تقرير استخباراتي أمريكي جديد يضيف أدلة جديدة إلى فرضية تسريب فيروس كورونا من معمل ووهان الصيني لعلم الفيروسات.
وفق التقرير، أصيب ثلاثة باحثين من معمل ووهان بأعراض احتاجت الانتقال إلى المستشفى في نوفمبر 2019، وهو نفس التاريخ الذي يعتقد العديد من علماء الأوبئة أن كورونا بدأ في الانتشار فيه حول ووهان، وإن كانت الصين ترفض الفرضية، وتقول إن أول حالة مؤكدة سجلت في 3 ديسمبر 2019.
لكن تحقيقًا من التايمز كشف احتمال أن تكون قصة كورونا أبعد من 2019. يكشف أن الصين أخفت عن العالم عثورها على نسخة جديدة من فيروسات كورونا اكتشفتها في 2012، وأجرت عليها تجارب سرية، ثم صمتت بخصوصها حين انتشرت الجائحة فعلًا.
س/ج في دقائق
لماذا تركز البحث حول معمل ووهان مؤخرًا؟
لأن العديد من النظريات المفترضة الأخرى سقطت بالتتابع:
نظرية انتقال الفيروس للصين من خارجها خلال دورة الألعاب العسكرية – ووهان – أكتوبر 2019: خضع الرياضيون الأجانب الذين أصيبوا بالحمى لاختبارات الأجسام المضادة وثبتت سلبية النتائج، فيما تقول السويد إن “تزامن الإصابة كان مجرد صدفة”.
سوق هونان الرطب: دراسة مبكرة نشرتها “ذا لانسيت” – وهي مجلة طبية مرموقة – كشفت أن نصف المصابين المعلنين الأوائل تقريبًا لم يتعرضوا للسوق، وبينهم “المريض صفر” المحتمل.
بعد أشهر، كشفت الصين أن جميع العينات المأخوذة من حيوانات السوق خرجت سلبية، وأن العينات الإيجابية أتت من مياه الصرف أو مصادر بيئية أخرى.
لتبقى احتمالات: الانتشار الطبيعي – التسرب المقصود أو غير المتعمد من معمل ووهان.
تدريجيًا، يستبعد بعض الباجثين الجزم بسيناريو الانتشار الطبيعي.
وهنا تركز البحث على معمل ووهان، خصوصًا مع اتهام الصين بحجب معلومات ضرورية لكشف أصل كورونا.
بحسب وول ستريت جورنال، كشفت تقرير الاستخبارات الأمريكية أن ثلاثة من باحثي معهد ووهان “الذي يضم المعمل” أصيبوا في نوفمبر 2021 بأعراض وصفت حينها كأمراض موسمية، بدرجة استدعت دخولهم المستشفى.
ناشونال ريفيو تقول إن العاملين في هذه المنشآت يكونون شبابًا – يتمتعون بصحة جيدة – ولا يعانون من أي ضعف محتمل في المناعة في الغالب.
لتصبح معلومة احتياجهم لدخول المستشفى “دليلًا ظرفياً يستحق التوقف عنده”؛ باعتبار أن الأمراض الموسمية لا تتطلب دخول المستشفى لهذه الفئة.
نفس النتيجة تحدث عنها القائد السابق لفريق تحقيق الخارجية الأمريكية حول أصول كورونا، ديفيد آشر، الذي “شكك بشدة” في إمكانية تصادف إصابة ثلاثة علماء، في ظروف محمية للغاية، في مختبر بهذا المستوى، يعملون على فيروسات كورونا، جميعًا بالأنفلونزا بدرجة تحتاج دخول المستشفى في نفس الأسبوع، دون أن يكون لديهم أي معرفة بظهور الفيروس الجديد.
تتضمن الأدلة الأخرى أن معمل ووهان أخفى معلومات مهمة، بينها كل ما يخص الباحثة هوانغ يانلينج، والتي اختفت تمامًا منذ شائعات السوشال ميديا الصينية عن اعتبارها “المريض صفر”، لتقول إنها تركت العمل منذ 2015، ثم رفضت أي تواصل بشأنها.
الرئيس الأمريكي جو بايدن قال إن الأدلة ليست نهائية ولا قاطعة، وأمر الاستخبارات بمزيد من جهود البجث. وهو ما قاله مصدر لم تسمه وول ستريت جورنال، اعتبر أن تقرير الاستخبارات حول معمل ووهان “مقدم من شريك دولي – يحتمل أن يكون مهمًا – بحاجة لتدقيق إضافي”.
لكن مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على معلومات الاستخبارات حول باحثي معمل ووهان وصفوا التقرير بـ “القوى” كونه استند على “مصادر مختلفة” وحصل على معلومات “دقيقة للغاية”.
ويعتقد العديد من علماء الأوبئة وعلماء الفيروسات أن فيروس كورونا بدأ في الانتشار في نوفمبر 2019 حول ووهان.
كبيرة خبراء فيروسات كورونا خفاشية المصدر في معمل ووهان، شي تشنغ لي، تجزم بأن كوفيد19 لم يتسرب من معاملها.
