ما هي عاصفة الشمس الجيومغناطيسية؟ ومدى تأثيرها على الإنسان .. أسئلة عديدة تدور في أذهان العديد من الأشخاص في الآونة الأخيرة، وذلك خوفًا من التغيرات التي تنتج عن العواصف الشمسية، والأضرار التي تسببها خاصة في الاتصالات والأقمار الصناعية ومحطات توليد الكهرباء.
عاصفة الشمس الجيومغناطيسية هي هي ما يحدث بعد التوهج الشمسي عندما تصل الطاقة من الشمس إلى الفضاء المحيط بالأرض من خلال الرياح الشمسية، وهي أيضًا عاصفة مغناطيسية تُعرف بأنها فترة اختلاف أو تغير المجال المغناطيسي السريع، والتي يمكن أن تستمر من ساعات إلى أيام.
وتُعرف عاصفة الشمس الجيومغناطيسية بأنها اضطراب في المجال المغناطيسي للأرض يحدث عندما يكون هناك تفاعل كبير للطاقة التي تصدر من الرياح الشمسية وتتجه إلى بيئة الفضاء التي تحيط بكوكب الأرض، مما يؤدي إلى وجود اضطراب مغناطيسي على الأرض.
تحدث عاصفة الشمس الجيومغناطيسية نتيجة سببين رئيسيين، وهما:
أولًا: نتيجة إصدار الشمس موجة قوية من الرياح الشمسية تسمى طرد الكتلة الإكليلية، تؤثر تلك الرياح الشمسية على الجزء الخارجي من المجال المغناطيسي للأرض، مما يولد تيارات كهربائية قريبة من سطح الأرض وبالتالي تولد اختلافات إضافية في المجال المغناطيسي.
ثانيًا: في بعض الأوقات يرتبط المجال المغناطيسي للشمس ارتباطًا مباشرًا بمجال الأرض، مما يتسبب في دخول الجسيمات المشحونة، التي تنتقل على طول خطوط المجال المغناطيسي، إلى الغلاف المغناطيسي وتولد التيارات المتسببة في خضوع المجال المغناطيسي للتغير.
في الحقيقة لا يؤثر المجال المغناطيسي للأرض بشكل مباشر على صحة الإنسان، لكن لاحظ العلماء إصابة البعض بالصداع وخفقان القلب والتقلبات المزاجية خلال فترة العواصف الشمسية، كما يمكن أن يواجه الطيارون ورواد الفضاء على ارتفاعات عالية مستويات أعلى من الإشعاع أثناء العواصف المغناطيسية، وفي هذه الحالة فإنهم يتعرضون لخطر الإشعاع، وليس المجال المغناطيسي نفسه.
في بعض الأوقات قد تصدم الرياح الشمسية الأرض والأقمار الصناعية الموجودة في الغلاف الجوي العلوي للأرض، وبالتالي ستؤثر على نظام (GPS)، والسفر عبر الجو، واستقرار إشارات الموبايل وإشارات التلفاز.
من المعروف أن العواصف الشمسية تعمل على إلغاء تزامن إيقاع الساعة البيولوجية التي تتحكم في أوقات النوم والاستيقاظ لدى البشر، حيث تتأثر الغدد الصنوبرية الموجودة داخل جسم الإنسان بهذا النشاط الكهرومغناطيسي وتنتج زيادة في الميلاتونين، والذي يؤدي إلى اضطرابات النوم.
تختلف أوقات حدوث العواصف الشمسية باختلاف الدورة الشمسية التي تبلغ 11 عامًا، و يمكن أن تتراوح من عدة مرات في اليوم إلى أقل من واحدة كل أسبوع.
عندما يكون هناك عاصفة شمسية فإن حقن الطاقة المغناطيسية والجسيمية يزيد في الغلاف المغناطيسي لكوكب الأرض، وفي هذه الحالة تكون طبقة أيونوسفير F2 غير مستقرة وقد تختفي، وتتأثر مولدات الكهرباء وكذلك إشارات الهواتف وإشارات تحديد المواقع (GPS).
تعد العاصفة الشمسية التي حدثت عام 1859م أحد أقوى العواصف الشمسية على مر التاريخ، وقد أُطلق عليها “عاصفة كارينجتون”، وقد أحدثت تلك العاصفة تأثيرًا كبيرًا على كوكبنا، ويُعتقد أنها العاصفة الأكبر في الخمسمائة عام الماضية، حيث تسببت في حدوث شفق قطبي كبير كان يمكن رؤيته بوضوح من مناطق الجنوب، مثل: بحر الكاريبي، وتسببت تلك العاصفة أيضًا في إحداث خلل في شبكات الاتصالات العالمية آنذاك.
