طائفة ليف طاهور اليهودية المتشددة تواجه اتهامات باختطاف حفيدي نجل مؤسسها، من نيويورك، ونقلهما جنوبًا إلى المكسيك، وفق شكوى مقدمة إلى محكمة المقاطعة الفيدرالية في وايت بلينز، نيويورك.
الشقيقان يانتي تيلر، 14 عامًا وكايم تيلر، 12 عامًا، اختفيا شمال غرب نيويورك في إحدى ليالي حانوكا “عيد الأنوار عند اليهود”، قبل أن يظهرا لاحقًا في المكسيك.
السلطات اعتقلت آرون روزنر، 45 عامًا، المتهم مع شقيقه، أحد قادة الطائفة اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة، بتهمة التآمر لاختطاف وتهريب الطفلين إلى مجتمع ليف طاهور في غواتيمالا، الذي كانا ينتميان إليه، قبل أن تقرر والدتهما، ابنة مؤسس الطائفة، الرحيل عنه إلى نيويورك، في أكتوبر من هذا العام.
تعني قلب نقي. أسسها الحاخام شلومو هلبرانس في القدس في ثمانينيات القرن الماضي.
اشتقت الطائفة اسمها من سفر المزامير (51: 10) “قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي”، بما يلخص فلسفة مؤسسها، الذي يقول إن المجموعة تطمح لبلوغ أقصى درجات النقاء عبر نفض التأثيرات المفسدة التي لوثت الجماعات اليهودية الأرثوذكسية الأخرى، ناهيك عن بقية اليهود.
تطلق تقارير إعلامية على الحركة لقب طالبان اليهودية؛ لتشدد أتباعها، وارتداء نسائها لثياب سوداء تغطي أجسادهن بالكامل، أما ملابس الرجال فهي مماثلة تقريبًا لثياب اليهود المتدينين الآخرين.
الطائفة تتجنب التكنولوجيا، وتصل بتعاليمها المتشددة للطعام إلى أقصى مدى، لا تسامح في هذا الشأن، بحسب تعبير هآرتس، فلا يأكلون طعامًا “ليس كما صنعه الرب”.
جلسات الصلاة أطول وأعقد من تلك الموجودة في الطوائف اليهودية الأخرى، تركز على كل كلمة، وكثيرًا ما يصرخون بالآيات.
المجموعة معادية للصهيونية، وتبشر بتدمير “دولة إسرائيل الشريرة”، استنادًا إلى نبوءات توراتية.
وبسبب هذه التبشير، انتقل شلومو هلبرانس في 1990 مع بضع عشرات من أتباعه من القدس إلى نيويورك، بعدما فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقًا حول اتصالاته المزعومة مع منظمات إسلامية معادية لإسرائيل.
في نيويورك أسس مدرسة دينية صغيرة، لكن الولايات المتحدة رحلته إلى إسرائيل في عام 2000، حيث انتقل فورًا مع أتباعه إلى كندا، التي منحته وضع اللاجئ في 2003، بعد مزاعمه بالتعرض للاضطهاد في إسرائيل بسبب آرائه المعادية للصهيونية، لكنه اضطر للفرار إلى جواتيمالا في 2013، بعد دعاوى قضائية تتعلق بخطف أطفال.
الاتهامات ضدت الطائفة واسعة، استدعت تعاونًا بين الإنتربول، والسلطات الإسرائيلية، وأجهزة الأمن المحلية في عدة دول للكشف عنها.
دعاوى خطف الأطفال تلاحق الطائفة منذ 1994، حيث أدين مؤسسها شلومو هلبرانس بخطف صبي أرسلته عائلته للدراسة معه في نيويورك، فأقنعه بالانضمام لطائفته وقطع علاقته بالأسرة، قبل الإفراج عنه لأسباب سياسية، خوفًا من الصدام مع اليهود الأرثوذكس.
في 1996، اعتقل مجددًا وأدانته المحكمة بنفس التهمة.
وفي 2012، تلقت السلطات الكندية تقارير عن إساءة أعضاء ليف طاهور معاملة الأطفال على نطاق واسع. التحقيقات بدأت بشكوى من ناثان هيلبرانس، ابن مؤسس المجموعة، الذي اتهم أتباع والده بكسر قدميه بعدما رفض الانصياع لأوامره الدينية.
وكشف هلبرانس الابن إن الجماعة تستخدم العنف البدني ضد الأطفال كوسيلة عقاب، وتجبر المراهقات على الزواج من رجال أكبر سنًا، وتبعد الأطفال قسريًا عن أسرهم وتضمهم لعائلات أخرى، كما تسطو على دخول أتباعها بالكامل، وتجبر المخالفين على تناول أدوية نفسية.
في نفس العام، قدم آدم برودزفسكي، أحد معلمي أطفال الطائفة، الذي هرب مع زوجته الحامل، وثائق تظهر بضرب الأطفال، وإجبارهم على الزواج قبل بلوغ 16 عامًا بوئاثق مزورة، والاعتداء على النساء غير الملتزمات بزي الطائفة.
وفي 2013، وجه الكنيست الإسرائيلي اتهامات لمكتب المدعي العام، بشأن الإخفاق في حماية 100 طفل هربتهم الطائفة إلى كندا، وتعرضوا لسوء معاملة شديد، لكن عقبات قانونية حالت دون اتخاذ إجراءات في موطنهم الجديد.
وفي سبتمبر/ أيلول 2014، واجهت الطائفة دعاوى قضائية مدعومة بوثائق في كندا، التي كانت تضم حينها نحو 250 عضوًا، تتهم متطرفيها بالاتجار في البشر.
في 2013، ظهرت دعاوى جديدة ضد شلومو هلبرانس بتهم ارتكابات ضد أطفال، لتقرر السلطات الكندية إيداع أطفال الطائفة في دور رعاية، ويفر مؤسسها وأتباعه إلى غواتيمالا.
في أغسطس/ آب 2014، صوت مجلس الشيوخ المحلي على طرد أعضاء ليف طاهور، الذين فاق عددهم 230 شخصًا من قرية “سان خوان لالا غونا” غرب غواتيمالا؛ متهما إياهم بعدم احترام قانون العيش المشترَك، وتصاعد نزاعاتهم الدينية والثقافية مع السكان المحليين، وإساءة معاملة السياح.
استجابت الطائفة لقرار الرحيل عن القرية، لكنها انتقلت إلى المنطقة التاسعة من مدينة غواتيمالا؛ ” لأن البذور خصبة وعليها أن تنبت”، بحسب شلومو هلبرانس، الذي جمع القسم الأكبر من أتباعه هناك خلال السنوات التالية.
وفي العام نفسه، أدين رئيس بلدية سان خوان لا لاغونا؛ لمشاركته في طرد مجموعة دينية.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016، داهمت سلطات غواتيمالا مجمع هلبرانس الجديد، بعد بلاغات بأن قادة المجموعة يسيئون للأطفال بشكل خطير.
وتوفي مؤسس الطائفة في يوليو/ تموز 2017، غرقًا في نهر بالمكسيك، ذهب إليه مع أتباعه للقيام بطقوس دينية تقتضي نزول المتعبدين إلى النهر، إلا أن التيار القوي جرفه بعيدًا، قبل العثور على جثته في وقت لاحق.
ووفقًا لشكوى والدة يانتي وكايم تيلر، فإن زعيمًا أكثر تطرفًا تولى مسؤولية المجموعة بوفاة والدها، لتقرر الفرار بطفليها في أكتوبر الماضي، قبل أن تختطفهما الطائفة.