معركة أردوغان مع الماضي البيزنطي ليست الوحيدة. يستهدف أيضًا أهم الإنجازات الرمزية لـ علمانية تركيا مصطفى كمال أتاتورك. واشنطن بوست تقول إن تحويل كنائس آيا صوفيا “ضربة من أردوغان للعلمانية التركية”.
الروائي التركي أورهان باموك الحائز على جائزة نوبل يعتبر إن “تحويل آيا صوفيا مرة أخرى إلى مسجد يعني القول لبقية العالم للأسف أن تركيا لم تعد علمانية بعد الآن”.
سليم كورو، محلل غير مقيم في مركز الأبحاث تيباف التركي، يضيف أن الحكومة ومؤيديها الدينيين يرون أن حقبة علمانية تركيا التي بدأها أتاتورك في عشرينيات القرن العشرين كانت فتحًا لقوس في تاريخ تركيا. وإن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد سيشير إلى أن تركيا أروغان تغلق هذا القوس.
سونر كاجابتاي من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى يعتبر أن أتاتورك حول مسجد آيا صوفيا إلى متحف للتأكيد على التزامه بالعلمانية وإخراج الدين من الفضاء العام، لكن أردوغان “يفعل العكس تمامًا”.
وتقول الباحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، سيرين سيلفين كوركماز، إن أردوغان يستخدم قضية آيا صوفيا من أجل تغيير هوية تركيا الوطنية، عبر تعزيز مزيج من القومية الإسلامية والتركية، والرموز الدينية في المجتمع والحياة العامة، وترويج هوية جديدة بـ “بهارات إسلامية” وقومية تركية، يجري الترويج لها عبر وسائل الإعلام الجماهيرية لخدمة أردوغان ومشروعه.
العالم التركي نيكولاس دانفورث يضيف أن آيا صوفيا كمتحف كانت ترمز إلى فكرة وجود قيم فنية وثقافية مشتركة تتجاوز الدين لتوحيد الإنسانية، لكن تحويلهاا إلى مسجد هو رمز مناسب للغاية لظهور القومية اليمينية والشوفينية الدينية في جميع أنحاء العالم اليوم.
اختار أردوغان الأعضاء المؤسسين لحزبه من غير الإسلاميين، ثم نشر الإسلاميين تدريجيًا في قطاعات الدولة التركية التي حيد حماة علمانيتها بشكل فعال، ليحول حزب العدالة والتنمية إلى رأس حربة التنظيم العالمي للإخوان.
وزير الخارجية التركي السابق يسار ياكيس، أحد الأعضاء مؤسسي لحزب العدالة والتنمية السبعين، قال إن الحزب في البداية لم يضم إلا نسبة محدودة من المسلمين المتلزمين، لكنه تحول إلى سيطرة الإسلاميين الأكثر تطرفًا خلال 8 سنوت فقط.
استفاد أردوغان كذلك من التجربة الإيرانية، فلم يوجه باقتحام السفارة الأمريكية، كما حدث في طهران يوم 4 نوفمبر 1979، بل انتظر بصبر لسنوات، أظهر خلالها تماشي اهتماماته تقريبًا مع مصالح الناتو والاتحاد الأوروبي.
يقول موقع آسيا نيوز إنه من المتفق عليه بشكل عام أن هناك محاولة لاستقطاب المجتمع التركي، وتمجيد الماضي العثماني وتقاليده، للتغطية على أزمة سقوط الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية، وتورط الدولة التركية في أزمات عسكرية خارجية.
وتشير استطلاعات الرأي التي استشهدت بها الإيكونوميست إلى أن الغالبية العظمى من الأتراك تدعم عملية تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد. وتقول إن الاعتقاد السائد أن حكومة العدالة والتنمية تستخدم هذه القضية لصرف الانتباه عن المشكلات الأكثر إلحاحًا، بينما يتردد في الأوساط السياسية التركية حديث عن تمهيد أردوغان الأرض لإجراء انتخابات مبكرة بعد عامين فقط من الانتخابات الأخيرة.
تقول الإيكونوميست: هذا من شأنه أيضًا أن يفسر ارتفاع معدلات القمع بعدما توقف مؤقتًا خلال أزمة فيروس كورونا المستجد في تركيا. تقول إن الشهر الماضي شهد اعتقال ثلاثة نواب معارضين وصحفيين بتهمة التجسس والإرهاب، والحكم على أربعة من النشطاء الحقوقيين بالسجن لفترات تتراوح بين عامين وست سنوات. كما حظرت السلطات بث قناتين تليفزيونيتين تؤيدان المعارضة، وأغلقت جامعة مرتبطة برئيس وزراء سابق أصبح الآن أحد خصوم أردوغان السياسيين.
بالنسبة لأردوغان، القرار يتعلق بالناخبين الأتراك، فتغيير وضع آيا صوفيا هو خطوة لجذب قاعدته وتأكيد علامته السياسية – وهي القومية القوية المتأثرة بالدين، ولذلك يحيي صراعا أيديولوجيا عمره عقود مع علمانية تركيا.
الرئيس التركي يلعب السياسة الدينية (الإيكونوميست)
أردوغان و “الحرب الرمزية” على آيا صوفيا (معهد الشرق الأوسط)
مشكلة جعل آيا صوفيا مسجدًا مرة أخرى (واشنطن بوست)
آيا صوفيا ستتحول إلى مسجد (آسيا نيوز)
ترميم مسجد آيا صوفيا في طرابزون (ديلي صباح)
الطعن في الماضي البيزنطي: أربعة آيا صوفيا كمناطق إيديولوجية لحفظ الهندسة المعمارية في تركيا (تايلور وفرانسيس)
جمهورية تركيا الإسلامية تشكل تهديدًا لحلف الناتو (جيروزاليم بوست)