دعوات يسارية يقودها بيرني ساندرز لطرح لقاح فيروس كورونا مجانًا، ثم فرض التسعير الجبري على الأدوية عمومًا.. معهد هدسون يقول إن الدعوة تفتقد لقراءة الواقع.. تهدد بوقف جهود البحث العلمي.
أمريكا تتصدر البحث العلمي، لهذا تتركز عليها أنظار العالم في تطوير اللقاحات والأدوية.. العالم بحاجة لتعديلات لتسهيل منح براءات الاختراعات الأمريكية لا إعادة النظر في تسعير الأدوية.
س/ج في دقائق
قد نكون على الطريق للوقاية من جميع فيروسات كورونا مستقبلًا.. كيف؟
تتكون اللقاحات التقليدية من أشكال ضعيفة أو ميتة من الفيروسات أو أجزاء من الفيروسات، بما في ذلك البروتينات المنقاة. عند حقنها في الشخص السليم، يتعرف الجهاز المناعي على الفيروس باعتباره غازيًا، وينتج أجسامًا مضادة لدرء الغزوات المستقبلية.
لا أحد يرغب في الانتظار طويلًا، لكن تطوير علاجات أو لقاحات لأمراض جديدة غالبًا ما يستغرق سنوات وربما عقودًا. هنا استفاد العلماء من تراكم الخبرات للتحرك أسرع من أي وقت مضى. فيما يقول بعضهم إنهم طوروا استراتيجية عالمية مختلفة كليًا للتعامل مع فيروس كورونا الجديد وغيره من الفيروسات التاجية والأمراض المعدية الناشئة.
في الصين وحدها، حوالي 300 تجربة سريرية قيد البحث لعلاج مرضى كوفيد-19 بأدوية قياسية لعلاج الفيروسات، وكذلك الخلايا الجذعية، والأدوية التقليدية بما في ذلك الوخز بالإبر، ونقل بلازما الدم من المتعافين من فيروس كورونا.
الباحثون لا يتوقفون هنا. يعملون على تطوير أدوية ولقاحات جديدة.
في البداية، اعتمدت الجهود على احتمالات التشابه بين فيروس كورونا الجديد والفيروسات التاجية (كورونا) السابقة؛ لتستخدم اللقاحات المطورة فعلًا للتعامل مع كوفيد-19، بحسب كيت بروديريك، نائب رئيس إينوفيو للأبحاث والتطوير.
لكن التحليل المتعمق كشف أن كورونا الجديد مختلف عن سابقيه، لذا بدأ البحث عن لقاح جديد.
ولاختصار الوقت، طور الباحثون طرقًا لصنع اللقاحات اعتمادًا على محاكاة الكمبيوتر التي تقترح أجزاء من الفيروس باعتبارها أقدر على حث الجهاز المناعي على إنتاج الأجسام المضادة، ثم حقنها في بكتيريا قادرة على إنتاج كميات كبيرة من قصاصات البروتين لاستخدامها في اللقاح.
تلك الطريقة مكنت إينوفيو مثلًا من تصميم اللقاح في ثلاث ساعات بدلًا من ثلاث سنوات، وحوالي شهر للتصنيع، لكن الاستخدام العام لن يكون متاحًا قبل عام.
إينوفيو ليست الوحيدة.. الباحثون يتسابقون لتطوير اللقاحات والعلاجات لفيروس كورونا. وكلها تتخذ مناهج غير تقليدية لمكافحة الفيروس.
المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية يعمل على تطوير لقاح يعتمد تحفيز جسم الإنسان نفسه على إنتاج مكونات اللقاح.
كيزميكيا كوربيت، عالمة المناعة الفيروسية في مركز أبحاث اللقاحات التابع للمعهد، تقول إن التجربة تعتمد على إعطاء الخلايا الرمز الوراثي لتصميم اللقاح، وتحفيرها على صنع البروتينات التي تحث الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة للحماية من فيروس كورونا، بما يمكن من تخطي الخطوات المكلفة أموالًا ووقتًا لتصنيع بروتينات اللقاح.
تعتبرها “استراتيجية عالمية جديدة” ستمكن من تصميم لقاحات ضد فيروسات كورونا المستقبلية أو غيرها من الأمراض المعدية الناشئة.
أنتوني فوسي، مدير المعهد، يقول إن اللقاح قد يكون جاهزًا لاختبار السلامة في غضون أشهر، لكنه يبحث عن منظمة غير ربحية لتوفيره للاستخدام العام.
لماذا لا يمكن إتاحة عقارات كورونا مجانًا؟
مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا بات وباء عالميًا. ليطور العلماء لقاحًا أو علاجًا مضادين للفيروس. تسابقت شركات التكنولوجيا الحيوية، بعضها لتطوير لقاحات، والأخرى لتطوير أدوية، بسرعات قياسية واستثمارات ضخمة من الوقت والمال.
