حملت الأشهر الأخيرة من 1973 أوقاتًا عصيبة للولايات المتحدة. منتجو النفط العرب فرضوا حظرًا على تصدير النفط في أكتوبر؛ ردًا على المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل خلال الحرب.
لن ينسى أي أمريكي عاش في السبعينيات الطوابير الطويلة في محطات الوقود التي رفعت أعلامًا حمراء أو خضراء للإشارة إلى ما إذا كان لديهم وقود في مضخاتهم. كان بإمكان الأمريكيين وقتها شراء الوقود فقط في أيام معينة، اعتمادًا على ما إذا كانت لوحات ترخيصهم تحمل أرقامًا فردية أو زوجية.
انقلب العالم رأساً على عقب. تحولت الدول المنتجة للنفط بين عشية وضحاها من كونها مجرد منتجة للموارد تحت رحمة الدول الغربية وشركات النفط الكبرى ، إلى امتلاك مفاتيح العالم.
ارتجف العالم أمام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، التي يسيطر أعضاؤها من الشرق الأوسط على شريان الحياة للاقتصاد العالمي.
بحلول الوقت الذي انتهى فيه الحظر في مارس 1974 ، كان الضرر قد وقع. تضاعفت أسعار النفط العالمية أربع مرات، مما أدى إلى سنوات من الركود والتضخم.
وثائق الحكومة البريطانية التي رفعت عنها السرية سابقا تكشف أن الولايات المتحدة درست فعلًا إمكانية التدخل عسكريًا لمصادرة نفط الشرق الأوسط.
وفق الوثائق، استشعر قادة بريطانيا الخطة بعد محادثات جمعت السفير البريطاني لورد كرومر ووزير الدفاع الأمريكي جيمس شليزنجر الذي قال إن بلاده "لم تعد متأكدة من استبعاد استخدام القوة لتسوية الملف. كانت الفكرة المسيطرة أن الدول الصناعية الكبرى لا يجب أن تواصل الخضوع لأهواء "البلدان المتخلفة"، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
تصريحات شليزنجر كانت مقلقة لرئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث، خصوصًا بعد تلميحات متزامنة من قبل وزير الخارجية هنري كيسنجر عن عمل عسكري. ليأمر المخابرات البريطانية بتقديم تقرير تقدير موقف مفصل حول نوايا الولايات المتحدة.
تقرير المخابرات البريطانية خلص إلى أن الولايات المتحدة قد تعتبر أنها لا تستطيع تحمل البقاء تحت رحمة مجموعة صغيرة من الدول في الشرق الأوسط، مرجحًا أن واشنطن ستفضل عملية عسكرية سريعة للاستيلاء على حقول النفط.
التقرير قدر القوات المطلوبة لعملية مشابهة بما بين لواءين إلى ثلاثة ألوية: واحد في السعودية، والآخر في الكويت، وربما الثالث لأبو ظبي. كما ستتطلب العملية نشر قوة بحرية أمريكية كبيرة في المحيط الهندي، أكثر بكثير من القوة الحالية، بالإضافة لنقل فرقتين إضافيتين من الولايات المتحدة بعد التدخل الأولي.
حسبت لجنة الاستخبارات البريطانية المشتركة، فإن الاستيلاء على حقول نفط يبلغ احتياطها 28 مليار طن من النفط كان كافيًا لتزويد الولايات المتحدة وحلفائها باحتياجات الطاقة. لكن أعرب المحللون البريطانيون عن قلقهم بشأن رد الفعل السوفيتي المحتمل.
أشارت التقديرات إلى أن جيشي السعودية والكويت لن يتمكنا من إيقاف الهجوم الأمريكي. ومع خروج الجيش الأمريكي من فيتنام، كان من الممكن نقل فرقتين للشرق الأوسط مع الحفاظ على قوة لحماية أوروبا من أي تدخل سوفيتي محتمل، على الرغم من أنهم خلصوا إلى أن من المرجح أن ترد موسكو بالدعاية أكثر من القوة.
لو احتلت الولايات المتحدة حقول النفط العربية، لربما فعلت ذلك بمفردها، فقد كان من الواضح أن البريطانيين لم يكن لديهم رغبة في ذلك، ولم يكن من المحتمل ألا يوافق أحد من حلفاء الولايات المتحدة على هذا الغزو سوى إيران.
المشكلة الوحيدة كانت في الإجابة عن أسئلة ما بعد الغزو: ماذا تفعل أمريكا بالأرض بعد الاستيلاء عليها؟ احتلال دائم كان من شأنه أن يحول حقول النفط السعودية إلى جيب آخر في خليج غوانتنامو.
الحل الآخر كان ربط إعادة حقول النفط بخفض أوبك للأسعار، لكنه كان يثير مخاوف توتر العلاقة بين العالم وأكبر منتجي النفط "الذين سيتيعدون السيطرة على حقولهم".
ومع ذلك، حذر التقرير من أن الاحتلال الأمريكي قد يستمر 10 سنوات على الأقل حتى يطور الغرب مصادر طاقة بديلة، وسيؤدي إلى معاداة العرب وكثير من العالم الثالث.
لذلك، كان الحل الأفضل: البحث عن مصدر طاقة آخر لا يعتمد على النفط الأجنبي، ودون غزو السعودية، فيما تنسبه ناشونال إنترست حصرًا لنهاية عصر الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر، ولانقضاء "دبلوماسية الزوارق الحربية" لتيدي روزفلت.
أمريكا كادت أن تغزو السعودية لوقف الحظر النفطي 1973 (ناشيونال إنترست)
أمريكا بلا غاز: صور غير حقيقية من أزمة النفط 1973 (بيزنس إنسايدر)
حرب النفط: التدخل الأمريكي في الخليج العربي 1975 (Strategy & Tactics)