صورة عنصرية التقطت قبل 35 عامًا لحاكم فيرجينيا رالف نورثام صارت – حال عدم استقالته من منصبه – تهدد فرص حزبه الديمقراط في التغلب على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة المقررة 2020.
الصورة المثيرة للجدل تعود إلى سنوات دراسة نورثام في كلية الطب عام 1984، حيث ظهر على صفحته، في كتيب خريجي الجامعة السنوي، شخص غطى وجهه بالأسود، بجانب آخر يلبس الرداء الأبيض الطويل المعروف لجماعة “كو كلوكس كلان” العنصرية. في س/ج نبسط لك قصة هذه الصورة وأهميتها السياسية.
تعليق نورثام: في العالم، عدد السكارى الكبار أكبر من عدد الأطباء الكبار، لذا سأحتسي قدحًا آخر من البيرة
الموقع ليس شهيرًا بالدرجة، لكن الصورة انتشرت سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستدعت تعليقًا من الحاكم.
صفحة رالف نورثام في كتيب الخريجين
يقول هاولي إن موقعه خدمة مستقلة للصحافة الاستقصائية للمواطنين في جميع أنحاء البلاد، ويؤكد أنه الصورة وصلته من شخص أبلغه عن مخاوف حول عنصرية الحاكم، فعرضها للنقاش العام في نفس اليوم.
الموقع نفسه وصف رالف نورثام بـ “سليل ملاك العبيد“، مشيرًا إلى أن جداول العبيد بالتعداد الفيدرالي عامي 1850 و1860 تكشف امتلاك أجداده لعدد منهم.
فور انتشار الصورة، اعترف حاكم فيرجينيا بظهوره في الصورة، لكنه لم يحدد الملابس التي كان يرتديها، واصفًا الزي بـ “عنصري وكريه”.
“أنا آسف للغاية لاتخاذ قرار الظهور كما كنت في هذه الصورة، وللألم الذي تسبب فيه هذا القرار آنذاك والآن
الحزب الجمهوري في فيرجينيا طالب باستقالة الحاكم، بعدما فقد “سلطته الأخلاقية”.
بظهور الجمهوريين في المشهد، طالبت قيادات حزب الديمقراط ومرشحوهم لانتخابات الرئاسة 2020 باستقالة الحاكم فورًا.
رفض الحاكم الاستقالة، ثم عقد مؤتمرًا صحفيًا تراجع فيه عن اعترافه، وقال إنه لم يظهر في تلك الصورة.
رالف نورثام أضاف أنه رأى الصورة لأول مرة عبر الموقع، حيث لم يشتر كتاب الخريجين مطلقًا، وأنه ليس الشخص الذي ظهر في الصورة التي ظهرت على صفحته الخاصة.
دققت مع عائلتي وزملاء الدراسة، وتوصّلت لاستنتاج بأنني لست الشخص الذي يبدو في الصورة
نورثام اعترف بارتكاب أخطاء في الماضي، بما في ذلك صبغ وجهه باللون الأسود عندما شارك في مسابقة رقص حاكى فيها رقصة “مون ووك” لمايكل جاكسون، لكنه تابع أن “أمورًا عديدة نعتبرها اليوم حقًا مقيتة كانت مألوفة في الماضي”.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، هزم رالف نورثام منافسه الجمهوري إد جيلسباي في انتخابات حاكم الولاية، مستندًا بصورة كبيرة على أصوات الملونين. يشكل الملونون ثلث ناخبي فيرجينيا، صوت 80٪ منهم لصالح مرشح الديمقراط، بما في ذلك 87٪ من الناخبين السود ، و91٪ من الناخبات السود
الولاية الزرقاء تقليديا (ديمقراط) “صوتت لأوباما ثم كلينتون في الانتخابات الرئاسية الثلاثة الأخيرة”، لكنها بدت متأرجحة بشدة في انتخابات حاكم الولاية الأخيرة، مما اعتبره مراقبون – وكذلك مديرة حملة المرشح الجمهوري بيت سنايدر – أكثر من مجرد حدث جانبي.