وتقول الصين إن أول حالة مؤكدة ظهرت في ديسمبر 2019. لكن معمل ووهان لم يشارك البيانات الأولية وسجلات السلامة والسجلات المعملية حول عمله المكثف مع فيروسات كورونا.
كيف ظهر الشك بأن قصة معمل ووهان أبعد من نوفمبر 2019؟
الإخفاء مجددًا. تحقيق التايمز كشف أن الصين أخفت أقوى دليل متاح، وهي العثور على أقرب تطابق معروف لفيروس كورونا في منجم مهجور جنوب غرب البلاد منذ 2012 (بنسبة 96.2%، تصل 100٪ في أوراق بحثية هندية ونمساوية).
القصة بدأت بإصابة 6 أشخاص “توفي نصفهم” بأعراض تنفسية، بعد العمل في المنجم في أبريل 2012. ثم تطورت القصة كما يرصد الإنفوجرافيك التالي:
النتائج أثبتت أن بعض خفافيش العينة حملت أكثر من نوع فيروسي، بما يحمل إمكانية التسبب في مزيج جديد خطير من مسببات الأمراض.
لكن القصة لم تحصل إلا على إشارات عابرة في أوراق بحثية، ثم اختفى الحديث تمامًا.
وأخبرت الصين العالم باحتمال وجود مشكلة في 31 ديسمبر. واكتشفت التسلسل الجيني بأكمله. لكنها لم تمرر التسلسل إلى منظمة الصحة العالمية حتى 12 يناير، ولم تعترف بانتقال الفيروس بين البشر حتى 20 يناير.
هل من أدلة علمية تؤكد رواية التسريب / التسرب أو تنفيها؟
التسريبات المعملية ليست شائعة لكنها قائمة. أمريكا سجلت 749 انتهاكًا لسلامة المختبرات بين 2009 و2015. وفيروسات مثل الإيبولا وماربورغ وسارس تسربت من مختبرات أمريكا والصين.
في حالة معمل ووهان كانت السرية مربكة:
الصين تعتمد على مقاول عسكري لبناء أول مختبر من نوعه في البلاد في سرية تامة، بالتزامن مع جمع عينات فيروس جديد في سرية تامة، ثم تكشف عن المختبر في 2017، وتعتمده على المستوى الرابع “أعلى مستويات المختبرات المماثلة”.
وحين يبدأ فيروس مطابق تقريبًا لما يدرسه باحثو المعمل، يبدأ إخفاء المعلومات أو “اللامبالاة” بوصف علماء غربييين.
نظريًا، كانت الصين تحتاج معمل ووهان مع جمع مئات العينات من فيروس كورونا الجديد. لكن عمليًا، ظهر القلق العلمي من أن طبيعة الصين نفسها تتعارض مع إدارة مثل هذه المنشأة الخطرة، وفق مستشار الأمن البيولوجي تيم تريفان.
ثم بدأت المخاوف من استخدام معمل ووهان في تجارب مثيرة للجدل يمكن أن تحول الفيروس الجديد ليصبح مسببًا لأمراض بشرية قد تسبب جائحة.
علميًا هذا ليس دليلًا! المجتمعات العلمية منقسمة.
يقول المؤيدون، وبينهم باحثو ووهان، إنها تساعد في فهم آليات تحول فيروس عادي إلى جائحة، وبالتالي تطوير اللقاحات والأدوية لأمراض قبل أن تبدأ.
ويرد المعارضون، وبينهم أستاذ علم الفيروسات في جامعة لندن دينان بيلاي، بأنها “مخاطرة ضخمة للغاية”، إذ يطور الباحثون نموذجًا مصغرًا من مسبب الجائحة بانفسهم.
وتشير تسريبات واشنطن بوست إلى أن أمريكا كانت قلقة مما يجري بسرية في معمل ووهان، فأرسلت فريقًا علميًا ذا وضع دبلوماسي في يناير 2018 لاستكشاف ما يحدث، والأهم، أنهم اكتشفوا أن فيروسات كورونا من نوعية سارس قد تتفاعل مع مستقبلات بشرية لإصابة البشر.
هنا، يجد العلماء صعوبة في فهم “اللامبالاة” الصينية”. رئيس قسم الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج لندن ويندي باركلي يقول إن الطبيعي في حالات مماثلة أن يتشارك العلماء ما لديهم. لكنهم لم يكتفوا بالصمت، بل إن العينات القديمة اختفت تقريبًا.
البروفيسور ريتشارد إبرايت، من معهد واكسمان لعلم الأحياء الدقيقة في نيوجيرسي، يميل لـ “احتمال واضح” بأن العمل المنجز في معمل ووهان قد أدى لتسريع تطور الفيروس، قبل أن ينتقل إلى المضيف البشري ويتكيف معه ليتسارع معدل التغيير التطوري.
كل هذه الأسئلة نقلتها التايمز إلى معمل ووهان. لكنها لم تتلق إجابة.
موضوعات متعلقة
