* اتفاق الرياض تطرق لتشكيل حكومة جديدة يقسم تشكيلها بين الشمال والجنوب.
* الاتفاق منح حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الشرعية التي أراداها.. لكن حالة عدم الثقة حاضرة.
* يقع عبء التطبيق بالكامل للاتفاق على عاتق السعودية.
س/ج في دقائق
ما أبرز ملامح اتفاق الرياض؟
وقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق الرياض برعاية السعودية، وحضور ولي العهد محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
دعا الاتفاق إلى تشكيل حكومة جديدة لا يزيد عدد وزرائها على 24 خلال 30 يوماً، على أن يحظى الجنوبيون والشماليون بتمثيل متساوٍ، وأن يشارك المجلس الانتقالي الجنوبي في أية مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب.
واشترط الاتفاق في المرشحين للحقائب ألا يكونوا قد انخرطوا في القتال أو التحريض خلال الأحداث الأخيرة، كما قضى بضم جميع القوات العسكرية وقوات الأمن من الجانبين، ومنهم عشرات الآلاف من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، لوزارتي الدفاع والداخلية، وعودة جميع القوات إلى مواقعها قبل تطورات أغسطس، لتحل مكانها قوات الأمن التابعة للسلطات المحلية خلال 15 يومًا.
أكد اتفاق الرياض كذلك على نقل القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي إلى معسكرات خارج عدن تحددها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال ثلاثين يومًا، وتوجيهها بموجب خطط معتمدة وتحت إشراف مباشر من التحالف، باستثناء قوات حماية القصور الرئاسية ومحيطها وتأمين تحركات الرئيس، وتوفير الحماية الأمنية لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن تحت أشراف التحالف.
وتضمن الاتفاق التزام الطرفين بتفعيل كافة سلطات ومؤسسات الدولة، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع.
وتتولى لجنة تشكل تحت إشراف قيادة التحالف بقيادة السعودية بمتابعة وتنفيذ أحكام الاتفاق، ومشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء الانقلاب الحوثي .
ما مكاسب كل طرف من توقيع الاتفاق؟
شهد جنوب اليمن – لاسيما عدن – قبل أشهر معارك بين قوات المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية، أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على المدينة ومناطق أخرى منذ أغسطس. من هنا كانت مكاسب اتفاق الرياض مشتركة.
إلانا ديلوزييه، زميلة الأبحاث في برنامج بيرنشتاين التابع لمعهد واشنطن حول سياسة الخليج، قالت إن الاتفاق قسم السلطة، وربما يوقف القتال مؤقتًا في اليمن، كما وحد هدف الطرفين المتمثل في هزيمة المتمردين الحوثيين، وحدد سلسلة من التفويضات العامة التي تمنح كل طرف الشرعية التي يسعى إليها.
بالنسبة لحكومة هادي: تنص الوثيقة على أن جميع القوات العسكرية والأمنية، بما في ذلك تلك المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ستخضع لوزارة الدفاع.
هذا المكسب كان مطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي اشترط اعتراف المجلس الجنوبي به كممثل شرعي وحيد في اليمن.
بالنسبة إلى المجلس الجنوبي: يقول الاتفاق إنه سيشارك إلى جانب الحكومة في مفاوضات السلام النهائية مع الحوثيين.
ويعتبر هذا حل وسط، فالمجلس الذي كان يهدف إلى انفصال الجنوب عن الشمال، لم يجد دعمًا دوليًا، فأمن نفسه بوجود مقعد على طاولة المحادثات النهائية، مما يمنحهم الشرعية كممثل للجنوب وسيضمن عدم تهميشهم، ووجودهم في المحادثات سيسمح لهم للسعي في يوم آخر من أجل الاستفتاء على الانفصال.
ما هي العقبات أمام تنفيذ الاتفاق؟
يقول معهد واشنطن إن المكاسب السياسية لطرفي الصراع في جنوب اليمن لا تضمن تنفيذ بنود الاتفاق التي وصفتها بـ “الغامضة” في كثير من الأحيان بالسرعة المحددة في نصوصه.
العقبة الأكثر إثارة للقلق هي الافتقار التام للثقة بين الطرفين، اللذين لم يتفاوضا على الاتفاق وجهًا لوجه، بل عبر الوسيط السعودي بشكل غير مباشر، لتكون مراسم التوقيع هي المرة الأولى التي يجتمع فيها الطرفان في نفس الغرفة منذ اندلاع أحداث العنف هذا الصيف.
تضيف ديلوزييه أن الجدول الزمني المحدد لتنفيذ الترتيبات المنصوص عليها في الوثيقة لوقف القتال ودمج مؤسسات الانتقالي السياسية والأمنية والعسكرية تحت قيادة يمنية واحدة، ضيق للغاية يتراوح بين 15 إلى 90 يومًا.
مثلًا، ينص اتفاق الرياض على تعيين هادي لحكومة تكنوقراط جديدة تضم 24 وزيرًا، نصفهم من الجنوب، خلال 30 يومًا، دون النص على من يتولى رئاسة الحكومة أو الحقائب الأهم، مثل الداخلية والدفاع، تاركة المجال أمام أخطاء التفاصيل التي قد تقوض الاتفاق بأكلمه.
علاوة على ذلك ، تشير الوثيقة إلى أن الأفراد المشاركين في القتال في عدن منذ أغسطس ليسوا مؤهلين للتعيينات الوزارية، وهو ما يبعد شخصيات وازنة قد يكون لهم تأثيرًا في إعادة الأمور لنقطة الصفر مستقبلًا.
وتدعو الاتفاقية إلى وضع جميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة في مستودعات عسكرية تحت إشراف التحالف في عدن في غضون 15 يومًا، لكن من غير الواضح كيف ستجمع الحكومة أو الانتقالي هذه الأسلحة، وكذلك آليات تشكيل فرق حماية المؤسسات المهمة من كل القوات.
كيف سيفيد الاتفاق اليمن؟ وكيف حملت السعودية عبء التنفيذ؟
المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفثس، اعتبر أن توقيع اتفاق الرياض خطوة مهمة في جهود التسوية السلمية للنزاع في اليمن.
وقال غريفثس إن تنفيذ الاتفاق “ولو جزئيًا” سيمنح الأمم المتحدة فرصة تهيئة ظروف أفضل، بما أن أي محادثات سلام شاملة محتملة ستشمل “أطرافًا باتت متحابة”؛ فوفد حكومة هادي سيضم ممثلين من حزب الإصلاح (الإخوان) وممثلي الانتقالي الجنوبي جنبًا إلى جنب، بينما يضم وفد الحوثي ممثلين عن حزب المؤتمر الشعبي العام، بما يجمع كل الأطراف على الطاولة، ليصبح استثمارها ممكنًا لإجراء محادثات ناجحة.
بعد الاتفاق، لم يتصافح هادي والزبيدي، لكنهما اجتمعا بولي العهد السعوي محمد بن سلمان. بما يشير إلى أنهما قد يواصلان الاعتماد على دبلوماسية السعودية في تطبيق الاتفاق.
وبحسب معهد واشنطن، فسوف يقع عبء التطبيق بالكامل على عاتق الرياض لإثبات وحدة الهدف، بعدما ظهرت السعودية وحيدة في الاتفاق، مع استمرار انسحاب قوات الإمارات من اليمن، فيما يبدو أن قادتها تركوا إدارة الملف للسعودية.