يشكل الملونون ثلث ناخبي فيرجينيا، صوت 80٪ منهم لصالح مرشح الديمقراط، بما في ذلك 87٪ من الناخبين السود ، و91٪ من الناخبات السود
إحدى القضايا المثيرة للجدل خلال تلك الانتخابات كانت تمثال الجنرال روبرت لي، رمز حقبة الكونفدرالية المؤيدة للعبودية، اتهم جيلسباي نورثام بالسعي لإزالته حال انتخابه.
الجدل حول ذلك النصب أثار تظاهرات للقوميين البيض، وتظاهرات مضادة في الولاية، لقي فيها شخص مناهض للعنصرية مصرعه.
وشكل فوز نورثام أول هزيمة كبيرة للحزب الجمهوري منذ وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض.
كل هذا صار على المحك بسبب انكشاف هذا السلوك “العنصري” للحاكم الديمقراط.
استطاع أوباما تعويض العجز باستقطاب مصوتين أكثر من الأميركيين الأفارقة والأقليات الأخرى الميالة للديمقراط، لكن كلينتون فشلت في الاحتفاظ بنفس درجة الحماس.
وكشفت بيانات جمعتها واشنطن بوست أن هيلاري كلينتون خسرت أمام ترامب في انتخابات 2016 بسبب تراجع حاد في نسب مشاركة الملونين في التصويت.
وبعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، كشفت المسوح أن الديمقراط حققوا 40% من مكاسبهم في مقاطعات يتجاوز عدد الملونين ربع الناخبين المسموح لهم بالتصويت.
ويواجه الجمهوريون أزمة على المدى الطويل مع ارتفاع معدلات النمو السكاني بين الملونين.
وكشفت دراسات جديدة، أستندت على النتائج الرسمية لانتخابات التجديد النصفي الأخيرة، أن الديمقراط كانوا ليحصلون على أغلبية كاسحة في أي انتخابات يسمح للملونين فقط بالتصويت فيها.
كل هذه الحقائق تجعل “إغضاب الملونين” مكلفا للغاية بالنسبة للديمقراط.
عاصفة نورثام ضربت حزب الديمقراط قبل أيام فقط من خطاب ترامب حول حالة الاتحاد – وهي مناسبة كان يأمل الديمقراطيون استخدامها للتأكيد على رؤيتهم البديلة لأمريكا.
ويراهن الديمقراط على أن قدرة مرشحهم المقبل على إثارة حماس الناخبين الملونين للتصويت في الانتخابات المقبلة ستكون عاملا حاسما في الإطاحة بالرئيس ترامب، لكن الجدل الدائر حاليًا قد يشكل ضربة قوية لجهودهم.
وكان الديمقراط يخططون لتركيز حملتهم الرئاسية المقبلة على إظهار تناقض حاد مع الرئيس ترامب والحزب الجمهوري على أساس العرق قبل انتخابات 2020.
واستغل الجمهوريون الأزمة، وطالبوا – على نحو متوقع – باستقالة رالف نورثام. وأدان كيفن ماكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، “عدم احترام نورثام الفاضح لكرامة الإنسان والقيم الأمريكية التي نقاتل كل يوم لدعمها”.
فور ظهور الجدل، طالبت قيادات حزب الديمقراط نورثام بالاستقالة.
وسارع مرشحو الرئاسة الأبرز عن حزب الديمقراط، وبينهم كوري بوكر، وكامالا هاريس، وجو بايدن، وإليزابيث وارن، لإدانة الصورة، والدفع باتجاه استقالة نورثام.
كلما طال بقاءه، بات الأمر أكثر صعوبة. لصالح القضية الأكبر يجب أن ينتحى – رئيسة التجمع الوطني الأسود لمشرّعي الدولة غيلدا كوب هنتر
ويعتبر الديمقراط أن ضغوطهم على نورثام ورقة مهمة يمكن أن تصب في صالحهم. على أساس أنهم حاولوا واستهجنوا الفعل ونأوا بأنفسهم عنه. تقول النائبة كارين باس، رئيسة التجمع الأسود في الكونغرس، إن الديمقراط استجابوا فورًا، لكن عضوًا ديموقراطيًا في الكونغرس، تحدث لـ “واشنطن بوست” بشرط عدم الكشف عن هويته، قال إن بقاء نورثام في منصبه سيقوض حملة الديمقراط.