تقول الإيكونوميست إن التحول كان مذهلًا في قمة السبع – التي انعقدت على خلفية صراعات دولية متسارعة – لكن إدارة ماكرون الناجحة جنبتها احتمالات النسف.
حققت فرنسا خلال القمة اختراقات مهمة؛ عبأ ماكرون بعض المساعدات لإطفاء حرائق الأمازون رغم الخلافات مع رئيس البرازيل جايير بولسونارو، وأبقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتفاق ينهي الخلاف حول الضريبة الفرنسية على عمالقة التكنولوجيا. والأهم أنه حقق اختراقًا بدرجة ما فيما يخص علاقات الولايات المتحدة مع إيران.
تقول وول ستريت جورنال إن ماكرون الذي راقب تحركات ترامب الدبلوماسية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، يأمل في اقتناص لقطة مماثلة مع إيران يمكن أن تشمل رفع العقوبات.
وتضيف الإيكونوميست أن ماكرون تعلم أخيرًا أن جهود التأثير على ترامب عادة ما تذهب سدى، بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي العام الماضي، بعد فترة وجيزة من زيارة ماكرون لواشنطن، على أمل إقناع ترامب بخلاف ذلك.
هذه المرة، استضاف ماكرون ترامب على مأدبة غداءً على واجهة بحرية لمدة ساعتين بعيدًا عن مستشاريه، وهو ما وصفه ترامب بـ “أفضل لقاء عقدناه حتى الآن”. وفي مؤتمر صحفي مشترك، كان الرئيس الفرنسي الحريص على الإطالة عادة موجزًا في حديثه.
وأبدى ترامب استعداده للقاء روحاني على أن العقوبات ستظل سارية، مبديًا استعداده للتوقيع على اتفاق منقح يتضمن حظرًا على الصواريخ البالستية، وعمليات تفتيش أكثر تدخلاً للمواقع النووية في إيران، وفترة زمنية أطول لا تسمح بحدوث اختراق نووي.
س/ج في دقائق: الاتفاق النووي مع إيران .. لماذا يختلف موقف أوروبا عن أمريكا
إيران تلاحق معارضيها في أوروبا.. متى بدأت؟ وماذا تواجه؟ | س/ج في دقائق
تقول وول ستريت جورنال إن اهتمام إيران بمبادرة ماكرون دليل على ضغط العقوبات التي تعانيها.
في البداية، أمن روحاني زيارة ظريف من انتقادات المتشددين، ثم أبدى استعداده للتفاوض حول مخرج للأزمة ولو كانت فرص النجاح 10% باعتبارها فرصة لا يجب تفويتها.
بعدها بساعات، بث التليفزيون الإيراني بيانًا غامضًا ومجهول المصدر أعلن رفض مبادرة ماكرون، ليتراجع روحاني بعدها بساعات، مطالبًا ترامب برفع العقوبات أولًا لفتح الطريق أمام حدوث تطور إيجابي، كي لا يتحول اللقاء لمجرد فرصة تصوير.
وترى أسوشيتد برس أن تحولات موقف روحاني قد تشير لضغوط المتشددين، لكنها يمكن أن يعكس أيضًا عدم اقتناع إيران بنموذج اجتماعات ترامب – كيم التي لم ترفع العقوبات الصارمة.
مع ذلك، تؤكد وول ستريت جورنال أن السلوك الإيراني يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى صفقة نووية أفضل، وليس شكوك ترامب وضغطه المناسبين.
وتضيف الصحيفة أنه إذا كانت إيران تريد حقًا رفع العقوبات، فسيتعين عليها التصرف كدولة طبيعية وليس كدولة ثورية.
لماذا من مصلحة إيران أن يقع البلاء فورًا. الآن. اليوم قبل غد؟ | خالد البري
إيران.. نافخ الكير | خالد البري
وتؤكد وول ستريت جورنال أن فرنسا تحاول إنقاذ اتفاق إيران النووي 2015 لأن استمرار مصالحها التجارية مرتبط بالإبقاء على المعاهدة، حيث ضغطت عقوبات ترامب الاقتصاد الإيراني وبالتالي أضرت بالتدفق النقدي.
ماكرون اعترف بأن جهوده لجمع إيران والولايات المتحدة “هشة”، لكنه لا يزال يرى “طريقًا ممكنًا” للتقارب.
وقال ماكرون إن دعوة ظريف لحضور قمة مجموعة السبع كضيف مفاجئ كانت مناورة دبلوماسية محفوفة بالمخاطر، لكنها ساعدت في خلق “ظروف ممكنة لعقد اجتماع مفيد”.
