تشير التقديرات الأخيرة إلى أن قيمة أرامكو السوقية تُقدر بحوالي 1.2 تريليون دولار، وفقًا لحسابات وكالة موديز للتصنيف الائتماني، المستندة على قيمة الدفعة الأخيرة من المخصصات التي صرفتها أرامكو إلى الحكومة السعودية، والبالغة 58.2 مليار دولار.
وتفوق القيمة المالية لعملاق النفط السعودي أغلى شركة في العالم حاليًا، وهي أمازون – عملاق التجزئة الأمريكي – التي تحتل صدارة الشركات العالمية من حيث إجمالي القيمة السوقية. وبلعت قيمة أمازون منذ أشهر قليلة تريليون دولار.
لكن ما يدفع أغلب محللي الأسواق العالمية لتصنيف أمازون كأغلى شركات العالم – رغم تفوق قيمة أرامكو – هو إدراج الأولى في بورصة نيويورك. هذا يعني أنها تؤثر وتتأثر بما يحدث في أسواق المال وحركة سعر الأسهم العالية، و يجعل اسمها يتردد كثيرًا في عناوين الأخبار.
أولًا: ترى السلطات السعودية أن ما يناسبها لتنفيذ الطرح الأولي لأسهم أرامكو في الأسواق العالمية هو بلوغ قيمة الشركة تريليوني دولار.
ثانيًا: تعتبر أرامكو أكبر مصدر للاحتياجات التمويلية للسعودية؛ إذ تعتمد عليها الحكومة بصفة أساسية في توفير الاحتياجات المالية اللازمة للإنفاق الاجتماعي والعسكري للبلاد، ما يجعل مسألة طرح أسهمها في البورصات العالمية تنطوي على حساسية كبيرة وصعوبة بالغة في الفترة الراهنة.
ثالثًا: عدم وصول أسعار النفط العالمية إلى مرحلة الاستقرار، وانطواء حركة السعر في أسواق النفط على تذبذب حاد. وتريد السلطات المعنية في السعودية وصول أسعار النفط إلى متوسط 60 دولارًا للبرميل، واستقرار هذا المتوسط قبل البدء في طرح أسهم أرامكو في البورصة.
رابعًا: تواجه أرامكو تحديات تتعلق بالوصول إلى تقييم عادل لقيمتها؛ إذ يترتب على تقديرات القيمة تحديد قيمة الأسهم المطروحة، والتي كلما بدأت بأسعار مرتفعة، كلما تعاظمت ربحيتها، ومن ثم تحقق الهدف من الطرح الأولي للأسهم.
وتسعى الشركة جاهدة إلى الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الشركات العاملة في قطاع الطاقة حتى ترتفع قيمتها السوقية تمهيدًا للطرح الأولي، وهي الصفقات التي بدأتها ارامكو بالاستحواذ على سابك.
ورغم التأخر، أكد كثير من المسؤولين السعوديين، في مقدمتهم ولي العهد محمد بن سلمان ووزير الطاقة السابق خالد الفالح (قبل إعفائه من منصبه في سبتمبر ٢٠١٩)، ثم أكد على ذلك وزير الطاقة الجديد الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن السعودية ماضية قدمًا في إجراءات تستهدف تنفيذ الطرح الأولي لأرامكو.
ويقف التصنيف الائتماني للسعودية كدولة وراء بقاء تصنيف أرامكو عند المستويات الحالية؛ نظرًا لأن الإمكانيات الاقتصادية المستقبلية لا تزال قيد الدراسة من قبل وكالات التصنيف الائتماني، وسط توقعات بارتفاع التصنيف بعد الزيادة المتوقعة في معدلات النمو، بدفعة من زيادة الاستثمارات الحكومية وخطة تنويع الاقتصاد.
ونرجح أن يكون للخطة الاقتصادية للسعودية، التي تتضمن تنويعًا في مصادر الدخل والنشاط الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للاحتياجات التمويلية، أثرًا إيجابيًا على تصنيف البلاد الائتماني، مما من شأنه أن يدفع التصنيف الاستثماري العالمي لعملاق النفط السعودي إلى أعلى.
سجل صافي أرباح الشركة السعودية للنفط أرباحًا بلغت 111.1 مليار دولار في العام المالي المنتهي آخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو الرقم الذي يشير إلى صافي الأرباح بعد خصم تكلفة التشغيل والضرائب التي سددتها الشركة للحكومة السعودية، والتي بلغت 102 مليار دولار عن إجمالي أعمالها في عام واحد.
من الطبيعي أن تواجه أرامكو، كغيرها من مؤسسات الأعمال العملاقة، مخاطر محتملة، تمامًا مثلما تعثر على فرص استثمارية محتملة.
أولًا: هجمات الحوثيين عند مستواها الحالي لا تؤثر على عمليات الإنتاج، لكنها قد تثير مخاوف المستثمرين الأجانب بعد الطرح الأولي لأسهم أرامكو في الأسواق العالمية.
ثانيًا: يناقش الكونجرس الأمريكي قانون “المنافسة”، والذي تستهدف الولايات المتحدة من خلاله إجبار أوبك على التخلي عن سياسة تعزيز الأسعار اعتمادًا على خفض الإنتاج، وهو ما يشكل خطرًا على أسعار النفط، ومن ثم يمتد الأثر بشكل مباشر على الشركة السعودية خصوصًا، واقتصاد المملكة عمومًا.
ثالثًا: يواجه قطاع النفط العالمي بالكامل خطرًا محتملًا من أنشطة مكافحة التغير المناخي، التي قد تمتد بإجراءات تشمل التقليل من إنتاج النفط والاعتماد عليه عالميًا، ما قد ينعكس سلبًا على أداء أرامكو.