكوين عبر الإنترنت.
في 2011، باع ماكالب النطاق إلى المبرمج الفرنسي مارك كاربيلس، الذي ضمن بشكل أو بآخر هلاك الموقع.
كان كاربيلس مديرًا تنفيذيًا فاشلًا ، تأخر كثيرًا في إصلاحات الأخطاء، حتى ظهرت الكارثة في 2014، حيث اتضح أن المتسللين كانوا يسرقون الأموال من الشركة لسنوات، وأن ما يقرب من نصف مليار دولار من عملات البيتكوين الخاصة بالمتداولين قد اختفت!
البيتكوين لا تزال الأقوى في ملعب العملة المشفرة فيما يتعلق بالأرقام الأولية، لكنها دائمًا ما تكون بعيدة عن كونها أداة مثالية.
نظرًا لإعاقة فترات المعالجة الطويلة للغاية ورسوم المعالجة الباهظة لإنتاج العملة، ظهرت بدائل أخرى لمحاولة القيام بما تفعله البيتكوين ولكن بشكل أفضل.
كانت معظم العملات الرقمية عبارة عن محاولات لتلافي عيوب البيتكوين، مثل Litecoin و Etherium، وهما أخوان أصغر وأسرع وأكثر أناقة وأفضل مظهرًا في البيتكوين.
وكانت هناك محاولات أخرى أضعف، ولم تحظ بالشهرة المطلوبة، وإن كانت عملة الدوجكوين قد استخدمت في عمليات التبرع لقضايا مهمة.
إطلاق هذه العملات فتح الباب للمحتالين، الذي فتحوا مواقع لتبادل العملات مثل موقع Bitconnect، الذي أغلق فجأة في يناير 2018، وسرق أموال المتعاملين من خلاله.
المال لا ينمو على الأشجار، لكن عملة البيتكوين تنمو بشكل أساسي على الإنترنت.
في عملية يشار إليها باسم "التعدين"، تعالج آلاف أجهزة الكمبيوتر حول العالم معاملات البيتكوين وتنتج العملة عن طريق حل ألغاز رياضية صعبة حقًا.
يكفافأ أولئك الذين يوفرون قوة الحوسبة بعملات بيتكوين جديدو كحافز للتعدين قدر المستطاع، مع الحد الأقصى للمبلغ الإجمالي عند 21 مليون بيتكوين.
تصبح الألغاز أكثر صعوبة حيث يتم تعدين المزيد من البيتكوين، لذلك هناك حاجة إلى المزيد من أجهزة الكمبيوتر لتعدينها، يتطلب التعدين تحميلًا حقيقيًا من الكهرباء، وكل هذه الكهرباء تنتج بصمة كربونية بحجم فوهة نيزك.
وبينما استخدمت معاملة بيتكوين واحدة قدرًا من الكهرباء مثل الكمية المطلوبة لتشغيل تسعة منازل في الولايات المتحدة لمدة تسعة أيام في ديسمبر 2017، باتت شبكة البيتكوين تستخدم حاليا قدرًا من الكهرباء مماثلة لاستخدام العالم بأسره.
وفقًا لبلومرج، تعد الصين أكبر مشغل في العالم لـ "مناجم الكمبيوتر"، ويأتي حوالي 60% من الكهرباء في الصين من الفحم، لذا فإن البيتكوين تجلب الكثير من الضباب الدخاني.