وأضاف ماكرون أن من مسؤولية فرنسا أن تلعب “دور القوة المتوازنة”، وأن جهوده سمحت بالأمل في وقف تصعيد التوترات.
لا حرب ضد إيران.. لماذا التحرك العسكري الأمريكي في الخليج؟ | س/ج في دقائق
ترامب يغير قواعد لعبة إيران لـ “صادرات صفر”.. ويعول على السعودية والإمارات | س/ج في دقائق
مع ذلك، تقول الإيكونوميست إن سياسة الحوار الدبلوماسي الأوسع التي يتبعها ماكرون تنطوي على مخاطر واضحة.
بالنهاية، تظل فرنسا قوة متوسطة الحجم، بما يحد مساحة الدبلوماسية الماكرونية لمتابعة كل هذه الطموحات.
وترى الصحيفة أن هذا السبب يدفع ماكرون للتركيز على تعزيز “السيادة الأوروبية” عبر تأكيد استقلال أوروبا ككتلة استراتيجية واقتصادية، كما يدفعه للتركيز على دور أكثر واقعية يمنح فرنسا “قوة الوساطة”.
وتزامنت جهود الدبلوماسية الماكرونية مع تطورات جديدة في الشرق الأوسط عندما قصفت إسرائيل موقعًا عسكريًا يستخدمه وكلاء إيران في سوريا كنقطة انطلاق.
وتقول وول ستريت جورنال إن فيلق القدس يحاول توسيع نفوذ وتسليح قوات الميليشيات في سوريا ليصبح بمقدورها فتح جبهة جديدة مع إسرائيل حال اندلاع حرب جديدة “مؤكدة” مع حزب الله.
حرب الدرونز.. مواجهة إسرائيل وإيران الممتدة عبر الدول | س/ج في دقائق
الإيكونوميست تقول إن ماكرون يملك فرصة غير عادية للبناء على قمة السبع وخطف زعامة أوروبا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لثلاثة أسباب:
بعد عامين من انتخابه، بنى ماكرون شبكة علاقات عالمية، وعرف من أين تؤكل الكتف في التفاوض مع عدد من القادة صعبي المراس مثل ترامب.
يقول بنيامين حداد، مدير مبادرة مستقبل أوروبا لدى مجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن إن قمة السبع– رغم وضوح ماكرون الشديد بشأن خلافاته مع ترامب – عكست الاستثمار الذي قام به في علاقته مع الرئيس الأمريكي على مدار عامين، بما يؤتي ثماره الآن.
اعتادت الولايات المتحدة التعامل مع ميركل باعتبارها زعيمة أوروبا، لكن الحروب الانتخابية واحتمالات حدوث ركود في ألمانيا أضعفتها.
في الوقت نفسه، تشغل بريكست كل اهتمام الدبلوماسية البريطانية.
بالمقابل، يبدو ماكرون حريصًا على احتلال القيادة. لهذا، ساعد أصدقاء فرنسا على شغل وظائف الاتحاد الأوروبي القيادية، بما في ذلك أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية الجديدة، وكريستين لاجارد في البنك المركزي الأوروبي.
من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بنسبة 1.3% هذا العام، مقارنة مع 0.5٪ في ألمانيا. البطالة وصلت 8.5% كأدنى مستوياتها خلال العقد الأخير. فرنسا كذلك أقل اعتمادًا على الصادرات من ألمانيا وبالتالي أقل عرضة للاضطرابات التجارية.
واستفادت فرنسا من التعزيز المالي الذي حققه ماكرون أواخر العام الماضي استجابةً للاحتجاجات.
تقول الإيكونوميست إن الفرنسيين ذوي التطلعات العالمية حساسون بشدة لمدى أداء قادتهم خارجيًا. رحبوا بأداء ماكرون خلال قمة السبع التي حققت – كما كتبت لوموند – “نجاحًا لا جدال فيه”، بعدما عكست – رغم خيبة أمل الجهود التي تبدو بلا جدوى – تحول دور الرئيس إلى زعيم أوروبي مستعد لتحمل المخاطر ودفع الأفكار الجديدة، ومحاولة استخدام النظام المتعدد الأطراف لتخفيف التوترات والدفاع عن النظام الليبرالي.
مكر، يمكر، ماكرون. كيف خدع رئيس فرنسا الجمهور وألبسه البرنيطة | رواية صحفية في دقائق
ماذا تكسب أوروبا وماذا تخسر في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين؟ | س/ج في دقائق
ماذا كشفت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي؟ ولماذا اختلفت قراءاتها؟ | س/ج في دقائق