دار “ميشال لافون” للنشر تنشر كتابًا جديدًا بعنوان أوراق قطر للصحفيين الفرنسيين كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو، حول خبايا تمويل الإمارة الخليجية لنسخة الإسلام الإخواني في أوروبا. الكتاب كشف تمويل قطر للوجوه “الإسلامية” البارزة ذات التأثير، والتي تدعي أنها مستقلة، مثل طارق رمضان. وبتتبع القنوات التي تمر منها الأموال كشف شبكة تمويلها للجمعيات والهيئات والمؤسسات الأكاديمية.
الكتاب يستند على وثائق داخلية مسربة من مؤسسة قطر الخيرية، وهي منظمة غير حكومية أسستها الشيخة موزة بنت ناصر، زوجة الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، ووالدة الأمير الحالي تميم بن حمد، وتمولها العائلة المالكة في قطر بشكل مباشر.
يقول الكتاب إن الباحث الإسلامي المثير للجدل طارق رمضان يتلقى راتبًا يقدر بـ 35,000 يورو شهريًا من مؤسسة قطر “منظمة غير حكومية قطرية مختلفة عن مؤسسة قطر الخيرية”، بصفة مستشار.
مصدر المعلومة كانت وثيقة من هيئة مراقبة الأموال غير المشروعة الحكومية الفرنسية “تراكفين”.
تضيف أن طارق رمضان تلقى 19,000 يورو من المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف “رابطة العالم الإسلامي” في أوائل عام 2018، بينما كان محتجزًا على ذمة اتهامات الاغتصاب. وأنه استخدم هذا المبلغ لتكاليف الدفاع عن نفسه في القضايا المرفوعة ضده.
وتشير مستندات بنكية نقلها كتاب أوراق قطر أن طارق رمضان سحب 590,000 يورو من حسابات بنكية قطرية قبيل احتجازه.
المفاجأة أن طارق رمضان، الذي حصل على إجازة من وظيفته الجامعية لمواجهة دعاوى اغتصاب، ما زال يتلقى راتبه من من كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد، وهي مؤسسة أكاديمية بريطانية استفادت هى الأخرى من التمويل القطري السخي.
ويكشف المؤلفان أن طارق رمضان وزوجته اشتريا شقتين في مناطق مرموقة في باريس في نفس العام.
يكشف الكتاب تفاصيل عن التمويل القطري لجمعيات الإسلام الإخواني في الدول السبع، وعلى رأسها إيطاليا، وفرنسا، وسويسرا، وبريطانيا.
في إيطاليا:
ركز التمويل القطري على 50 مشروعًا، وذهبت معظم الأموال لحساب اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية، شاملًا 4 ملايين يورو لتمويل مركز الهدى في العاصمة روما.
في فرنسا:
كان التركيز على مدينة ليل خصوصًا، حيث بلغ إجمالي المدفوعات القطرية 4.6 مليون يورو، بما في ذلك 3 ملايين يورو لمدرسة رسة ابن رشد الثانوية الإسلامية.
ويقول المؤلفان إن العديد من موظفي المدرسة مرتبطون بمنظمات إسلامية تحصل هي الأخرى على دعم قطري.
في سويسرا:
قدمت مؤسسة قطر أكثر من 3.6 مليون يورو بين عامي 2011 و2014 لخمسة مشروعات تابعة لمنظمات إسلامية، تشمل متحف الحضارة الإسلامية في مدينة لا شو دو فون الواقعة في كانتون نوشاتيل، والمجمع الثقافي الإسلامي في لوزان، ومسجد صلاح الدين في بيال.
يشير الكتاب إلى أن متحف الحضارة الإسلامية، الذي حصد تمويلًا قطريًا بحدود 1.25 مليون يورو، موجه لترويج الدعاية الإخوانية تحديدًا.
ولم ينف مدير متحف الحضارة الإسلامية معلومات التمويل القطري، لكنه قال إنه تماشى تمامًا مع القوانين السويسرية المنظمة.
وبحسب الكتاب، فإن وثائق عُثر عليها في منزل القيادي الإخواني البارز يوسف ندا في سويسرا، كشفت استراتيجية الجماعة للتدخل في اختيار العمد ومسؤولي البلديات الآخرين لاستخدامهم لاحقًا كأدوات نفوذ.
في بريطانيا:
يثير الكتاب علامات استفهام حول أنماط جمع الأموال والإنفاق في “نكتار تراست” القطرية، والتي انخفض مقدار التبرعات التي جمعتها من 27.9 مليون جنيه إسترليني إلى 116,615 جنيه إسترليني بين 2017 و2018.
يضيف الكتاب أن دعم الجمعية تجاوز تمويل المشروعات في بريطانيا إلى دول أخرى، حيث وجهت الجمعية أموالًا إلى مركز النور في ميلوز الفرنسية، وهي إحدى البلدات التي وصل إنفاق قطر فيها إلى ملايين اليوروات.
يذكر كتاب أوراق قطر أن موظفًا مخضرمًا في السفارة القطرية في باريس كان الرابط الرئيسي في سلسلة نقل الأموال في فرنسا. ويربط الكتاب الموظف بالزعيم الأيديولوجي للإخوان يوسف القرضاوي المقيم في قطر.
ظهور اسم يوسف القرضاوي دفع صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية في تقريرها عن الكتاب للتذكير ببعض أفكاره ومواقفه، بما في ذلك قناعته بأن المسلمين سيغزون روما وأوروبا، لتضيف أن المنظمات الإخوانية التي تتلقى التمويل القطري تروج لأفكار مماثلة.
يسلط المؤلفان الضوء على تحذيرات الاستخبارات الفرنسية من الدعم القطري لمنظمة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، ويضيف أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب ضمانات من الدوحة بأنها لن تقدم تمويلات سرية لأنشطة على الأراضي الفرنسية، وستلتزم بمبادرات مراقبة تمويل الإرهاب.
لكن “أوراق قطر” يشكك في احترام أمير قطر لوعوده بهذا الصدد.
وينقل المؤلفان شعورًا بالإحباط لدي الأجهزة الأمنية السويسرية لتكبيل يدها عن التحقيق في ملفات رابطة مسلمي سويسرا إلا في مسائل الإرهاب؛ باعتبارها جمعية دينية.