في نوفمبر 2009، باعت إدارة شبكة راديو وتلفزيون العرب قنوات آيه آر تي سبورت بجميع أرشيفها ومكتبتها الرياضية وعلامتها التجارية إلى قنوات الجزيرة الرياضية في صفقة بلغت 2.75 مليار دولار، وبقيت آيه آر تي سبورت 7 فقط ضمن الشبكة لتنقل الدوري السعودي بالشراكة مع الجزيرة الرياضية حتى نهاية عقدها مع الاتحاد السعودي لكرة القدم في 2011.
رجل الأعمال السعودي الراحل صالح كامل علل بيعه لقنوات آيه آر تي الرياضية إلى شبكة لجزيرة بدخول ثلاث حكومات للمنافسة وشراء حقوق البث الفضائي للبطولات الرياضية. تحول المنافسة من الشركات إلى الحكومات أدى لاختفاء المعيار التجاري. “لا أستطيع منافسة حكومات”، يقول صالح كامل.
بخروج آيه آر تي من اللعبة، لم تجد الجزيرة الرياضية صعوبة في التوسع على حساب المنافسين الجدد، لتستحوذ على الغالبية العظمى من حقوق البث للدوريات والمسابقات الكبرى، وتغير اسمها إلى بي إن سبورتس في 2014، لتستطيع المنافسة في جميع أنحاء العالم بعيدًا عن اسم الجزيرة الذي ارتبط في بعض الدول بالإرهاب.
تغيير الاسم فتح امتيازات مع مشغلين محليين في فرنسا وأستراليا وإسبانيا وآسيا وأمريكا، قبل أن تضم إليها تركيا مؤخرًا.
أصبحت بي إن سبورتس تهيمن على مشهد الحقوق الرياضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد أن جمعت مجموعة كبيرة من الحقوق الحصرية، من بينها كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية، وقامت في الكثير من الأحيان بدفع مقابل أكبر من حقوق البث لضمان حصولها عليها. هذا مكنها من أن تحظى بأكثر من 50% من مشتركي التلفزيون المدفوع في المنطقة.
في 2010، وبينما كانت المنافسة على أشدها بين الملفات المرشحة لاستضافة مونديال 2022، عرضت الجزيرة الرياضية “بي إن سبورتس حاليًا” المملوكة حينها لأمير قطر حمد بن خليفة، على فيفا عقد حقوق بث غير مسبوق، للحصول على حقوق بث نهائيات مونديال 2018 و2022، مقابل خمسة أضعاف قيمة صفقات حقوق البث المعتادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مخالفة لقواعد فيفا لمكافحة الرشوة، التي تحظر على الكيانات المرتبطة بملفات الترشح لاستضافة بطولاتها تقديم عطاءات مالية ذات صلة بعملية الترشح.
ولم توقع الشبكات الناقلة لبطولات كأس العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تاريخيًا عقودًا تتعلق بحقوق البث قبل أن يستقر فيفا على الدول المستضيفة.
صنداي تايمز كشفت عن عقد آخر وقعته بي إن سبورتس بعد ثلاث سنوات مقابل حقوق بث مونديال 2026 و2030، دون مزايدة تنافسية وبرقم قياسي. وكانت بي إن سبورتس الوحيدة التي تتفاوض على مسابقة ستعقد بعد 16 عامًا من توقيع عقد حقوق بثها.
وتقول السلطات السويسرية إن ناصر الخليفي ربما يكون قد قدم “مزايا غير مبررة” خلال المفاوضات. والعقدان معًا يعنيان أن قطر دفعت ما يقارب مليار دولار مباشرة إلى فيفا، في الأوقات الحرجة المتعلقة بمونديال 2022.
معهد الشرق الأوسط في واشنطن يقول إن مسؤولي قطر ينظرون للرياضة بشكل استراتيجي، باعتبار أن الاستثمار فيها جزء حاسم من مستقبل ما بعد الغاز، وأداة للقوة الناعمة تساعد في بناء مكانة البلاد وحضورها على المسرح الدولي مع التواصل مع جماهير جديدة في مجتمعات متنوعة حول العالم. وعلى هذا النحو، جعلت قطر الرياضة جزءًا لا يتجزأ من العلامة التجارية للدولة وتطويرها.
ومع ذلك، لم يخل هذا النهج من المخاطر، حيث قد يضر بسمعتها إذا لم تسر الأمور على ما يرام. وبدلًا من إنشاء تصور إيجابي للبلد، أتى بنتائج عكسية في كثير من الأحيان، وخصوصًا فيما يتعلق بتنظيم كأس العالم 2020.
استحواذ بي إن سبورتس على سوق حقوق البث الرياضي المدفوع قلص لسنوات أية فرصة لدخول أي منافس، مما قلص الاستثمارات في المجال، وبالتالي زادت هيمنة بي إن سبورتس لنفس السبب الذي دفع به صالح كامل “لا شركة تستطيع منافسة حكومة”.