تم رصد عاصفة شمسية قوية مرة أخرى في الفترة ما بين 13 و 15 مايو من عام 1921م، وهي أضخم وأوسع عاصفة تم تسجيلها في القرن العشرين، وقد أطلق عليها “عاصفة 1921 الجيومغناطيسية”، وقد أثرت تلك العاصفة بشكل ملحوظ على الأنظمة الكهربائية في العالم أجمع وخاصة في نيويورك.
وفي الرابع من أغسطس عام 1972م، ضربت عاصفة شمسية كبيرة أخرى الأرض، وتسببت تلك العاصفة في إحداث خلل كبير في الاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي مارس من عام 1989م كان هناك عاصفة شمسية أدت إلى انقطاع الشبكات الكهربائية في كندا بأكملها، واستمر الوضع لمدة تسع ساعات، ويرجع السبب العلمي لهذا الانقطاع إلى التوهج الشمسي الذي أدى إلى تلف أنظمة نقل الطاقة الكهربائية لمحطة توليد الطاقة.
وخلال عام 2000م ضربت عاصفة شمسية جيومغناطيسية أخرى الأرض والتي نتج عنها تدمير الأقمار الصناعية بأكملها، وتعتبر تلك الواقعة هي الأكبر من نوعها منذ حدوث عاصفة كندا عام 1989م، حيث تسببت هي الأخرى في انقطاع التيار اللاسلكي في المناطق المتضررة.
وفي 28 أكتوبر لعام 2003م، حدث انفجار شمسي وانطلقت عاصفة شمسية هائلة، واضطرت وكالة ناسا إلى نقل الأقمار الصناعية لأماكن آمنة لحمايتها من التلف.
أصابت عاصفة شمسية قوية الأرض في الخامس من ديسمبر لعام 2006م، حيث حدث توهج شمسي ضخم أدى إلى تعطيل الاتصالات من الأقمار الصناعية إلى الأرض وإشارات الملاحة في نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لمدة 10 دقائق تقريبًا، كما أدت تلك العاصفة إلى إحداث ضرر في أداة تصوير الأشعة السينية الشمسية على القمر الصناعي GOES 13.
رُصدت آخر عاصفة شمسية على الأرض في 23 يوليو 2012م، وأُطلق عليها “كارينجتون 2012″؛ لأنها قوية ومشابهة لتلك العاصفة التي حدثت عام 1859م.
هناك العديد من أنواع عواصف الشمس الجيومغناطيسية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مايلي:
وهي عبارة عن انبعاث البروتونات من داخل الغلاف الجوي للشمس حتى تصل إلى الغلاف الجوي للأرض.
هو عبارة عن انطلاق للبلازما والمغناطيسية من سطح الشمس، وتتحرك تلك الانبعاثات بواسطة الرياح الشمسية، وهي لا تشكل خطر على كوكب الأرض إلا إذا صدف وكنا على طريقها.
تحدث تلك الظاهرة نتيجة انبعاث البروتونات أو غيرها من الجسيمات المشحونة ذات الطاقة العالية، وذلك بعد تشكلها في مقدمة الكتل الإكليلية الناتجة عن التوهجات الشمسية.
على الرغم من أن الرياح الشمسية أسرع من الرياح على الأرض، حيث تتراوح سرعتها ما بين مليون و 2 مليون ميل في الساعة، إلا إنها ضعيفة جدًا عند مقارنتها برياح الأرض.
صرحت وكالة ناسا بأن مركز التنبؤ بالطقس الفضائي (SWPC) التابع لـ NOAA هو المصدر الرسمي للتنبؤ بحالات الطقس في الفضاء الخارجي وإرسال التنبيهات للبلاد في حالة حدوث عاصفة شمسية.
يتم التنبؤ بالطقس الفضائي ومعرفة احتمالية حدوث أي عاصفة شمسية من خلال التحاليل الشاملة للملاحظات الأرضية والفضائية في وقت واحد؛ حتى تتسنى لهم الفرصة لتقييم الحالة الحالية للبيئة الجيوفيزيائية الشمسية، ثم يقوم المتخصصون بتحليل النمط المتكرر للنشاط الشمسي لمدة 27 يومًا، ومقارنتها بالأنشطة السابقة، وبعد إجراء تلك المقارنات يمكنهم التنبؤ بالطقس الفضائي على فترات زمنية تتراوح ما بين ساعات وأسابيع.