بدأ الخلاف حول نسب المهدي المنتظر بعد مقتل علي بن أبي طالب وتنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوي، بوثيقة صلح تضمن خمسة شروط، أحدها ألا يوصي ابن أبي سفيان بالإمارة لأحد.
أوصى معاوية لابنه يزيد، وامتنع الحسين عن مبايعته، ومن هنا تحدثت المصادر الشيعية عن منح النبي محمد حق الإمامة للحسين وذريته، وصولًا إلى المهدي المنتظر، بحديث ورد في “كفاية الأثر”: “الأئمة بعد الحسين تسعة من صلبه، ومنهم القائم”.
وبدأ تطويع المهدي المنتظر سياسيًا منذ القرن الأول الهجري. في “العرف الوردي في أخبار المهدي”، يقول جلال الدين السيوطي إن أول من ادعيت له المهدية كان محمد بن علي بن أبي طالب “محمد الحنفية”، وإن أول من دعاه بذلك كان عبد الله بن الزبير.
وفي عهد الأمويين، قيل إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي، الذي اعتبره العباسيون ثالث حكامهم محمد بن أبي جعفر المنصور، كما نسبها القرامطة لمحمد بن إسماعيل، ونسبها لنفسه محمد بن عبد الله بن تومرت، مؤسس دولة الموحدين في المغرب، وعبيد الله بن الحسين، مؤسس الدولة الفاطمية. واشتهر ادعاء المهدية حديثًا، وأخطرها محمد بن عبد الله القحطاني، الذي احتل المسجد الحرام بالسلاح، فيما عرف بـ “فتنة جهيمان”.
رسالة من جهيمان العتيبي إلى محمد بن سلمان .. رواية صحفية في دقائق
[/toggler]
تتركز معارك المهدي المنتظر في الحجاز أولًا وفق للروايات الشيعية.
وينقل المجلسي في “بحار الأنوار” أن مقاتلي المهدي المنتظر سيكونون من قريش، وأنه لن يكون بينه وبين العرب إلا السيف.
عدو المهدي المنتظر “الوحيد تقريبًا”، وفق المصادر الشيعية حاكم دعته بـ “السفياني”؛ نسبة إلى أبي سفيان بن حرب، والد معاوية مؤسس الدولة الأموية.
وسيكون السفياني حاكمًا للشام، كما سيكون له سطوة على الحجاز، حيث سيرسل جيشه لتعقب آل البيت قبل ظهور المهدي، ثم سيرسل جيشه لقتاله في مكة بعد الظهور.
وتحسم الروايات معركة المهدي المنتظر في مكة بمعجزة إلهية حين تُخسف الأرض بحيش السفياني، أما في المدينة، فتذكر الروايات أن المهدي سيخوض معركة أو أكثر.
أما القدس، فيدخلها جيش كبير من خراسان “تمتد بين أفغانستان وأجزاء من إيران”، يحسم معارك الشام وصولًا إلى القدس قبيل وصول المهدي إليها، كما ورد في فتن ابن حماد وسنن الترمذي وغيرهما.
بعد حسم الحجاز، تدفع معظم الروايات الشيعية المهدي المنتظر إلى إيران مرورًا بالعراق. وتحدد المصادر الشيعية الكوفة عاصمة لدولة المهدي، الذي تقول المصادر السنية إنها ستكون القدس.
تعيد المصادر الشيعية سبب تركز المعارك في الحجاز إلى أن حكام العرب سيحاربون المهدي المنتظر للحفاظ على سلطتهم، بينما تحسم الأمور مع غيرهم بمعجزات إلهية، مثل “تابوت السكينة والتوراة وعصا موسى وخاتم سليمان” اللذين سيستخرهم من بحيرة طبرية أو أنطاكية “باختلاف الروايات” فيؤمن به اليهود.