لكن بي إن تعرضت للإنهاك في السنوات الأخيرة بعد معارك واسعة تتعلق بانتهاك شبكة بي أوت لحقوق البث الرياضي التي تمتلكها بي إن سبورتس.. كل البطولات التي تنقلها بي إن كانت تنقلها الشبكة الجديدة باشتراكات أقل. اتهمت قطر السعودية بالوقوف وراء شبكة القرصنة وقاضتها في كل ساحة ممكنة. وردت السعودية بالنفي في كل مرة.
في يونيو 2020، قضت لجنة تابعة لمنظمة التجارة العالمية بأن السعودية “لم تقم بما يكفي” لوقف انتشار شبكة بي أوت، في حكم احتفت به وسائل الإعلام القطرية باعتباره تأكيد على مسؤولية السعودية عن بث الشبكة. لكن اللجنة دعمت وجهة النظر السعودية بأن باستطاعتها منع الشبكة القطرية من الحصول على استشارات قانونية في المملكة لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وبالتالي جردت اللجنة قرارها من معناه.
حيث إن قرار اللجنة المشار إليه حمل المسؤولية للرياض من باب أنها “اتخذت إجراءات أدت بشكل مباشر أو غير مباشر إلى منع بي إن من تعيين مستشار قانوني سعودي لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية من خلال إجراءات الإنفاذ المدنية أمام المحاكم والهيئات القضائية السعودية”.
يقول موقع “إنسايد وورلد فوتبول” إن بي إن سبورتس كان بإمكانها فعل المزيد لمعالجة القرصنة إن أرادت، لكنها لم تتحرك. البديل كان التحرك في محاولة لانتزاع أي إدانة للسعودية. والنتيجة تواصل الخسائر.
لاحقًا، دخلت السعودية بنفسها على الخط؛ اولًا باقتناص مجموعة إم بي سي للبطولة الوحيدة غير الكروية المصنفة بين العشر الأهم: الفورمولا وان. تبعها التفاوض على حقوق بث الدوري الألماني، مع تقارير تتحدث عن مفاوضات حول الدوري الإيطالي وبطولات أخرى، في إعادة عكسية لما حدث بين بي إن سبورتس وآيه آر تي.
في يناير 2019، أبرمت شبكة بي إن سبورتس بصعوبة صفقة مع شبكة سي إن إي المصرية سمح بإعادة البث لمدة عامين بعدما انقطع البث لساعات بسبب خلافات حول توزيع الخدمة في مصر. وإذا لم يحدث تطور مفاجئ، لا يستبعد أن تتكرر الأزمة بنهاية العقد.
ودخلت الهيئة المختصة عن الإعلام في مصر في نزاع سابق مع بي إن في 2018 على خلفية بث مباريات المنتخب الوطني في مونديال روسيا، وهو ما تكرر حينها مع السعودية، التي فشلت مفاوضاتها غير المباشرة مع الشبكة بوساطة فيفا في تأمين بث مباريات المنتخب الوطني في السعودية.
السعودية حظرت مؤخرًا بث بي إن سبورتس على أراضيها بشكل دائم. وفي تعليقها على القرار، تساءلت بي إن: “كيف يمكن للمواطنين السعوديين مشاهدة مباريات الدوري الممتاز بشكل قانوني مع هذا الحظر الدائم على الناقل الرسمي؟
سؤال بي إن سبورتس يبقى بلا إجابة للبطولات الدولية. لكن الاتحاد الأسيوي لكرة القدم وجد أجابته. أطلق مبيعات حقوق البث مجزأة لكل دولة على حدة، بعد معركة ذات صلة بين السعودية وشبكة بي إن سبورتس.
في أفريقيا كذلك، ألعى اتحاد كرة القدم اتفاقًا يمتد إلى 2028، مع وكالة لاجاردير الفرنسية “التي توفر حقوق البطولات الأفريقية لبي إن سبورتس”، بعد صدور أحكام تنظيمية متعددة في دول القارة. لاجاردير اعترضت على حق الاتحاد في فسخ العقد، لكن غرفة التجارة الدولية رفضت في ديسمبر 2019 طلبًا من الشركة لاتخاذ تدابير طارئة مؤقتة تهدف إلى إبقاء العقد ساريًا في انتظار التحكيم.
قرصنة beIN سيناريو صنعته الشبكة (thenational)
تحليل الحقوق الرياضية وسوق الإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (sportcal)
الاتحاد الآسيوي يطرح عروض حقوق البث التلفزيوني بحسب المنطقة (insideworldfootball)
حقوق بث كرة القدم الهدف التالي في المنافسات في الشرق الأوسط (oltnews)
دبلوماسية الرياضة في قطر (mei)