عددهم ليس مؤكدًا.. اللجنة الحقوقية الأمية قدرت مسلمي الأويغور المحتجزين في معسكرات إعادة تأهيل في إقليم شينجيانغ، أقصى شمال غرب الصين، بمليون شخص في أغسطس/ آب الماضي.
واشنطن تقدر عددهم بما بين 800 ألف إلى مليونين، بحسب شهادة سكوت بوسبي، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل أمام مجلس الشيوخ، الثلاثاء الماضي.
المسؤولون الصينيون يصفون التقديرات الغربية بالمخيفة والمبالغ بها، دون تقديم أعداد بديلة.
معظم المعتقلين لا يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم محددة، ولا تملك عائلاتهم أية معلومات حول أماكن احتجازهم.
“الهدف الواضح هو إجبار المعتقلين على نبذ الإسلام والانضمام لصفوف الحزب الشيوعي الصيني”، بحسب بوسبي.
احتجاز مواطنين في مراكز التأهيل ممارسة شيوعية معروفة طبقتها الصين من قبل، كما طبقتها فيتنام بعد انتصار الشيوعيين في فيتنام الشمالية على حكومة سايجون.
الأويغور أقلية عرقية مسلمة من أصول تركية، يقدر عددهم بنحو 12 مليون نسمة، يشكل نحو 45% من سكان شينغيانغ “تركستان الشرقية بحسب تسمية مواطنيها”.
وأعلن الأويغور استقلالهم عن الصين لفترة وجيزة في أوائل القرن العشرين، قبل أن تخضع المنطقة بالكامل لسيطرة الصين الشيوعية في 1949، حيث تتمتع بالحكم الذاتي.
تقول الصين إن الأويغور متطرفون شكلوا ميليشيات مسلحة للقيام بأعمال عنف، تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني، وإعلان دولة مستقلة.
ولقي نحو 200 شخص من أقلية الأويغور مصرعهم في أعمال عنف شهدتها عاصمة الإقليم في يوليو / تموز 2009.
تعامل الحكومة مع الأويغور سار باتجاهين:
فرض قيود صارمة على الممارسات الدينية منذ مطلع أبريل/ نيسان 2017 ، وبينها:
إلزام الموظفين بمنع دخول النساء اللائي يغطين أجسامهن كاملة، بما في ذلك وجوههن، وإبلاغ الشرطة عنهن.
إجبار الأهالي على إلحاق أبنائهم بالمدارس الحكومية، والامتثال لسياسات تنظيم الأسرة، وتوثيق الزواج حكوميًا.
تقارير – تستند على مصادر أويغورية في المنفى – قالت إن السلطات الصينية أمرت أقلية الأويغور منذ سبتمبر/ أيلول الماضي بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة وغيرها من المتعلقات الدينية.
شن “حملة ضد التطرف”، تشمل منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب، ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي.
رصد استثمارات ضخمة لإطلاق مشروعات الصناعة والطاقة.
والأسبوع الماضي، مررت الصين قانونًا جديدًا يجعل الإسلام “متوافقًا مع الاشتراكية”.
التقارير شحيحة، لكنها تتحدث عن شبكة واسعة من معسكرات الاحتجاز والمجمعات والمصانع المحاطة بأسلاك شائكة، تقول تقارير إنها تضم أكثر من عُشر سكان الأويغور.
وتقول الولايات المتحدة إن المعسكرات بدأت منذ أبريل/ نيسان 2017، بالتزامن مع القيود الدينية الصارمة التي فرضتها حكومة بكين.
وفي شهادة أمام الكونغرس، الأسبوع الماضي، قالت سيدة أويغورية كانت محتجزة في معسكر إعادة تأهيل، إنها تعرضت للتعذيب أثناء الاستجواب، وإن أحد أطفالها توفي أثناء الاحتجاز.
السيدة أضافت أن “الحياة خارج معسكرات الاعتقال ليست أفضل كثيرًا”، حيث تدير الشرطة المسلحة نقاط تفتيش في مداخل الأحياء، وتجبر الأهالي على السماح لمسؤولين محليين بالإقامة في منازلهم لفترات طويلة، بجانب إغلاق آلاف المساجد، وتحويل بعضها لمراكز دعاية شيوعية.
