السعودية كانت قد عطلت العمرة في وقت سابق ضمن تدابير منع انتشار الفيروس، فيما اعتبرته كريستيان أولريشسن، زميلة معهد جايمس آي. بيكر الثالث للسياسة العامة، حينها “خطوة غير مسبوقة لكنها منطقية من وجهة نظر الصحة والسلامة العامة”.
تحليل ستراتفور حينها حذر من تضاعف خطر كورونا عندما يلتقي الحجاج المسلمين الشيعة والسنة في الحج الأكبر في مكة. ويمثل الحج شعيرة رئيسية للمسلمين وتحديًا لوجستيًا هائلًا للسلطات السعودية مع تجمع حشود هائلة في الأماكن المقدسة محدودة المساحة نسبيًا.
ووصل عدد الوافدين إلى السعودية لأداء شعائر الحج حوالي 2.5 مليون شخص من جميع أنحاء العالم في 2019.
تفشي الأمراض كان دائمًا مصدر قلق حول الحج. أول تفشٍ مسجل في موسم الحج يعود للملاريا في عام 632، (وهو عام حجة الوداع على الأرجح).
تسبب تفشي وباء الكوليرا في 1821 على سبيل المثال في مقتل ما يقرب من 20,000 حاج، ثم 15,000 حاج في 1865، ومنها انتشر في جميع أنحاء العالم.
وتشعر المملكة العربية السعودية بالقلق إزاء آثار كورونا الصحية واحتمالات تناقل الفيروس بين الحجاج الوافدين بالنظر إلى أن العديد من مواطنيها يعانون من أمراض مزمنة: 40% من السمنة المفرطة، و17.9% من السكري، و15% من ارتفاع ضغط الدم.
وقالت وزارة الحج والعمرة إن القرار نابع من أولوية قصوى في الحفاظ على سلامة الحجاج على أراضيها حتى مغادرتهم إلى بلادهم”. وتعتبر وول ستريت جورنال أن وصول ملايين الحجاج من جميع أنحاء العالم كان محفوفًا بالمخاطر”.
كريستين سميث ديوان، الباحثة المقيمة في معهد الخليج العربي في واشنطن تقول إنها مسؤولية عميقة أن يعهد إلى السعودية برعاية الحجاج في رحلة ذات مغزى عميق سواء على المستويين الشخصي والمجتمعي”، معتبرة أن القرار يظهر أن “السعودية تزن هذه الثقة بعناية”.
وتقدر وول ستريت جورنال إيرادات الحج السنوية في السعودية بنحو ثمانية مليارات دولار. بينما تقول ستراتفور إن السياحة الدينية (الحج – العمرة) شكلت ما يقرب من 20% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي غير النفطي في 2019، بما وصل إلى 12 مليار دولار.
وبموجب رؤية 2030 تستهدف السعودية زيادة هذه الإيرادات عبر استقبال 15 مليون حاج ومعتمر سنويًا بحلول 2022 و30 مليونًا بحلول 2030.
وقالت الحكومة السعودية في مارس إنها ستخفض أكثر من 13 مليار دولار من الإنفاق في مجالات مثل السياحة والترفيه. وفي مايو ، ضاعفت ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات إلى 15٪ وخفضت المخصصات لموظفي الدولة.
القرار بالسماح لبعض الحجاج المقيمين في الداخل لن يقلل حجم الأثر الاقتصادي مهما بلغ عددهم. علي التواتي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة يقول إن الحج كمورد اقتصادي ضخم مرتبط بكون معظم الحجاج يأتون من الخارج، وما ينفقونه من أموال في المملكة.
1- ضخ تمويل مستمر في مشروع البحر الأحمر، الذي يتضمن سلسلة من مناطق الجذب السياحي على طول الساحل السعودي، والذي يفترض أن كورونا سيؤخر افتتاحه حتى 2022.
2- نيوم – المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار على الحدود السعودية الشمالية الغربية بالقرب من الأردن وإسرائيل ومصر – من المقرر أن يفتح أبوابه بعد الوباء. سيستمر ضخم استثمارات الصندوق فيه.
3- من المحتمل أن يؤخر الصندوق الاستثمارات في المشروعات الأحدث المصممة لبناء القطاع السياحي؛ للحفاظ على رأس المال حتى يبدأ الوضع الاقتصادي العالمي في التحسن. سيؤدي هذا التخفيض إلى تأجيل الاستراتيجية العامة لتوسيع برنامج رحلة الحج وصناعة السياحة غير الدينية ضمن رؤية السعودية 2030.
4- تقديم قروض أو حزم إنقاذ للصناعات والشركات ذات الصلة بالسياحة التي تأثرت بشكل مباشر بأزمة كورونا وتقييد الحج.
5 ستدعم الدولة شركة الطيران السعودية لمساعدتها في التعافي بعد الوباء. المساعدات الحكومية لن تكون كافية لتعويض الخسائر بالكامل، ما يعني أن تسريح العمال وتخفيضات الميزانية لا تزال محتملة.
6- مساعدة الفنادق والمطاعم والشركات المحلية، خاصة في مكة والمدينة، عبر الإعفاء من الرسوم ومتطلبات الترخيص، والقروض المدعومة، وحزم التحفيز المباشرة. لكن ستراتفور تقول إنها قد لا تكون كافية لضمان استمرار جميع الشركات والوظائف، ما يعني انكماش نسبة قطاع السياحة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
7- تعزيز دعم ميزانيات البلديات في المناطق التي تعتمد على إيرادات الحج من الخزانة الوطنية للمساعدة في استيعاب موجات جديدة محتملة من البطالة ودعم الأعمال التجارية المحلية. يمكن استخدام مجموعة متنوعة من الحوافز المحلية، بما في ذلك القروض، وتوظيف عمال جدد في كشوف المرتبات في المدينة والمحافظة، والمدفوعات المباشرة للمواطنين.
يقول الموقع كذلك إن كل هذه الجهود ستعالج فقط جانب العرض في سياحة الحج والعمرة، لكنها لن تعالج أزمة الطلب؛ باعتبار أن قيود السفر حول العالم ستبقي المسلمين في أوطانهم. حتى إذا تراجع وباء كورونا في الجزء الأخير من 2020 وسمحت السعودية باستئناف العمرة مجددًا، فقد تجد صعوبة في إقناع الدول الإسلامية بإيفاد مواطنيها حتى ظهور لقاح على نطاق واسع.
وحظرت بعض الدول مثل إندونيسيا وماليزيا السفر إلى السعودية لأداء الحج حتى قبل أن تحدد السعودية موقفها، وقد تقرر دول أخرى ذات أعداد كبيرة من المسلمين تقييد أو تعليق السفر الديني إلى المملكة هذا العام بأكمله، وربما لفترة أطول.
بالإضافة إلى ذلك، سيضيف الركود العالمي صعوبات على الحجاج في توفير أموال للحج أو العمرة. ما يعني أن التعافي المستدام غير مرجح بدون لقاح ، وهو ما سيحد من الإيرادات السعودية من السياحة حتى 2021.
على الجانب الآخر، السعودية في وضع نسبي أفضل من غيرها من الدول. حيث يستغني كثيرون عن السياحة العادية حتى يزول القلق تماما، بينما تتمتع السياحة الدينية بميزة وجود الدافع وبالتالي التعافي السريع حال تراجع المخاوف.