لكن البحث والتطوير لإنتاج أدوية أو لقاحات جديدة محفوف بالمخاطر ومكلف للغاية. الدواء أو اللقاح الذي يصلنا يكون الوحيد الذي نجح في عبور الاختبارات الصعبة التي تفرضها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA ) من بين 5,000 – 10,000 عقار محتمل بدأت محاولاتها لكنها لم تنجح.
تطوير العقار الواحد يستغرق في المتوسط ما بين 10 إلى 15 عامًا من البحث والتطوير. هذه الجهود التي تستمر لعقود ونسبة عالية من الإخفاقات باهظة الثمن. يقدر الاقتصاديون في جامعة تافتس تكلفة البحث والتطوير لكل عقار جديد بنحو 2.6 مليار دولار.
تجربة إينوفيو مع لقاح “ميرس” مثال على الوقت الذي يستغرقه الباحثون عادةً للتأكد من أن اللقاح آمن وفعال حتى بعد كل هذا التقدم العلمي.
في 2019، قالت مجلة لانسيت للأمراض المعدية إن إينوفيو أجرت اختبارًا أوليًا لسلامة لقاح الفيروس التاجي في المرحلة الأولى من التجربة السريرية من فبراير 2016 إلى مايو 2017. لم تكن هناك آثار جانبية خطيرة بين 75 مشاركًا بالغًا سليمًا، فانتقل اللقاح إلى تجربة المرحلة الثانية في أغسطس 2018 لاختبار السلامة في عدد أكبر من الناس، وتحديدا ما إذا كان اللقاح يحفز الجهاز المناعي لصنع أجسام مضادة واقية. تلك التجربة ستستمر حتى وقت لاحق في 2020.
وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن اللقاح لا يزال بحاجة لاجتياز المرحلة الثالثة من اختبار السلامة والفعالية قبل النظر فيه للموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. ليمكن بعدها تصنيعه للتوزيع التجاري.
جميع اللقاحات والأدوية الجديدة يجب أن تمر بتلك الخطوة.
بحسب معهد هدسون للدراسات الاستراتيجية، فإتاحة العقار بالمجان سيوقف جهود البحث والتطوير. لن يستثمر أحد المليارات من الدولارات وملايين الساعات إذا لم يتوقعوا استرداد استثماراتهم. بالتالي، سيحبط أي تدخل في الأسعار آمال التصدي لزحف الوباء.
بعد كل تلك الجهود التي أشرنا إليها ، تظهر أهمية نظام براءات الاختراع في تطوير العقاقير الجديدة. منذ ولادة صناعة الأدوية الحديثة في أوائل القرن العشرين، حفز نظام براءات الاختراع الأمريكي البحث والتطوير في الأدوية الجديدة والعلاجات الطبية. قاد العلماء الأمريكيون العالم في ابتكار العلاجات التي حسنت نوعية الحياة وأطالت أعمار البشر.
براءات الاختراع توفر للمستثمرين 20 عامًا من الحق الحصري في بيع العقار المطور، بما يتيح لهم استرداد المليارات التي استثمروها في البحث والتطوير والاختبارات والتجارب الفاشلة. لكن نصف تلك الفترة تضيع في مرحلة الاختبارات المطلوبة للحصول على موافقة التصنيع التجاري.
الكونجرس (بأغلبية جمهورية) اعترف بالمشكلة في 1984، وأصدر قانونًا يوفر الحد الأدنى من تمديد مدة براءات الاختراع للأدوية التي تعاني من هذه التأخيرات في السوق بسبب عملية المراجعة التنظيمية في إدارة الغذاء والدواء. لكن هذه التمديدات لم تعد تعمل حين التهم الكونجرس نفسه التشريع بقانون جديد لتنسيق قانون البراءات الأمريكية مع الدول الأخرى في 1993 (أغلبية جمهورية في النواب – أغلبية ديمقراط في الشيوخ). لتتغير نقطة بداية المدة إلى 20 سنة من تاريخ إصدار براءة الاختراع إلى تاريخ إيداع الطلب، لتتراجع فترة التأمين الفعلية.
يقول الباحثون إن أن هذا التأخير التنظيمي والخسارة الناتجة عن حماية براءات الاختراع يقوض الحوافز التي يوفرها نظام البراءات للاستثمار في العلاجات الطبية. كما أكد الاقتصاديون في جامعة شيكاغو ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن التأخيرات التنظيمية تقوض الاستثمارات في أبحاث السرطان المهمة.
معهد هدسون يطالب بمزيد من تعزيز الحماية القانونية للابتكارات الطبية لضمان استمرار الاستثمارات في إيجاد علاجات جديدة. يقول إن الكونجرس مطالب بعكس التغييرات التي أدخلها على نظام براءات الاختراع في 1993. بما ينقذ عددًا لا يحصى من المصابين الذين يفقدون أرواحهم بفيروس كورونا أو غيره من الأوبئة والأمراض.