وتقول واشنطن بوست إن المحتجزين يجبرون على التخلي عن الدين الإسلامي واللغة الأويغورية، وحفظ الأحرف الصينية والأغاني الدعائية، والعمل القسري، بخلاف فصل آلاف الأطفال عن والديهم، وإيداعهم في شبكة منفصلة من دور الأيتام.
ويجبر المعتقلون على حياكة ملابس للتصدير إلى شركة ملابس رياضية أمريكية.
وكشفت تقارير حديثة أن عدد مراكز الاحتجاز يبلغ 28، وأنها توسعت بأكثر من مليوني متر مربع منذ بداية 2018.
فتح نواب جمهوريون وديمقراط الملف في رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيف منوتشين، أواخر أغسطس/ آب 2018، مطالبين بإجراءات صارمة ضد المسؤولين الصينيين المتورطين ضد الأويغور.
وفي سبتمبر/ أيلول 2018، لوح بومبيو بملف مسلمي الأويغور على جبهتين:
حذر الصين من محاولات القضاء على معتقدات الأويغور، وأبدى استعداده للتفكير في فرض عقوبات.
ندد بصمت إيران على انتهاكات الصين، أكبر مشتري النفط الإيراني.
في محاولة للرد على التقارير – التي وصفتها بالمزيفة – اصطحب مسؤولون صينيون، صحفيين أجانب، إلى ثلاث منشآت في شينجيانغ، حيث يتلقى السكان المحليون “تدريبًا مهنيًا”.
وتعيد الصين تسمية معسكرات الاعتقال بـ “مراكز تدريب المهني لإنقاذ الأقليات الريفية الجاهلة والمتخلفة والفقيرة”، وتصف الإجراءات بالضرورية لكبح التطرف الإسلامي بين الأويغور.
وفي الأيام الأخيرة، رتبت الصين زيارة مماثلة لدبلوماسيين من 12 دولة غير غربية ، بما في ذلك روسيا وإندونيسيا والهند وتايلاند وكازاخستان.
ويصف المتحدثون الصينيون المحتجزين بأنهم إرهابيون حقيقيون أو محتملون.
وفي تقرير لنيويورك تايمز، نشرت الصحيفة قائمة تشمل عشرات المثقفين، بينهم شعراء وأساتذة جامعات وعلماء وصحفيون محتجزون في مراكز “التدريب المهني”، كما نشرت واشنطن بوست تقارير عن موالين للدولة جرى احتجازهم أيضًا.
ونقلت رويترز عن مسؤولين صينيين، هذا الشهر، أن الحكومة لن تتراجع عن “برنامج ناجح لنزع التطرف في شينجيانغ”، لكنها سترسل أعدادًا أقل إلى المعسكرات.
قبل 10 سنوات، حينما كان رئيسًا للوزراء، انتقد رجب طيب أردوغان “الإبادة الجماعية” التي ارتكبتها الصين ضد الأويغور خلال أعمال العنف في 2009.
واستضافت تركيا مئات الأويغور في 2015، بعدما فروا إلى تايلاند، رغم مطالبات بكين بإعادتهم.
الموقف تغير في أغسطس/ آب 2017، حيث تعهدت أنقرة بمنع كل نشاط معادٍ للصين تقوم به قوات صينية معارضة على الأراضي التركية، في إشارة إلى أقلية الأويغور، ومنع نشر أخبار صحفية ضد بكين.
وتعهد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بالعمل مع الصين لمحاربة “الإرهاب”، معتبرًا أن “الأمن الصيني بمثابة أمن بلدنا”.
العام الماضي، تحدث أردوغان بحذر، معتبرًا أن الصين ربما كانت “ضحية لفبركات إعلامية”.
واشنطن بوست تربط التحول في موقف أردوغان بضخ استثمارات صينية كبيرة لإنعاش الاقتصاد التركي المتعثر.